Print Page Options
Previous Prev Day Next DayNext

Bible in 90 Days

An intensive Bible reading plan that walks through the entire Bible in 90 days.
Duration: 88 days
Arabic Bible: Easy-to-Read Version (ERV-AR)
Version
ﺗﻜﻮﻳﻦ 28:20-40:11

20 وَنَذَرَ يَعْقُوبُ نَذْرًا فَقَالَ: «إنْ كَانَ اللهُ مَعِي، وَإنْ حَمَانِي فِي رِحلَتِي هَذِهِ، وَأعطَانِي طَعَامًا لِآكُلَ وَثِيَابًا لِألبَسَ. 21 وَإنْ أرجَعَنِي بِأمَانٍ إلَى أهْلِي، فَإنَّ يهوه[a] سَيَكُونُ هُوَ إلَهِي. 22 وَسَأجْعَلُ هَذَا الحَجَرَ الَّذِي أقَمْتُهُ نَصَبًا تَذْكَاريًّا يَكُونُ بَيْتَ اللهِ. وَسَأُعْطِي اللهَ عُشْرَ كُلِّ شَيءٍ يُعطِينِي.»

لِقَاءُ يَعْقُوبَ وَرَاحِيل

29 ثُمَّ وَاصَلَ يَعْقُوبُ رِحلَتَهُ، وَوَصَلَ إلَى أرْضِ أهْلِ المَشْرِقِ. فَتَطَلَّعَ حَوْلَهُ، فَرَأى بِئْرًا فِي الحَقْلِ. وَرَأى ثَلَاثَةَ قُطْعَانٍ مِنَ المَاشِيَةِ رَابِضَةً عِنْدَهَا، تَنْتَظِرُ أنْ تُسْقَى مِنَ المَاءِ. فَقَدْ كَانَ هُنَاكَ حَجَرٌ ضَخْمٌ عَلَى فَتْحَةِ البِئْرِ. وَلَمَّا كَانَتْ تُجمَعُ كُلُّ القُطْعَانِ هُنَاكَ، كَانَ يُدَحرَجُ الحَجَرُ عَنْ فَتْحَةِ البِئْرِ، فَتُسْقَى الأغْنَامُ. وَبَعْدَ ذَلِكَ كَانُوا يُعِيدُونَ الحَجَرَ إلَى مَكَانِهِ فَوْقَ فَتْحَةِ البِئْرِ.

فَقَالَ لَهُمْ يَعْقُوبُ: «مِنْ أيْنَ أنْتُمْ، أيُّهَا الإخْوَةُ؟»

أجَابُوا: «نَحْنُ مِنْ حَارَانَ.»

فَقَالَ لَهُمْ يَعْقُوبُ: «هَلْ تَعْرِفُونَ لَابَانَ بْنَ نَاحُورَ؟» فَقَالُوا: «نَعَمْ، نَعْرِفُهُ.»

فَقَالَ لَهُمْ: «أهُوَ بِخَيرٍ؟» فَقَالُوا: «نَعَمْ، بِخَيرٍ. وَهَا هِيَ ابْنَتُهُ رَاحِيلُ قَادِمَةٌ مَعَ الغَنَمِ!»

ثُمَّ قَالَ: «انْظُرُوا، مَا زَالَ الوَقْتُ نَهَارًا. وَلَمْ يَحِنْ بَعْدُ وَقْتُ جَمْعِ المَاشِيَةِ لِلمَبِيتِ. فَاسْقُوا الغَنَمَ. وَعُودُوا بِهَا إلَى المَرْعَى.»

فَقَالُوا: «لَا نَقدِرُ أنْ نَفْعَلَ هَذَا حَتَّى تُجمَعَ كُلُّ القُطعَانِ. وَبَعْدَ ذَلِكَ سَنُدَحرِجُ الحَجَرَ عَنْ فَتْحَةِ البِئْرِ وَنَسْقِي الغَنَمَ.» وَبَيْنَمَا كَانَ لَا يَزَالُ يَتَحَدَّثُ مَعَهُمْ، وَصَلَتْ رَاحِيلُ مَعَ غَنَمِ أبِيهَا، فَقَدْ كَانَتْ تَرْعَى الغَنَمَ. 10 رَأى يَعْقُوبُ رَاحِيلَ بِنْتَ لَابَانَ خَالِهِ، وَقَطِيعَ لَابَانَ. فَاقْتَرَبَ يَعْقُوبُ وَدَحرَجَ الحَجَرَ عَنْ فَمِ البِئْرِ وَسَقَى قَطِيعَ خَالِهِ لَابَانَ. 11 ثُمَّ قَبَّلَ يَعْقُوبُ رَاحِيلَ، وَأخَذَ يَبْكِي بِصَوْتٍ عَالٍ. 12 ثُمَّ أخبَرَ يَعْقُوبُ رَاحِيلَ بِأنَّ أبَاهَا قَرِيبٌ لَهُ. وَأخبَرَهَا بِأنَّهُ ابْنُ رِفْقَةَ.

13 فَلَمَّا سَمِعَ لَابَانُ عَنْ ابْنِ أُختِهِ يَعْقُوبَ، رَكَضَ لِمُلَاقَاتِهِ، وَعَانَقَهُ وَقَبَّلَهُ، وَأتَى بِهِ إلَى بَيْتِهِ. ثُمَّ أخبَرَ يَعْقُوبُ لَابَانَ عَنْ كُلِّ مَا حَصَلَ.

14 فَقَالَ لَهُ لَابَانُ: «أنْتَ مِنْ دَمِي وَلَحْمِي حَقًّا!» وَبَقِيَ يَعْقُوبُ عِنْدَهُ شَهْرًا كَامِلًا.

لَابَانُ يَخْدَعُ يَعْقُوب

15 ثُمَّ قَالَ لَابَانُ لِيَعْقُوبَ: «لَا يُعقَلُ أنْ تَخْدِمَنِي مَجَّانًا لِأنَّكَ قَرِيبِي. فَأخبِرْنِي مَاذَا تُرِيدُ أنْ يَكُونَ أجرُكَ.»

16 وَكَانَ لِلَابَانَ ابْنَتَانِ، اسْمُ الكُبْرَى لَيئَةُ، وَاسْمُ الصُّغرَى رَاحِيلُ.

17 وَكَانَتْ عَينَا لَيئَةَ رَقيِقَتَينِ،[b] أمَّا رَاحِيلُ فَكَانَتْ رَائِعَةَ القَوَامِ وَجَمِيلَةَ الشَّكلِ. 18 وَكَانَ يَعْقُوبُ يُحِبُّ رَاحِيلَ، فَقَالَ: «سَأخدِمُكَ سَبْعَ سَنَوَاتٍ مُقَابِلَ أنْ تُزَوِّجَنِي مِنِ ابْنَتِكَ رَاحِيلَ.»

19 فَقَالَ لَابَانُ: «أنْ أُعْطِيَهَا لَكَ أفْضَلُ لِي مِنْ أنْ أُعْطِيَهَا لِرَجُلٍ آخَرَ. فَابْقَ مَعِي.»

20 فَخَدَمَ يَعْقُوبُ سَبْعَ سَنَوَاتٍ مِنْ أجْلِ رَاحِيلَ. لَكِنَّهَا بَدَتْ فِي عَيْنَيْهِ أيَّامًا قَلِيلَةً بِسَبَبِ حُبِّهِ لَهَا.

21 فَقَالَ يَعْقُوبُ لِلَابَانَ: «لَقَدْ أنهَيتُ سَنَوَاتِ خِدْمَتِي الَّتِي طَلَبْتَهَا مِنِّي، فَأعْطِنِي زَوْجَتِي فَأُعَاشِرَهَا.»

22 فَجَمَعَ لَابَانُ كُلَّ أهْلِ المِنْطَقَةِ، وَأقَامَ وَلِيمَةَ عُرْسٍ. 23 وَفِي المَسَاءِ أخَذَ لَابَانُ ابْنَتَهُ لَيئَةَ وَأحضَرَهَا لِيَعْقُوبَ، فَعَاشَرَهَا. 24 وَأعْطَى لَابَانُ خَادِمَتَهُ زِلْفَةَ لِابْنَتِهِ لَيئَةَ لِتَكُونَ خَادِمَةً لَهَا. 25 وَفِي الصَّبَاحِ اكتَشَفَ يَعْقُوبُ أنَّ المَرْأةَ الَّتِي عَاشَرَهَا هِيَ لَيئَةُ. فَقَالَ لِلَابَانَ: «مَا هَذَا الَّذِي فَعَلْتَهُ بِي؟ أمَا خَدَمْتُكَ سَبْعَ سَنَوَاتٍ مِنْ أجْلِ رَاحِيلَ؟ فَلِمَاذَا خَدَعْتَنِي؟»

26 فَقَالَ لَابَانُ: «لَيسَ مِنْ عَادَتِنَا فِي هَذِهِ البِلَادِ أنْ نُزَوِّجَ البِنْتَ الصُّغْرَى قَبْلَ الكُبْرَى. 27 فَأكْمِلْ أُسْبُوعَ احتِفَالَاتِ الزَّوَاجِ مَعَ الكُبْرَى. وَأنَا أعِدُ بِأنْ أُزَوِّجَكَ الصُّغرَى أيْضًا إذَا خَدَمْتَنِي سَبْعَ سَنَوَاتٍ أُخْرَى.»

28 وَهَكَذَا فَعَلَ يَعْقُوبُ. إذْ أكمَلَ أُسْبُوعَ احتِفَالَاتِ الزَّوَاجِ مَعَ الكُبْرَى. وَبَعْدَ هَذَا زَوَّجَهُ لَابَانُ مِنِ ابْنَتِهِ رَاحِيلَ. 29 وَأعْطَى لَابَانُ خَادِمَتَهُ بِلْهَةَ لِابْنَتِهِ رَاحِيلَ لِتَكُونَ خَادِمَةً لَهَا. 30 فَعَاشَرَ يَعْقُوبُ رَاحِيلَ أيْضًا. وَأحَبَّ رَاحِيلَ أكْثَرَ مِنْ لَيئَةَ. وَاشْتَغَلَ عِنْدَ لَابَانَ سَبْعَ سَنَوَاتٍ أُخْرَى.

نُمُوُّ عَائِلةِ يَعْقُوب

31 وَرَأى اللهُ أنَّ لَيئَةَ كَانَتْ مَكْرُوهَةً، فَمَكَّنَهَا مِنَ الإنجَابِ. أمَّا رَاحِيلُ فَكَانَتْ عَاقِرًا.

32 وَحَبِلَتْ لَيئَةُ وَوَلَدَتِ ابْنًا سَمَّتْهُ رَأُوبَيْنَ،[c] فَقَدْ قَالَتْ: «رَأى اللهُ مَذَلَّتِي. وَالْآنَ لَا بُدَّ أنْ يُحِبَّنِي زَوْجِي!»

33 ثُمَّ حَبِلَتْ لَيئَةُ ثَانِيَةً وَوَلَدَتِ ابْنًا، فَقَالَتْ: «لَقَدْ أعطَانِي اللهُ هَذَا الوَلَدَ لِأنَّهُ سَمِعَ أنِّي مَكْرُوهَةٌ.» فَسَمَّتْهُ شِمْعُونَ.[d]

34 وَحَبِلَتْ لَيئَةُ مَرَّةً أُخْرَى وَوَلَدَتِ ابْنًا، فَقَالَتْ: «لَا بُدَّ أنَّ زَوْجِي سَيَتَعَلَّقُ بِي هَذِهِ المَرَّةَ، لِأنِّي أنجَبْتُ لَهُ ثَلَاثَةَ أبْنَاءٍ.» وَلِهَذَا سَمَّتْهُ لَاوِيَ.[e]

35 وَحَبِلَتْ لَيئَةُ مَرَّةً أُخْرَى وَوَلَدَتِ ابْنًا، فَقَالَتْ: «هَذِهِ المَرَّةَ سَأُسَبِّحُ اللهَ.» وَسَمَّتْهُ يَهُوذَا.[f] ثُمَّ تَوَقَّفَتْ عَنِ الإنْجَابِ.

30 وَلَمَّا رَأتْ رَاحِيلُ أنَّهَا لَا تُنجِبُ أبْنَاءً لِيَعْقُوبَ، غَارَتْ مِنْ أُختِهَا. فَقَالَتْ لِيَعْقُوبَ: «أعْطِنِي أبْنَاءَ، وَإلَّا مِتُّ!»

فَغَضِبَ يَعْقُوبُ مِنْ رَاحِيلَ. وَقَالَ لَهَا: «أأنَا اللهُ الَّذِي مَنَعَ عَنْكِ الإنْجَابَ؟»

فَقَالَتْ رَاحِيلُ: «هَا خَادِمَتِي بِلْهَةُ أمَامَكَ. فَعَاشِرْهَا لِكَي تَلِدَ لِي ابْنًا،[g] فَيَكُونَ لِي عَائِلَةٌ مِنْهَا.»

فَزَوَّجَتْهُ رَاحِيلُ مِنْ خَادِمَتِهَا بِلْهَةَ، فَعَاشَرَهَا. فَحَبِلَتْ بِلْهَةُ وَوَلَدَتْ لِيَعْقُوبَ ابْنًا.

فَقَالَتْ رَاحِيلُ: «لَقَدْ سَمِعَ اللهُ صَلَاتِي وَأنصَفَنِي إذْ رَزَقَنِي بِوَلَدٍ.» وَلِهَذَا سَمَّتْهُ رَاحِيلُ دَانًا.[h]

وَحَبِلَتْ بِلْهَةُ، خَادِمَةُ رَاحِيلَ، مَرَّةً أُخْرَى وَوَلَدَتْ ابْنًا ثَانِيًا. فَقَالَتْ رَاحِيلُ: «جَاهَدْتُ ضِدَّ أُختِي جِهَادًا عَظِيمًا، وَفُزْتُ.» فَسَمَّتْهُ رَاحِيلُ نَفْتَالِي.[i]

وَرَأتْ لَيئَةُ أنَّهَا لَمْ تَعُدْ تُنجِبُ. فَأخَذَتْ خَادِمَتَهَا زِلْفَةَ وَزَوَّجَتْهَا مِنْ يَعْقُوبَ. 10 فَأنْجَبَتْ زِلْفَةُ، خَادِمَةُ لَيئَةَ، لِيَعْقُوبَ ابْنًا، 11 فَقَالَتْ لَيئَةُ: «يَا لِسَعْدِي!» فَسَمَّتْهُ جَادًا.[j] 12 ثُمَّ أنْجَبَتْ خَادِمَةُ لَيئَةَ ابْنًا ثَانِيًا. 13 وَقَالَتْ لَيئَةُ: «هَنِيئًا لِي، لِأنَّ الفَتَيَاتِ ستُبَارِكُ لِي.» فَأسْمَتْهُ أشِيرَ.[k]

14 وَفِي أيَّامِ حَصَادِ القَمْحِ، خَرَجَ رَأُوبَينُ فَوَجَدَ بَعْضَ اللُّفَّاحِ[l] فِي الحَقْلِ. فَأحْضَرَهُ إلَى أُمِّهِ لَيئَةَ. فَقَالَتْ رَاحِيلُ لِلَيئَةَ: «أعْطِينِي مِنْ فَضْلِكِ بَعْضًا مِنَ اللُّفَّاحِ الَّذِي جَلَبَهُ ابْنُكِ.»

15 لَكِنَّ لَيئَةَ قَالَتْ لَهَا: «ألَمْ يَكْفِكِ أنَّكِ أخَذْتِ زَوْجِي مِنِّي؟ فَهَلْ تُرِيدِينَ أنْ تَأْخُذِي لُفَّاحَ ابْنِي أيْضًا؟»

فَقَالَتْ رَاحِيلُ: «إذًا لِيُعَاشِرْكِ يَعْقُوبُ هَذِهِ اللَّيلَةَ مُقَابِلَ لُفَّاحِ ابْنِكِ.»

16 وَلَمَّا رَجِعَ يَعْقُوبُ مِنَ الحَقْلِ فِي المَسَاءِ، خَرَجَتْ لَيئَةُ لِلِقَائِهِ. وَقَالَتْ: «سَتَنَامُ عِندِي اللَّيلَةَ، لِأنِّي دَفَعْتُ مُقَابِلَ ذَلِكَ لُفَّاحَ ابْنِي.» فَعَاشَرَهَا يَعْقُوبُ فِي تِلْكَ اللَّيلَةِ.

17 وَاسْتَجَابَ اللهُ لِصَلَاةِ لَيئَةَ، فَحَبِلَتْ وَأنْجَبَتْ ابْنًا خَامِسًا لِيَعْقُوبَ. 18 فَقَالَتْ لَيئَةُ: «أعطَانِي اللهُ مُكَافَأتِي، لِأنِّي أعْطَيْتُ خَادِمَتِي زَوْجَةً لِزَوْجِي.» فَسَمَّتْهُ يَسَّاكَرَ.[m]

19 وَحَبِلَتْ لَيئَةُ مَرَّةً أُخْرَى وَأنْجَبَتْ ابْنًا سَادِسًا لِيَعْقُوبَ.

20 وَقَالَتْ لَيئَةُ: «أعطَانِي اللهُ عَطِيَّةً رَائِعَةً. وَالْآنَ سَيُكرِمُنِي زَوْجِي، لِأنِّي أنجَبْتُ لَهُ ابْنًا سَادِسًا.» فَسَمَّتْهُ زَبُولُونَ.[n] 21 وَأنْجَبَتْ لَيئَةُ فِيمَا بَعْدُ بِنْتًا أسْمَتْهَا دِينَةَ.

22 ثُمَّ تَذَكَّرَ اللهُ رَاحِيلَ وَاسْتَجَابَ لِصَلَاتِهَا. وَمَكَّنَهَا مِنَ الإنجَابِ. 23 فَحَبِلَتْ رَاحِيلُ وَوَلَدَتِ ابْنًا. فَقَالَتْ: «لَقَدْ نَزَعَ اللهُ عَنِّي عَارِي.» 24 وَسَمَّتْهُ يُوسُفَ.[o] وَقَالَتْ: «لَيتَ اللهَ يَزِيدُنِي ابْنًا آخَرَ.»

يَعْقُوبُ يَخْدَعُ لَابَان

25 وَلَمَّا وَلَدَتْ رَاحِيلُ يُوسُفَ، قَالَ يَعْقُوبُ لِلَابَانَ: «اسْمَحْ لِي بِأنْ أعُودَ إلَى بَيْتِي وَأرْضِي. 26 وَاسْمَحْ لِي بِأنْ آخُذَ مَعِي زَوْجَاتِي وَأبْنَائِي. لَقَدْ خَدَمْتُكَ مُقَابِلَهُمْ. ائْذَنْ لِي وَسَأنطَلِقُ. فَأنْتَ تَعْلَمُ كَيفَ خَدَمْتُكَ.»

27 فَقَالَ لَهُ لَابَانُ: «لَيتَكَ تَرْضَى عَنِّي. قَدْ تَفَاءَلْتُ بِالبَرَكَةِ، فَبَارَكَنِي اللهُ بِسَبَبِكَ.» 28 ثُمَّ قَالَ: «قُلْ كَمْ لَكَ عَلَيَّ، وَأنَا سَأدفَعُ لَكَ.»

29 فَقَالَ لَهُ يَعْقُوبُ: «أنْتَ تَعْلَمُ كَيفَ خَدَمْتُكَ وَكَيفَ اعتَنَيتُ بِمَاشِيَتِكَ. 30 فَمَا كَانَ عِنْدَكَ قَبْلَ أنْ آتِيَ كَانَ قَلِيلًا، وَأمَّا الآنَ فَلَدَيكَ كَثِيرٌ. وَقَدْ بَارَكَكَ اللهُ فِي كُلِّ مَا صَنَعَتَ. لَكِنْ مَتَى سَأعمَلُ مِنْ أجْلِ عَائِلَتِي أنَا أيْضًا؟»

31 فَقَالَ لَابَانُ: «مَاذَا تُرِيدُنِي أنْ أُعْطِيَكَ؟»

فَقَالَ يَعْقُوبُ: «لَا أُرِيدُ أنْ تُعطِيَنِي شَيْئًا. لَكِنْ إنْ قَبِلْتَ أنْ تَفْعَلَ هَذَا الأمْرَ مِنْ أجْلِي، فَسَأرْعَى وَأحرُسُ مَوَاشِيَكَ مَرَّةً أُخْرَى. 32 سَأمُرُّ اليَوْمَ بَيْنَ كُلِّ مَاشِيَتِكَ. وَسَأنتَقِي كُلَّ شَاةٍ مُرَقَّطَةٍ وَمُخَطَّطَةٍ، وَكُلَّ حَمَلٍ أسْوَدَ بَيْنَ الحِمْلَانِ. وَكُلَّ مِعْزَاةٍ مُرَقَّطَةٍ وَمُخَطَّطَةٍ. وَهَذَا يَكُونُ أجْرِي. 33 وَسَتَشْهَدُ نَزَاهَتِي عَنِّي فِيمَا بَعْدُ عِنْدَمَا تَتَفَقَّدُ أجْرِي. فَكُلُّ مَا لَيسَ مُخَطَّطًا وَمُرَقَّطًا بَيْنَ المِعزَى، وَكُلُّ مَا لَيسَ أسْوَدَ بَيْنَ الخِرَافِ تَجِدُهُ عِندِي، فَهُوَ يُعتَبَرُ مَسْرُوقًا.»

34 فَقَالَ لَابَانُ: «اتَّفَقْنَا! لِيَتِمَّ الأمْرُ حَسَبَ مَا قُلْتَ.» 35 لَكِنَّ لَابَانَ قَامَ فِي ذَلِكَ اليَوْمِ بِعَزْلِ كُلِّ التُّيُوسِ المُخَطَّطَةِ وَالمُرَقَّطَةِ، وَكُلِّ المَاعِزِ المُخَطَّطَةِ وَالمُرَقَّطَةِ، وَكُلِّ مَا عَلَيْهِ بَيَاضٌ، وَكُلِّ الحِمْلَانِ السَّوْدَاءِ. وَأعْطَاهَا لِأبْنَائِهِ. 36 ثُمَّ أخَذَ هَذِهِ الحَيَوَانَاتِ إلَى مَكَانٍ يَبْعُدُ مَسِيرَةَ ثَلَاثَةِ أيَّامٍ عَنْ يَعْقُوبَ. أمَّا يَعْقُوبُ فَبَقِيَ وَرَعَى مَا تَبَقَّى مِنْ مَوَاشِي لَابَانَ.

37 فَأخَذَ يَعْقُوبُ أغْصَانًا طَرِيَّةً مِنْ أشْجَارِ الحَوْرِ وَاللَّوْزِ وَالدُّلْبِ. وَقَشَّرَهَا لِتَظْهَرَ عَلَيهَا خُطُوطٌ بَيْضَاءَ. 38 ثُمَّ وَضَعَ الأغْصَانَ الَّتِي قَشَّرَهَا أمَامَ القُطْعَانِ عِنْدَ الأحوَاضِ حَيْثُ تَشْرَبُ المَاشِيَةُ. وَكَانَتِ القُطْعَانُ تَتَزَاوَجُ عِنْدَمَا تَأْتِي لِتَشْرَبَ. 39 فَلَمَّا تَزَاوَجَتِ القُطْعَانُ أمَامَ الأغْصَانِ، وَلَدَتْ مَوَاشِي مُخَطَّطَةً وَمُنَقَّطَةً وَمُرَقَّطَةً.

40 وَهَكَذَا زَاوَجَ يَعْقُوبُ الأغْنَامَ، ثُمَّ فَصَلَ الأغْنَامَ المُخَطَّطَةَ مِنَ القَطِيعِ، فَكَثَّرَ بِذَلِكَ قَطِيعَهُ. وَلَمْ يَضَعْ غَنَمَ لَابَانَ مَعَ قَطِيعِهِ. 41 فَلَمَّا كَانَتِ الأغْنَامُ القَوِيَّةُ تَتَزَاوَجُ، كَانَ يَعْقُوبُ يَضَعُ الأغْصَانَ أمَامَهَا فِي أحوَاضِ السِّقَايَةِ، لِكَي تَتَزَاوَجَ أمَامَ الأغْصَانِ. 42 لَكِنَّهُ لَمْ يَكُنْ يَضَعُ الأغْصَانَ أمَامَ الأغْنَامِ الضَّعِيفَةِ فِي القَطِيعِ، فَصَارَتِ مَوَالِيدُ الضَّعِيفَةِ مِنْ نَصِيبِ لَابَانَ، وَمَوَالِيدُ القَوِيَّةِ مِنْ نَصِيبِ يَعْقُوبَ. 43 فَصَارَ يَعْقُوبُ غَنِيًّا جِدًّا. إذْ كَانَتْ لَدَيهِ مَوَاشٍ كَثِيرَةٌ، وَخُدَّامٌ وَخَادِمَاتٌ، وَجِمَالٌ وَحَمِيرٌ.

هُرُوبُ يَعْقُوب

31 وَسَمِعَ يَعْقُوبُ مَا قَالَهُ أبْنَاءُ لَابَانَ: «لَقَدِ اسْتَوْلَى يَعْقُوبُ عَلَى كُلِّ مَا كَانَ لِأبِينَا. وَجَمَعَ كُلَّ ثَرْوَتِهِ مِمَّا كَانَ لِأبِينَا.» وَلَاحَظَ يَعْقُوبُ أنَّ نَظْرَةَ لَابَانَ إلَيْهِ لَمْ تَعُدْ كَمَا كَانَتْ فِي السَّابِقِ. فَقَالَ اللهُ لِيَعْقُوبَ: «عُدْ إلَى أرْضِ آبَائِكَ وَأهْلِكَ. وَسَأكُونُ مَعَكَ.»

فَأرْسَلَ يَعْقُوبُ فِي طَلَبِ رَاحِيلَ وَلَيئَةَ وَدَعَاهُمَا إلَى الحَقْلِ حَيْثُ قُطْعَانُهُ. وَقَالَ لَهُمَا: «لَاحَظْتُ أنَّ نَظْرَةَ أبِيكُمَا إلَيَّ لَمْ تَعُدْ كَمَا فِي السَّابِقِ. وَلَكِنَّ إلَهَ أبِي كَانَ وَمَا يَزَالُ مَعِي. أنْتُمَا تَعْرِفَانِ أنِّي خَدَمْتُ أبَاكُمَا بِكُلِّ قُوَّتِي، وَهُوَ غَشَّنِي وَغَيَّرَ أجْرِي عَشْرَ مَرَّاتٍ. لَكِنَّ اللهَ لَمْ يَسْمَحْ لَهُ بِأنْ يُؤذِيَنِي.

«فَإنْ قَالَ لَابَانُ: ‹المَوَاشِي المُرَقَّطَةُ سَتَكُونُ أجرَكَ،› حِينَئِذٍ، كَانَتْ كُلُّ القُطْعَانِ تَلِدُ صِغَارًا مُرَقَّطَةً. وَإنْ قَالَ: ‹المَوَاشِي المُخَطَّطَةُ سَتَكُونُ أجرَكَ.› حِينَئِذٍ، كَانَتْ كُلُّ القُطْعَانِ تَلِدُ صِغَارًا مُخَطَّطَةً. فَنَزَعَ اللهُ مَوَاشِي أبِيكُمَا وَأعْطَاهَا لِي.

10 «وَفِي وَقْتِ تَزَاوُجِ القَطِيعِ، رَفَعْتُ نَظَرِي وَرَأيْتُ حُلْمًا. رَأيْتُ أنَّ التُّيُوسَ الَّتِي كَانَتْ تَتَزَاوَجُ مُخَطَّطَةٌ وَمُنَقَّطَةٌ وَمُرَقَّطَةٌ. 11 ثُمَّ جَاءَ إلَيَّ مَلَاكُ اللهِ فِي حُلْمٍ وَقَالَ: ‹يَا يَعْقُوبُ!›

«فَقُلْتُ: ‹سَمْعًا وَطَاعَةً.›

12 «فَقَالَ المَلَاكُ: ‹ارْفَعْ عَيْنَيْكَ وَانْظُرْ كَيفَ أنَّ كُلَّ التُّيُوسِ المُتَزَاوِجَةِ مُخَطَّطَةٌ وَمُنَقَّطَةٌ وَمُرَقَّطَةٌ. فَقَدْ رَأيْتُ كُلَّ مَا فَعَلَهُ لَابَانُ بِكَ، 13 أنَا إلَهُ بَيْتِ إيلَ حَيْثُ كَرَّسْتَ عَمُودًا وَنَذَرْتَ لِي نَذْرًا. فَالآنَ قُمْ وَاترُكْ هَذَا المَكَانَ وَعُدْ إلَى أرْضِ أهْلِكَ.›»

14 فَأجَابَتْهُ رَاحِيلُ وَلَيئَةُ: «ألَعَلَّ لَنَا نَصِيبًا أوْ مِيرَاثًا فِي بَيْتِ أبِينَا؟ 15 ألَا يَعْتَبِرُنَا غَرِيبَتَينِ؟ فقَدْ بَاعَنَا وَاسْتَوْلَى عَلَى المَهْرِ الَّذِي دُفِعَ فِينَا. 16 فَكُلُّ الثَّرْوَةِ الَّتِي اسْتَعَادَهَا اللهُ مِنْ أبِينَا هِيَ لَنَا وَلِأبْنَائِنَا. فَالآنَ اعْمَلْ كَمَا قَالَ لَكَ اللهُ!»

17 فَاسْتَعَدَّ يَعْقُوبُ وَأركَبَ أبْنَاءَهُ وَزَوْجَاتِهِ الجِمَالَ. 18 وَسَاقَ كُلَّ مَوَاشِيهِ وَكُلَّ مُقتَنَيَاتِهِ. سَاقَ كُلَّ شَيءٍ اقْتَنَاهُ، وَالمَاشِيَةَ الَّتِي حَصَلَ عَلَيهَا فِي فَدَّانَ أرَامَ، لِيَذْهَبَ إلَى أبِيهِ إسْحَاقَ فِي أرْضِ كَنْعَانَ.

19 وَكَانَ لَابَانُ قَدْ ذَهَبَ لِيَجِزَّ الصُّوفَ عَنْ غَنَمِهِ. فَسَرَقَتْ رَاحِيلُ تَمَاثِيلَ أبِيهَا.

20 وَخَدَعَ يَعْقُوبُ لَابَانَ الأرَامِيَّ إذْ لَمْ يُخْبِرْهُ بِرَحِيلِهِ، 21 بَلْ هَرَبَ بِكُلِّ مَا كَانَ لَهُ. وَانطَلَقَ يَعْقُوبُ وَعَبَرَ نَهْرَ الفُرَاتِ، قَاصِدًا أرْضَ جِلْعَادَ الجَبَلِيَّةَ.

22 وَفِي اليَوْمِ الثَّالِثِ أُخْبِرَ لَابَانُ بِأنَّ يَعْقُوبَ قَدْ هَرَبَ. 23 فَأخَذَ لَابَانُ أقْرِبَاءَهُ مَعَهُ وَلَاحَقَهُ مُدَّةَ سَبْعَةِ أيَّامٍ، إلَى أنْ أدرَكَهُ فِي جِلْعَادَ الجَبَلِيَّةِ. 24 وَجَاءَ اللهُ إلَى لَابَانَ الأرَامِيُّ فِي حُلْمٍ فِي تِلْكَ اللَّيلَةِ. وَقَالَ اللهُ لِلَابَانَ: «احتَرِسْ مِنْ أنْ تُهَدِّدَ يَعْقُوبَ بِأيَّةِ كَلِمَةٍ!»

البَحْثُ عَنِ التَّمَاثيلِ المَسْرُوقَة

25 فَأدرَكَ لَابَانُ يَعْقُوبَ. وَنَصَبَ يَعْقُوبُ خَيْمَتَهُ عَلَى الجَبَلِ. وَنَصَبَ لَابَانُ خَيْمَتَهُ فِي جِلْعَادَ الجَبَلِيَّةِ.

26 فَقَالَ لَابَانُ لِيَعْقُوبَ: «مَا هَذَا الَّذِي فَعَلْتَهُ؟ خَدَعْتَنِي وَأخَذْتَ ابْنَتَيَّ كَمَا لَوْ أنَّهُمَا أسِيرَتَا حَرْبٍ. 27 فَلِمَاذَا هَرَبْتَ سِرًّا وَخَدَعْتَنِي وَلَمْ تُخبِرْنِي؟ لَوْ أخبَرْتَنِي لَوَدَّعْتُكَ بِفَرَحٍ وَأغَانٍ وَدُفُوفٍ وَقَيَاثيرَ. 28 لَمْ تَسْمَحْ لِي حَتَّى بِتَقْبِيلِ أحْفَادِي وَبِنْتَيَّ قُبلَةَ الوَدَاعِ، وَكَانَ هَذَا حُمْقًا مِنْكَ. 29 أُقْسِمُ أنِّي كُنْتُ أنوِي إيذَاءَكَ. لَكِنْ ظَهَرَ لِي لَيلَةَ أمْسٍ إلَهُ أبِيكَ، وَقَالَ لِي: ‹احتَرِسْ مِنْ أنْ تُهَدِّدَ يَعْقُوبَ بِأيَّةِ كَلِمَةٍ!› 30 وَالْآنَ أنْتَ غَادَرْتَ لِأنَّكَ اشْتَقْتَ إلَى بَيْتِ أبِيكَ، لَكِنْ لِمَاذَا سَرَقْتَ أوْثَانَ بَيْتِي؟»

31 فَرَدَّ يَعْقُوبُ عَلَى لَابَانَ وَقَالَ: «غَادَرْتُ دُونَ أنْ أُخْبِرَكَ لِأنِّي خِفْتُ أنْ تَأْخُذَ ابْنَتَيكَ مِنِّي. 32 لَكِنْ إنْ وَجَدْتَ أوْثَانَكَ مَعَ أحَدٍ، فَسَيُقْتَلُ، أيًّا كَانَ. وَأنَا أقُولُ لَكَ عَلَى مَسْمَعٍ مِنْ أقْرِبَائِنَا: أشِرْ إلَى أيِّ شَيءٍ مَعِي وَقُلْ إنَّهُ لَكَ، حِينَئِذٍ، يَرْجِعُ إلَيكَ.» لَكِنَّ يَعْقُوبَ لَمْ يَكُنْ يَعْلَمُ أنَّ رَاحِيلَ هِيَ الَّتِي سَرَقَتِ الأوْثَانَ.

33 فَدَخَلَ لَابَانُ إلَى خَيْمَةِ يَعْقُوبَ وَخَيْمَةِ لَيئَةَ وَخَيْمَةِ الخَادِمَتَينِ، لَكِنَّهُ لَمْ يَجِدِ الأوْثَانَ. ثُمَّ دَخَلَ إلَى خَيْمَةِ رَاحِيلَ. 34 وَكَانَتْ رَاحِيلُ قَدْ أخَذَتْ أوْثَانَ البَيْتِ وَوَضَعَتْهَا فِي سَرْجِ الجَمَلِ الَّذِي كَانَتْ تَجْلِسُ عَلَيْهِ. وَفَتَّشَ لَابَانُ الخَيْمَةَ كُلَّهَا فَلَمْ يَجِدِ الأوْثَانَ.

35 فَقَالَتْ رَاحِيلُ لِأبِيهَا: «لَا تَغْضَبْ مِنِّي يَا سَيِّدِي، فَأنَا لَا أسْتَطِيعُ الوُقُوفَ أمَامَكَ. إذْ عَلَيَّ العَادَةُ الشَّهْرِيَّةُ.» فَفَتَّشَ لَابَانُ، لَكِنَّهُ لَمْ يَجِدْ أوْثَانَ بَيْتِهِ.

36 فَغَضِبَ يَعْقُوبُ وَوَبَّخَ لَابَانَ. وَقَالَ لِلَابَانَ: «أيَّةَ جَرِيمَةٍ ارتَكَبْتُ؟ وَمَا هِيَ الإسَاءَةُ الَّتِي أسَأتُ بِهَا إلَيكَ، حَتَّى جِئْتَ تُطَارِدُنِي؟ 37 لَقَدْ فَتَّشْتَ كُلَّ أغرَاضِي. فَهَلْ وَجَدْتَ بَيْنَهَا شَيْئًا مِنْ مُقتَنَيَاتِ بَيْتِكَ؟ إنْ وَجَدْتَهُ، فَضَعْهُ هُنَا أمَامَ أقْرِبَائِي وَأقْرِبَائِكَ. وَلْيَحْكُمُوا بَيْنَنَا. 38 كُنْتُ مَعَكَ عِشْرِينَ عَامًا وَلَمْ تُجهِضْ فِيهَا نِعَاجُكَ وَمِعَازُكَ. وَلَمْ آكُلْ يَوْمًا مِنْ كِبَاشِ قُطْعَانِكَ. 39 وَلَمْ أُحضِرْ لَكَ يَوْمًا رَأسًا مِنْ مَاشِيَتِكَ افتَرَسَتْهُ الوُحُوشُ، بَلْ كُنْتُ أُعَوِّضُ لَكَ الخَسَارَةَ مِنِّي عِنْدَمَا كُنْتَ تَطْلُبُهَا. وَقَدْ تَعَرَّضْتُ لِلسَّلْبِ لَيلًا وَنَهَارًا. 40 عِشْتُ هَكَذَا: كَانَتْ قُوَّتِي تُمْتَصُّ مِنَ الحَرِّ نَهَارًا، وَمِنَ البَرْدِ لَيلًا. وَلَمْ أذُقْ طَعْمَ النَّوْمِ حِرْصًا عَلَى مَوَاشِيكَ. 41 كُنْتُ فِي بَيْتِكَ طَوَالَ هَذِهِ السَّنَوَاتِ العِشْرِينَ أعمَلُ كَعَبْدٍ، أرْبَعَ عَشْرَةَ سَنَةً مُقَابِلَ ابْنَتَيكَ وَسِتَّ سَنَوَاتٍ مُقَابِلَ غَنَمِكَ. وَغَيَّرْتَ أجرِي عَشَرَ مَرَّاتٍ. 42 لَكِنَّ إلَهَ أبِي، إلَهَ إبْرَاهِيمَ، وَمَهَابَةَ إسْحَاقَ،[p] كَانَ مَعِي. وَلَولَا ذَلِكَ لَأرْسَلْتَنِي فَارِغَ اليَدَينِ. رَأى اللهُ ضِيقِي وَتَعَبِي. وَلِهَذَا وَبَّخَكَ اللهُ لَيلَةَ أمْسِ.»

عَهْدُ يَعْقُوبَ وَلَابَان

43 فَأجَابَ لَابَانُ: «هَاتَانِ ابْنَتَايَ، وَهُؤلَاءِ الغِلمَانُ لِي، وَالغَنَمُ غَنَمِي، وَكُلُّ مَا تَرَاهُ هُوَ لِي. لَكِنْ مَاذَا عَسَانِي أفْعَلُ اليَوْمَ بِابْنَتَيَّ وَأوْلَادِهِنَّ؟ 44 فَتَعَالَ وَلْنَقْطَعْ أنَا وَأنْتَ عَهْدًا. وَلْيَكُنْ هَذَا العَهْدُ شَاهِدًا بَيْنِي وَبَيْنَكَ.»

45 فَأخَذَ يَعْقُوبُ حَجَرًا، وَنَصَبَهُ عَمُودًا. 46 ثُمَّ قَالَ يَعْقُوبُ لِأقْرِبَائِهِ: «اجْمَعُوا حِجَارَةً!» فَأخَذُوا حِجَارَةً وَجَعَلُوا مِنْهَا كَوْمَةً. ثُمَّ أكَلُوا مَعًا بِجَانِبِ كَوْمَةِ الحِجَارَةِ. 47 وَسَمَّى لَابَانُ ذَلِكَ المَكَانَ يَجَرْ سَهْدُوثَا.[q] وَسَمَّاهُ يَعْقُوبُ جَلْعِيدَ.[r]

48 فَقَدْ قَالَ لَابَانُ لِيَعْقُوبَ: «كَوْمَةُ الحِجَارَةِ هَذِهِ تَشْهَدُ اليَوْمَ بَيْنِي وَبَيْنَكَ.» لِذَلِكَ دُعِيَ المَوضِعُ جَلْعِيدُ.

49 وَدُعِيَ المَكَانُ أيْضًا مِصْفَاةَ،[s] لِأنَّ لَابَانَ قَالَ: «لِيُرَاقِبِ اللهُ كِلَينَا عِنْدَمَا يَفْتَرِقُ أحَدُنَا عَنِ الآخَرِ، وَيَحْكُمْ بَيْنَنَا. 50 فَلَا تُؤذِ بَنَاتِي، وَلَا تَتَزَوَّجْ عَلَيْهِنَّ. فَاللهُ شَاهِدٌ بَيْنِي وَبَيْنَكَ، حَتَّى لَوْ لَمْ يَكُنْ مَعَنَا أحَدٌ.»

51 وَقَالَ لَابَانُ لِيَعْقُوبَ: «هَا كَوْمَةُ الحِجَارَةِ وَالعَمُودُ بَيْنَنَا. 52 هَذِهِ الكَوْمَةُ شَاهِدَةٌ وَهَذَا العَمُودُ شَاهِدٌ عَلَى أنِّي لَنْ أتَخَطَّى هَذِهِ الكَوْمَةَ إلَيكَ لِإيذَائِكَ، وَأنَّكَ لَنْ تَتَخَطَّى هَذِهِ الكَوْمَةَ وَهَذَا العَمُودَ إلَيَّ لِإيذَائِي. 53 وَلْيَحْكُمْ بَيْنَنَا إلَهُ إبْرَاهِيمَ وَإلَهُ نَاحُورَ.» أيْ إلَهَي آبائِهِمَا.

فَحَلَفَ يَعْقُوبُ بِمَهَابَةِ إسْحَاقَ[t] أبِيهِ. 54 وَقَدَّمَ ذَبِيحَةً عَلَى الجَبَلِ. وَدَعَا أقْرِبَاءَهُ إلَى الطَّعَامِ. فَأكَلُوا وَبَاتُوا لَيلَتَهُمْ عَلَى الجَبَلِ. 55 وَفي الصَّبَاحِ البَاكِرِ، اسْتَيقَظَ لَابَانُ وَقَبَّلَ أحْفَادَهُ وَبَنَاتِهِ وَبَارَكَهُمْ، ثُمَّ عَادَ إلَى بَيْتِهِ.

يَعْقُوبُ يَسْتَعِدُّ لِلِقَاءِ عِيسُو

32 أمَّا يَعْقُوبُ فَوَاصَلَ طَرِيقَهُ وَلَاقَتْهُ مَلَائِكَةُ اللهِ. فَلَمَّا رَآهُمْ يَعْقُوبُ قَالَ: «هَذَا مُعَسْكَرُ اللهِ!» فَسَمَّى ذَلِكَ المَكَانَ مَحَنَايِمَ.[u]

ثُمَّ أرْسَلَ يَعْقُوبُ أمَامَهُ رُسُلًا إلَى أخِيهِ عِيسُو فِي أرْضِ سَعِيرَ، فِي حُقُولِ أدُومَ. وَأوْصَاهُمْ: «قُولُوا لِسَيِّدِي عِيسُو: ‹هَذَا هُوَ مَا يَقُولُهُ يَعْقُوبُ، خَادِمُكَ: تَغَرَّبْتُ عِنْدَ لَابَانَ، وَبَقِيتُ هُنَاكَ إلَى الآنِ. وَعِنْدِي بَقَرٌ وَحَمِيرٌ وَغَنَمٌ، وَخُدَّامٌ وَخَادِمَاتٌ. وَقَدْ أرْسَلْتُ لِأُخْبِرَكَ هَذَا، لَعَلِّي أحظَى بِرِضَاكَ.›»

وَعَادَ الرُّسُلُ إلَى يَعْقُوبَ وَقَالُوا: «لَقَدْ ذَهَبْنَا إلَى أخِيكَ عِيسُو. وَهُوَ أيْضًا قَادِمٌ لِلِقَائِكَ، وَمَعَهُ أرْبَعُ مِئَةِ رَجُلٍ.» فَخَافَ يَعْقُوبُ وَتَضَايَقَ جِدًّا. وَقَسَّمَ جَمَاعَتَهُ الَّذِينَ مَعَهُ وَالغَنَمَ وَالبَقَرَ وَالجِمَالَ إلَى مَجمُوعَتَينِ. إذْ قَالَ فِي نَفْسِهِ: «إذَا هَجَمَ عِيسُو عَلَى المَجمُوعَةِ الأُولَى وَأهْلَكَهَا، سَتَنْجُو الثَّانِيَةُ.»

ثُمَّ صَلَّى يَعْقُوبُ: «يَا إلَهَ أبِي إبْرَاهِيمَ! وَيَا إلَهَ إسْحَاقَ أبِي! أنْتَ قُلْتَ لِي، يَا اللهُ: ‹عُدْ إلَى أهْلِكَ وَإلَى عَائِلَتِكَ، وَأنَا سَأصْنَعُ مَعَكَ خَيرًا.› 10 أنَا لَسْتُ جَدِيرًا بِكُلِّ أعْمَالِ لُطفِكَ وَوَفَائِكَ الَّتِي صَنَعْتَهَا مَعِي أنَا، عَبْدَكَ. عِنْدَمَا عَبَرْتُ نَهْرَ الأُرْدُنِّ لِأوَّلِ مَرَّةٍ، لَمْ تَكُنْ لَدَيَّ إلَّا عَصَاي، وَهَا أنَا أعُودُ بِمُعَسْكَرَينِ. 11 فَخَلِّصْنِي مِنْ يَدِ أخِي عِيسُو. فَأنَا أخشَى أنْ يَأْتِيَ وَيَقْتُلَنِي، وَأنْ يَقْتُلَ حَتَّى الأُمَّهَاتِ مَعَ الأبْنَاءِ. 12 أنْتَ قُلْتَ: ‹سَأصْنَعُ مَعَكَ خَيرًا، وَسَأجْعَلُ نَسْلَكَ بِعَدَدِ رَملِ البَحْرِ، الَّذِي لَا يُحصَى لِكَثْرَتِهِ.›»

13 وَبَاتَ يَعْقُوبُ تِلْكَ اللَّيلَةَ هُنَاكَ. ثُمَّ انتَقَى مِمَّا حَصَلَ عَلَيْهِ هَدِيَّةً لِأخِيهِ عِيسُو: 14 مِئَتَي عَنْزَةٍ، وَعِشْرِينَ تَيسًا، وَمِئَتَي نَعجَةٍ، وَعِشْرِينَ كَبْشًا. 15 ثَلَاثِينَ نَاقَةً مَعَ أوْلَادِهَا، وَأرْبَعِينَ بَقَرَةً وَأرْبَعِينَ ثَوْرًا، وَعِشْرِينَ أتَانًا وَعَشْرَةَ حَمِيرٍ. 16 وَوَضَعَ كُلَّ قَطِيعٍ وَحْدَهُ فِي عُهْدَةِ أحَدِ خُدَّامِهِ. ثُمَّ قَالَ لِخُدَّامِهِ: «اسْبِقُونِي، وَاترُكُوا مَسَافَةً بَيْنَ قَطِيعٍ وَقَطِيعٍ.» 17 وَأوْصَى يَعْقُوبُ خَادِمَهُ الأوَّلَ وَقَالَ لَهُ: «عِنْدَمَا يُلَاقِيكَ أخِي عِيسُو، وَيَسْألُكَ: ‹مَنْ سَيِّدُكَ! وَإلَى أيْنَ أنْتَ ذَاهِبٌ؟ وَلِمَنْ هَذِهِ الحَيَوَانَاتُ الَّتِي أمَامَكَ؟› 18 فَقُلْ لَهُ: ‹إنَّهَا لِعَبْدِكَ يَعْقُوبَ، وَهِيَ هَدِيَّةٌ مُرْسَلَةٌ إلَيكَ، يَا سَيِّدِي عِيسُو. وَهَا هُوَ آتٍ خَلْفِي.›»

19 ثُمَّ أوْصَى يَعْقُوبُ خَادِمَهُ الثَّانِي ثُمَّ الثَّالِثَ وَجَمِيعَ الخُدَّامِ الَّذِينَ كَانُوا يَتْبَعُونَ القُطْعَانَ وَقَالَ لَهُمْ: «قُولُوا الكَلَامَ نَفْسَهُ لِعِيسُو عِنْدَمَا تَجِدُونَهُ. 20 وَقُولُوا لَهُ: ‹هَا هُوَ خَادِمُكَ يَعْقُوبُ آتٍ خَلْفَنَا.›»

فَقَدْ قَالَ يَعْقُوبُ فِي نَفْسِهِ: «سَأسْتَرْضِيهِ بِالهَدِيَّةِ الَّتِي تَسْبِقُنِي. وَسَأرَاهُ فِيمَا بَعْدُ وَجْهًا لِوَجْهٍ. فَحِينَئِذٍ، رُبَّمَا أحظَى بِرِضَاهُ.»

21 فَمَضَتِ الهَدِيَّةُ أمَامَ يَعْقُوبَ. أمَّا يَعْقُوبُ فَأمضَى تِلْكَ اللَّيلَةَ فِي المُخَيَّمِ.

22 وَفِي تِلْكَ اللَّيلَةِ قَامَ وَأخَذَ زَوْجَتَيهِ وَخُدَّامَهُ وَخَادِمَاتِهِ وَعَبَرَ نُهَيرَ يَبُّوقَ، عِنْدَ المَعبَرِ. 23 أخَذَهُمْ وَأرْسَلَهُمْ عَبْرَ الوَادِي، وَأرْسَلَ أيْضًا كُلَّ مَا كَانَ لَهُ.

يَعْقُوبُ يُجَاهِدُ مَعَ الله

24 أمَّا يَعْقُوبُ فَبَقِيَ وَحْدَهُ. وَتَصَارَعَ إنْسَانٌ مَعَهُ هُنَاكَ حَتَّى طُلُوعِ الفَجْرِ. 25 فَلَمَّا رَأى الإنْسَانُ أنَّهُ لَا يَقْدِرُ عَلَى يَعْقُوبَ، ضَرَبَ مِفْصَلَ فَخذِ يَعْقُوبَ فَانخَلَعَ وَهُوَ يُصَارِعُهُ.

26 ثُمَّ قَالَ لِيَعْقُوبَ: «أطلِقْنِي، فَهَا الفَجْرُ يَبْزُغُ.» فَقَالَ يَعْقُوبُ: «لَنْ أُطلِقَكَ حَتَّى تُبَارِكَنِي!»

27 فَقَالَ لِيَعْقُوبَ: «مَا اسْمُكَ؟» فَقَالَ: «اسْمِي يَعْقُوبُ.»

28 فَقَالَ لَهُ: «لَنْ تُدْعَى يَعْقُوبَ فِيمَا بَعْدُ، بَلْ إسْرَائِيلَ.[v] فَأنْتَ جَاهَدْتَ مَعَ اللهِ وَمَعَ النَّاسِ، وَفُزْتَ.»

29 فَسَألَهُ يَعْقُوبُ: «أخبِرْنِي بِاسْمِكَ.» فَقَالَ: «لِمَاذَا تَسألُ عَنِ اسْمِي؟» ثُمَّ بَارَكَهُ هُنَاكَ.

30 وَسَمَّى يَعْقُوبُ المَكَانَ فَنِيئِيلَ.[w] إذْ قَالَ: «لَقَدْ رَأيْتُ اللهَ وَجْهًا لِوَجْهٍ، لَكِنَّهُ أبقَى عَلَى حَيَاتِي.» 31 وَأشْرَقَتِ الشَّمْسُ عَلَيْهِ وَهُوَ مَارٌّ بِفَنِيئِيلَ. وَكَانَ يَعْرُجُ بِسَبَبِ فَخذِهِ. 32 وَلِهَذَا فَإنَّ بَنِي إسْرَائِيلَ لَا يَأْكُلُونَ العَضَلَةَ الَّتِي عَلَى مِفْصَلِ الفَخذِ إلَى هَذَا اليَوْمِ، لِأنَّ يَعْقُوبَ ضُرِبَ عَلَى عَضَلَةِ مِفصَلِ فَخذِهِ.

لِقَاءُ يَعْقُوبَ وَعِيسُو

33 وَرَفَعَ يَعْقُوبُ نَظَرَهُ، فَإذَا بِعِيسُو قَادِمٌ مَعَ أرْبَعِ مِئَةِ رَجُلٍ. فَقَسَّمَ الأطْفَالَ بَيْنَ لَيئَةَ وَرَاحِيلَ وَالخَادِمَتَينِ. فَوَضَعَ الخَادِمَتَينِ وَأبْنَاءَهُنَّ أوَّلًا، ثُمَّ لَيئَةَ وَأبْنَاءَهَا، ثُمَّ رَاحِيلَ وَيُوسُفَ آخِرَ الكُلِّ.

لَكِنَّهُ بَعْدَ ذَلِكَ تَقَدَّمَهُمْ بِنَفْسِهِ، وَانحَنَى إلَى الأرْضِ سَبْعَ مَرَّاتٍ بَيْنَمَا كَانَ يَقْتَرِبُ مِنْ أخِيهِ.

لَكِنَّ عِيسُو رَكَضَ لِمُلَاقَاتِهِ، وَعَانَقَهُ، وَطَوَّقَهُ بِذِرَاعَيهِ، وَقَبَّلَهُ، فَبَكَيَا مَعًا. ثُمَّ رَفَعَ عِيسُو نَظَرَهُ. فَرَأى النِّسَاءَ وَالأطْفَالَ. فَقَالَ: «مَنْ هَؤُلَاءِ الَّذِينَ مَعَكَ؟»

فَقَالَ يَعْقُوبُ: «هَؤُلَاءِ هُمُ الأبْنَاءُ الَّذِينَ أعطَاهُمُ اللهُ لِي، أنَا خَادِمَكَ.»

ثُمَّ اقْتَرَبَتِ الخَادِمَتَانِ وَأبْنَاؤُهُمَا مِنْ عِيسُو وَانْحَنَوْا. ثُمَّ اقْتَرَبَتْ لَيئَةُ وَأبْنَاؤُهَا وَانْحَنَوْا. ثُمَّ اقْتَرَبَ يُوسُفُ وَرَاحِيلُ وَانْحَنَيَا.

فَقَالَ عِيسُو: «مَاذَا قَصَدْتَ بِإرْسَالِكَ كُلَّ هَذِهِ الجَمَاعَةِ الَّتِي قَابَلْتُهَا؟»

فَقَالَ يَعْقُوبُ: «أرَدْتُ أنْ أحْظَى بِرِضَاكَ، يَا سَيِّدِي.»

فَقَالَ عِيسُو: «عِندِي مَا يَكْفِي، يَا أخِي! فَابْقِ مَا لَكَ عِنْدَكَ.»

10 فَقَالَ يَعْقُوبُ: «لَا! إنْ كُنْتَ رَاضِيًا عَنِّي، فَاقْبَلْ هَذِهِ الهَدِيَّةَ مِنْ يَدَيَّ. بَعْدَ أنْ رَضِيتَ عَنِّي صَارَ النَّظَرُ إلَى وَجْهِكَ عِندِي أشْبَهَ بِالنَّظَرِ إلَى وَجْهِ اللهِ. 11 فَاقْبَلِ الهَدِيَّةَ الَّتِي جَلَبْتُهَا لَكَ. فَقَدْ كَانَ اللهُ كَرِيمًا مَعِي، وَأعطَانِي كُلَّ مَا أُرِيدُ.» وَألَحَّ يَعْقُوبُ عَلَى عِيسُو، فَقَبِلَهَا.

12 وَقَالَ عِيسُو: «هَيَّا نَمضِ فِي طَريقِنَا، وَسَأذْهَبُ مَعَكَ.»

13 لَكِنَّ يَعْقُوبَ قَالَ لَهُ: «أنْتَ تَعْلَمُ يَا سَيِّدِي أنَّ الأطْفَالَ تَعِبُونَ، وَأنَّ المَوَاشِي المُرْضِعَةَ مَصْدَرُ قَلَقٍ لِي. فَإذَا أرهَقْتُهَا كَثِيرًا فِي يَوْمٍ وَاحِدٍ، فَسَتَمُوتُ كُلُّهَا. 14 فَاسْبِقْ يَا سَيِّدِي خَادِمَكَ. أمَّا أنَا فَسَأسِيرُ بِبُطءٍ عَلَى سُرْعَةِ البَقَرِ الَّتِي أمَامِي، وَسُرْعَةِ الأطْفَالِ، إلَى أنْ أصِلَ إلَيكَ يَا سَيِّدِي فِي سَعِيرَ.»

15 فَقَالَ عِيسُو: «اسْمَحْ لِي إذًا أنْ أتْرُكَ عِنْدَكَ بَعْضَ الَّذِينَ مَعِي.»

فَقَالَ يَعْقُوبُ: «هَذَا لُطْفٌ لَا أسْتَحِقُّهُ يَا سَيِّدِي.»

16 فَعَادَ عِيسُو فِي ذَلِكَ اليَوْمِ مُتَّجِهًا إلَى سَعِيرَ. 17 أمَّا يَعْقُوبُ فَذَهَبَ إلَى بَلْدَةِ سُكُّوتَ وَبَنَى لِنَفْسِهِ بَيتًا هُنَاكَ. وَصَنَعَ أيْضًا خِيَامًا لِحِمَايَةِ مَوَاشِيهِ. فَدُعِيَ ذَلِكَ المَكَانُ سُكُّوتَ.[x]

18 وَصَلَ يَعْقُوبُ سَالِمًا إلَى مَدِينَةِ شَكِيمَ[y] فِي أرْضِ كَنْعَانَ لَمَّا جَاءَ مِنْ فَدَّانَ أرَامَ وَخَيَّمَ أمَامَ المَدِينَةِ. 19 وَاشْتَرَى يَعْقُوبُ جُزءًا مِنَ الحَقْلِ الَّذِي خَيَّمَ فِيهِ مِنْ أبْنَاءِ حَمُورَ أبِي شَكِيمَ، بِمِئَةِ قِطعَةٍ مِنَ الفِضَّةِ. 20 وَبَنَى مَذْبَحًا هُنَاكَ سَمَّاهُ «إيلَ[z] إلَهَ إسْرَائِيلَ.»

الِاعْتِدَاءُ عَلَى دِينَة

34 وَخَرَجَتْ دِينَةُ ابْنَةُ لَيئَةَ وَيَعْقُوبَ لِتَرَى بَنَاتِ تِلْكَ المِنْطَقَةِ. فَرَآهَا شَكِيمُ بْنُ حَمُورَ، رَئِيسَ تِلْكَ المِنْطَقَةِ، فَأمْسَكَ بِهَا وَاغتَصَبَهَا. لَكِنَّهُ تَعَلَّقَ بِدِينَةَ ابْنَةِ يَعْقُوبَ. أحَبَّ الفَتَاةَ وَكَانَ رَقِيقًا مَعَهَا. فَقَالَ شَكِيمُ لِأبِيهِ حَمُورَ: «زَوِّجْنِي مِنْ هَذِهِ البِنْتِ!»

وَسَمِعَ يَعْقُوبُ أنَّ شَكِيمَ اعتَدَى عَلَى ابْنَتِهِ دِينَةَ. وَكَانَ أبْنَاؤهُ مَعَ المَاشِيَةِ فِي الحَقْلِ، فَانتَظَرَ إلَى أنْ يَأْتُوا. وَخَرَجَ حَمُورُ، أبو شَكِيمَ، إلَى يَعْقُوبَ لِيَتَكَلَّمَ مَعَهُ.

وَفِي هَذَا الوَقْتِ، رَجِعَ أبْنَاءُ يَعْقُوبَ مِنَ الحَقْلِ. فَلَمَّا سَمِعُوا بِمَا حَدَثَ، اشْتَدَّ غَضَبُهُمْ وَسَخَطُهُمْ، إذْ فَعَلَ شَكِيمُ أمْرًا مُشِينًا فِي إسْرَائِيلَ بِاغْتِصَابِ ابْنَةِ يَعْقُوبَ. فَمَا كَانَ يَنْبَغِي لِمِثْلِ هَذَا أنْ يَحْدُثَ.

فَقَالَ حَمُورُ لَهُمْ: «قَدْ تَعَلَّقَ قَلْبُ ابْنِي شَكِيمُ بِابْنَتِكُمْ، فَزَوِّجُوهَا لَهُ. صَاهِرُونَا. زَوِّجُونَا مِنْ بَنَاتِكُمْ، وَتَزَوَّجُوا مِنْ بَنَاتِنَا. 10 وَاسْتَقِرُّوا بَيْنَنَا. فَالأرْضُ مَفْتُوحَةٌ أمَامَكُمْ. اسْتَقِرُّوا وَتَاجِرُوا وَتَمَلَّكُوا أرَاضِيَ فِيهَا.»

11 وَقَالَ شَكِيمُ لِأبِيهَا وَإخوَتِهَا: «اقْبَلُونِي، وَسَأُعْطِيكُمْ مَا تَطْلُبُونَ. 12 ارفَعُوا قِيمَةَ المَهْرِ وَالهَدَايَا بِقَدْرِ مَا شِئْتُمْ، وَسَأُعْطِيكُمْ كُلَّ مَا تَأْمُرُونَنِي بِهِ، لَكِنْ زَوِّجُونِي مِنَ البِنْتِ.»

13 فَأجَابَ أبْنَاءُ يَعْقُوبَ شَكِيمَ وَأبَاهُ حَمُورَ بِطَرِيقَةٍ مَاكِرَةٍ، لِأنَّهُ اعتَدَى عَلَى أُختِهِمْ. 14 قَالُوا لَهُمْ: «لَا نَقْدِرُ أنْ نَفعَلَ هَذَا الأمْرَ. لَا يُمكِنُنَا أنْ نُزَوِّجَ أُختَنَا مِنْ رَجُلٍ غَيرِ مَختُونٍ، فَهَذَا عَارٌ لَنَا. 15 فَلَا نُوافِقَكُمْ عَلَى طَلَبِكُمْ إلَّا بِشَرطٍ، وَهُوَ أنْ تُصبِحُوا مِثْلَنَا بِأنْ تَخْتِنُوا كُلَّ ذَكَرٍ بَيْنَكُمْ. 16 حِينَئِذٍ، سَنُزَوِّجُكُمْ مِنْ بَنَاتِنَا، وَسَنَتَزَوَّجُ مِنْ بَنَاتِكُمْ، وَسَنَسْتَقِرُّ بَيْنَكُمْ، وَنُصْبِحُ شَعْبًا وَاحِدًا. 17 لَكِنْ إذَا لَمْ تَسْتَمِعُوا لَنَا وَتَخْتَتِنُوا، فَسَنَأخُذُ ابْنَتَنَا وَنَرْحَلُ.»

18 فَاسْتَحْسَنَ حَمُورُ وَشَكِيمُ هَذَا الكَلَامَ. 19 وَلَمْ يَتَرَدَّدِ الشَّابُّ فِي فِعلِ مَا طُلِبَ مِنْهُ، لِأنَّهُ فُتِنَ بِابْنَةِ يَعْقُوبَ. وَكَانَ شَكِيمُ ذَا شأنٍ كَبيرٍ فِي بَيْتِ أبِيهِ. 20 فَذَهَبَ حَمُورُ وَابْنُهُ شَكِيمُ إلَى بَوَّابَةِ مَدِينَتِهِمَا. وَقَالَا لِرِجَالِ المَدِينَةِ: 21 «هَؤُلَاءِ الرِّجَالُ طَيِّبُونَ مَعَنَا. فَلْنَدَعْهُمْ يَسْتَقِرُّونَ فِي الأرْضِ وَيُتَاجِرُونَ فِيهَا. فَهَا الأرْضُ تَتَّسِعُ لَهُمْ وَلَنَا. فَلْنَتَزَوَّجْ مِنْ بَنَاتِهِمْ، وَلْنُزَوِّجْهُمْ مِنْ بَنَاتِنَا. 22 غَيْرَ أنَّ لِهَؤُلَاءِ القَوْمِ شَرْطًا لِكَي يَسْتَقِرُّوا بَيْنَنَا، وَيَكُونُوا شَعْبًا وَاحِدًا مَعَنَا. وَهُوَ أنْ يُختَتَنَ كُلُّ ذَكَرٍ مِنَّا مِثْلَهُمْ. 23 سَتَكُونُ قُطْعَانُهُمْ وَأمْلَاكُهُمْ وَجَمِيعُ حَيَوَانَاتِهِمْ لَنَا. لَكِنْ يَنْبَغِي أنْ نُوافِقَ عَلَى شَرْطِهِمْ لِيَسْتَقِرُّوا بَيْنَنَا.»

24 فَوَافَقَ جَمِيعُ أهْلُ المَدِينَةِ حَمُورَ وَابْنَهُ شَكِيمَ عَلَى رَأيِهِمَا. وَاختَتَنَ كُلُّ ذَكَرٍ مِنْ أهْلِ المَدِينَةِ.

25 وَفِي اليَوْمِ الثَّالِثِ كَانَ رِجَالُ المَدِينَةِ فِي ألَمٍ شَدِيدٍ. فَأخَذَ ابْنَا يَعْقُوبَ، شِمْعُونُ وَلَاوِي، أخَوَا دِينَةَ سَيْفَيهِمَا، وَهَاجَمَا أهْلَ المَدِينَةِ السُّقَمَاءَ بِجَسَارَةٍ. وَذَبَحَا كُلَّ ذَكَرٍ فِيهَا. 26 وَقَتَلَا حَمُورَ وَابْنَهُ شَكِيمَ أيْضًا. وَأخَذَا دِينَةَ مِنْ بَيْتِ شَكِيمَ، وَمَضَيَا. 27 وَأتَى أبْنَاءُ يَعْقُوبَ الآخَرُونَ عَلَى جُثَثِ القَتْلَى، وَنَهَبُوا المَدِينَةَ، لِأنَّ شَكِيمَ اعتَدَى عَلَى أُختِهِمْ. 28 وَأخَذُوا مَاشِيَتَهُمْ وَبَقَرَهُمْ وَحَمِيرَهُمْ وَكُلَّ مَا كَانَ فِي المَدِينَةِ وَفِي الحُقُولِ. 29 سَبَوا وَأخَذُوا كُلَّ ثَرْوَتِهِمْ وَنِسَائِهِمْ وَأبْنَائِهِمْ، وَكُلَّ مَا فِي بُيُوتِهِمْ.

30 فَقَالَ يَعْقُوبُ لِشَمْعُونَ وَلَاوِي: «لَقَدْ أزْعَجْتُمَانِي إذْ صِرْتُ مَكرُوهًا بَيْنَ قَاطِنِي هَذِهِ البِلَادِ مِنَ الكَنعَانِيِّينَ وَالفِرِزِّيِّينَ. أنَا وَعَائِلَتِي قِلَّةٌ. لِهَذَا أخشَى أنْ يَجْتَمِعُوا عَلَينَا، وَأنْ يُهَاجِمُونَا، فَيُدَمِّرُونَا أنَا وَأهْلَ بَيْتِي.»

31 فَقَالَا لَهُ: «أكَانَ يُفْتَرَضُ فِينَا أنْ نَرضَى أنْ تُعَامَلَ أُختُنَا كَسَاقِطَةٍ؟»

يَعْقُوبُ فِي بَيْتِ إيل

35 ثُمَّ قَالَ اللهُ لِيَعْقُوبَ: «قُمْ وَاذْهَبْ إلَى بَيْتِ إيلَ وَاسْكُنْ هُنَاكَ. وَابْنِ مَذْبَحًا هُنَاكَ للهِ الَّذِي ظَهَرَ لَكَ وَأنْتَ هَارِبٌ مِنْ وَجْهِ أخِيكَ عِيسُو.»

فَقَالَ يَعْقُوبُ لِأهْلِ بَيْتِهِ وَلِكُلِّ الَّذِينَ كَانُوا مَعْهُ: «تَخَلَّصُوا مِنَ الآلِهَةِ الغَرِيبَةِ الَّتِي لَدَيْكُمْ. وَطَهِّرُوا أنْفُسَكُمْ، وَغَيِّرُوا ثِيَابَكُمْ. فَلْنُغَادِرْ هَذَا المَكَانَ وَنَذْهَبْ إلَى بَيْتِ إيلَ، فَأبنِي هُنَاكَ مَذْبَحًا للهِ الَّذِي استَجَابَ لِي فِي وَقْتِ ضِيقِي، وَرَافَقَنِي فِي الطَّرِيقِ الَّذِي مَضَيتُ فِيهِ.»

فَأعْطَوْا لِيَعْقُوبَ كُلَّ الأوْثَانِ الغَرِيبَةِ الَّتِي كَانَتْ لَدَيهِمْ، وَالأقْرَاطِ الَّتِي كَانَتْ فِي آذَانِهِمْ. فَدَفَنَهَا يَعْقُوبُ تَحْتَ شَجَرَةِ البُطْمِ قُرْبَ شَكِيمَ.

ثُمَّ انطَلَقُوا. وَجَعَلَ اللهُ أهْلَ المُدُنِ حَوْلَهُمْ يَهَابُونَ عَائِلَةَ يَعْقُوبَ. فَلَمْ يُلَاحِقُوا أبْنَاءَ يَعْقُوبَ. فَجَاءَ يَعْقُوبُ وَكُلُّ الَّذِينَ مَعَهُ إلَى لُوزٍ، أيْ بَيْتِ إيلَ فِي أرْضِ كَنْعَانَ. وَبَنَى مَذْبَحًا هُنَاكَ. وَدَعَا المَكَانَ «إلَهَ بَيْتِ إيلَ.» لِأنَّ اللهَ أعْلَنَ لَهُ نَفْسَهُ وَهُوَ هَارِبٌ مِنْ أخِيهِ.

وَمَاتَتْ دَبُّورَةُ، مُرضِعَةُ رِفْقَةَ هُنَاكَ. وَدُفِنَتْ تَحْتَ البَلُّوطَةِ قُرْبَ بَيْتِ إيلَ. وَسَمَّى يَعْقُوبُ ذَلِكَ المَكَانَ «بَلُّوطَةَ الحُزنِ.»

اسْمُ يَعْقُوبَ الجَدِيد

وَفِي طَرِيقِ عَوْدَتِهِ مِنْ فَدَّانَ أرَامَ، ظَهَرَ اللهُ لِيَعْقُوبَ وَبَارَكَهُ 10 وَقَالَ لَهُ: «اسْمُكَ يَعْقُوبُ.[aa] لَكِنَّكَ لَنْ تُدْعَى يَعْقُوبَ فِيمَا بَعْدُ، بَلْ إسْرَائِيلَ.» فَسَمَّاهُ اللهُ «إسْرَائِيلَ.»[ab]

11 وَقَالَ لَهُ: «أنَا اللهُ الجَبَّارُ.[ac] لِيَكُنْ لَكَ أبْنَاءٌ كَثِيرُونَ، وَلْتَزْدَدْ عَدَدًا. سَتَخْرُجُ مِنْكَ أُمَّةٌ، بَلْ جَمَاعَةٌ مِنَ الأُمَمِ. وَسَيَنْحَدِرُ مُلُوكٌ مِنْكَ. 12 وَسَأُعْطِيكَ الأرْضَ الَّتِي أعْطَيْتُهَا لِإبْرَاهِيمَ وَإسْحَاقَ. وَسَأُعْطِيهَا لِنَسْلِكَ مِنْ بَعدِكَ أيْضًا.» 13 ثُمَّ مَضَى عَنْهُ اللهُ فِي المَكَانِ الَّذِي كَلَّمَهُ فِيهِ. 14 فَأقَامَ يَعْقُوبُ نَصَبًا تَذْكَارِيًّا حَجَرِيًّا فِي المَكَانِ الَّذِي كَلَّمَهُ اللهُ فِيهِ، وَكَرَّسَهُ للهِ بِسَكِيبٍ مِنَ النَّبِيذِ وَزَيْتِ الزَّيْتُونِ. 15 وَسَمَّى يَعْقُوبُ المَكَانَ الَّذِي كَلَّمَهُ اللهُ فِيهِ بَيْتَ إيلَ.

مَوْتُ رَاحِيلَ أثْنَاءَ الوِلَادَة

16 ثُمَّ انطَلَقُوا مِنْ بَيْتِ إيلَ. وَقَبْلَ أنْ يَصِلُوا إلَى أفْرَاتَةَ بَدَأتْ رَاحِيلُ تَلِدُ. وَكَانَتْ أوجَاعُ الوِلَادَةِ شَدِيدَةً. 17 فَقَالَتْ لَهَا القَابِلَةُ أثْنَاءَ وِلَادَتِهَا العَسِرَةِ: «لَا تَخَافِي، فَهَذَا ابْنٌ آخَرُ لَكِ.»

18 وَأثنَاءَ نِزَاعِهَا، وَقُبَيلَ مَوْتِهَا، سَمَّتِ ابْنَهَا «بَنْ أُونِي،»[ad] لَكِنَّ أبَاهُ سَمَّاهُ «بَنْيَامِينَ.»[ae]

19 وَمَاتَتْ رَاحِيلُ وَدُفِنَتْ فِي الطَّرِيقِ إلَى أفرَاتَةَ، أيْ بَيْتِ لَحْمٍ. 20 فَأقَامَ يَعْقُوبُ عَمُودًا فَوْقَ قَبْرِهَا وَهُوَ مَعرُوفٌ حَتَّى هَذَا اليَوْمِ بِاسْمِ عَمُودِ قَبْرِ رَاحِيلَ. 21 ثُمَّ تَابَعَ إسْرَائِيلُ ارتِحَالَهُ. وَخَيَّمَ جَنُوبَ بُرجِ عِدْرٍ.

22 وَبَيْنَمَا كَانَ إسْرَائِيلُ سَاكِنًا فِي تِلْكَ المِنْطَقَةِ، ذَهَبَ رَأُوبَينُ وَنَامَ مَعَ بِلْهَةَ، خَادِمَةِ أبِيهِ. فَعَلِمَ إسْرَائِيلُ بِالأمْرِ.

عَائِلَةُ يَعْقُوب

وَكَانَ لِيَعْقُوبَ اثْنَا عَشَرَ ابْنًا.

23 أبْنَاؤُهُ مِنْ لَيئَةَ هُمْ رَأُوبَينُ بِكْرُ يَعْقُوبَ، وَشِمْعُونُ وَلَاوِي وَيَهُوذَا وَيَسَّاكَرُ وَزَبُولُونُ.

24 وَابْنَاهُ مِنْ رَاحِيلَ هُمَا يُوسُفُ وَبَنْيَامِينُ.

25 وَابْنَاهُ مِنْ بِلْهَةَ، خَادِمَةِ رَاحِيلَ، هُمَا دَانٌ وَنَفْتَالِي.

26 وَابْنَاهُ مِنْ زِلْفَةَ، خَادِمَةِ لَيئَةَ، هُمَا جَادٌ وَأشِيرُ.

هَؤُلَاءِ هُمْ أبْنَاءُ يَعْقُوبَ الَّذِينَ أنْجَبَهُمْ فِي فَدَّانَ أرَامَ.

27 وَجَاءَ يَعْقُوبُ إلَى أبِيهِ إسْحَاقَ فِي مَمْرَا، قَرْيَةِ أرْبَعَ، أيْ حَبْرُونَ،[af] حَيْثُ كَانَ إبْرَاهِيمُ وَإسْحَاقُ قَدْ عَاشَا هُنَاكَ.

28 وَعَاشَ إسْحَاقُ مِئَةً وَثَمَانِينَ عَامًا. 29 ثُمَّ لَفَظَ أنفَاسَهُ الأخِيرَةَ وَمَاتَ. وَانْضَمَّ إلَى جَمَاعَتِهِ عَجُوزًا شَبِعَ مِنَ الحَيَاةِ. وَدَفَنَهُ ابْنَاهُ عِيسُو وَيَعْقُوبُ.

عَائِلةُ عِيسُو

36 هَذَا سِجِلُّ نَسْلِ عِيسُو الَّذِي هُوَ أدُومُ.

تَزَوَّجَ عِيسُو أوَّلَ امْرَأتَينِ وَكَانَتَا كَنْعَانِيَّتَينِ. وَهُمَا عَدَا بِنْتُ إيلُونَ الحِثِّيِّ، وَأُهُولِيبَامَةُ بِنْتُ عَنَى بنِ صِبْعُونَ الحِوِّيِّ. ثُمَّ تَزَوَّجَ بَسْمَةَ بِنْتَ إسْمَاعِيلَ، وَأُختَ نَبَايُوتَ. وَكَانَ لِعَدَا وَعِيسُو ابْنٌ اسْمُهُ ألِيفَازُ. وَأنْجَبَتْ بَسْمَةُ رَعُوئِيلَ. وَأنْجَبَتْ أهُولِيبَامَةُ يَعُوشَ وَيَعلَامَ وَقُورَحَ. هَؤُلَاءِ هُمْ أبْنَاءُ عِيسُو الَّذِينَ وُلِدُوا فِي أرْضِ كَنْعَانَ.

ثُمَّ أخَذَ عِيسُو زَوْجَاتِهِ وَبَنِيهِ وَبَنَاتِهِ وَكُلَّ أهْلِ بَيْتِهِ وَمَوَاشِيَهُ وَكُلَّ حَيَوَانَاتِهِ وَكُلَّ أمْلَاكِهِ الَّتِي اقْتَنَاهَا فِي أرْضِ كَنْعَانَ، وَانتَقَلَ إلَى أرْضٍ أُخْرَى بَعِيدًا عَنْ يَعْقُوبَ. إذْ كَانَتْ مُمتَلَكَاتُهُمَا أوْسَعَ مِنْ أنْ يَسْكُنَا مَعًا. وَلَمْ تَتَّسِعِ الأرْضُ الَّتِي كَانَا يَسْكُنَانِ فِيهَا لَهُمَا مَعًا، لِأنَّ مَوَاشِيَهُمَا كَانَتْ كَثِيرَةً جِدًّا. فَاسْتَقَرَّ عِيسُو فِي بِلَادِ سَعِيرَ.[ag] وَعِيسُو هُوَ أدُومُ.

هَذَا سِجِلُّ نَسْلِ عِيسُو، أصْلِ شَعْبِ أدُومَ الَّذِينَ يَعِيشُونَ فِي بِلَادِ سَعِيرَ.[ah]

10 هَؤُلَاءِ هُمْ أبْنَاءُ عِيسُو: ألِيفَازُ، وَهُوَ ابْنُ عِيسُو مِنْ زَوْجَتِهِ عَدَا، وَرَعُوئِيلُ، وَهُوَ ابْنُ عِيسُو مِنْ زَوْجَتِهِ بَسْمَةَ.

11 وَأبْنَاءُ ألِيفَازَ هُمْ تَيمَانُ وَأوْمَارُ وَصَفْوُ وَجَعْثَامُ وَقَنَازُ. 12 وَكَانَتْ تِمْنَاعُ، جَارِيَةً لِألِيفَازَ بْنِ عِيسُو. وَأنْجَبَتْ لِألِيفَازَ ابْنًا اسْمُهُ عَمَالِيقُ. وَهَؤُلَاءِ هُمْ أبْنَاءُ عَدَا زَوْجَةِ عِيسُو.

13 وأبْنَاءُ رَعُوئِيلَ هُمْ نَحَثُ وَزَارَحُ وَشَمَّةُ وَمِزَّةُ.

هَؤُلَاءِ هُمْ أبْنَاءُ بَسْمَةَ زَوْجَةِ عِيسُو.

14 أمَّا أهُولِيبَامَةُ ابْنَةُ عَنَى بْنِ صِبْعُونَ فَقَدْ أنْجَبَتْ لِزَوْجِهَا عِيسُو يَعُوشَ وَيَعلَامَ وَقُورَحَ.

15 وَهَؤُلَاءِ هُمْ رُؤَسَاءُ العَشَائِرِ الَّذِينَ انحَدَرُوا مِنْ عِيسُو: أبْنَاءُ ألِيفَازَ، بِكْرِ عِيسُو، رُؤَسَاءُ تَيمَانَ وَأوْمَارَن وَصَفْوَا وَقَنَازَ 16 وَجَعْثَامَ وَعَمَالِيقَ.

كَانَ هَؤُلَاءِ رُؤَسَاءَ العَشَائِرِ المُتَحَدِّرِينَ مِنْ ألِيفَازَ فِي أرْضِ أدُومَ. وَهُمْ أبْنَاءُ عَدَا.

17 وَهَؤُلَاءِ هُمْ أبْنَاءُ رَعُوئِيلَ بْنِ عِيسُو: رُؤَسَاءُ عَشَائِرِ نَحَثٍ وَزَارَحَ وَشَمَّةَ وَمِزَّةَ. هَؤُلَاءِ هُمْ رُؤَسَاءُ العَشَائِرِ الَّذِينَ انحَدَرُوا مِنْ رَعُوئِيلَ فِي أرْضِ أدُومَ. هَؤُلَاءِ أبْنَاءُ بَسْمَةَ زَوْجَةِ عِيسُو.

18 وَهَؤُلَاءِ هُمْ أبْنَاءُ أُهُولِيبَامَةَ زَوْجَةِ عِيسُو: رُؤَسَاءُ عَشَائِرِ يَعُوشَ وَيَعلَامَ وَقُورَحَ. هَؤُلَاءِ هُمْ رُؤَسَاءُ العَشَائِرِ الَّذِينَ أنْجَبَتْهُمْ زَوْجَةُ عِيسُو أُهُولِيبَامَةُ، ابْنَةُ عَنَى. 19 كَانَ هَؤُلَاءِ مِنْ نَسْلِ عِيسُو، أيْ أدُومَ، وَكَانَ هَؤُلَاءِ رُؤَسَاءَ عَشَائِرِهِمْ.

أبْنَاءُ سَعِير

20 وَهَؤُلَاءِ هُمْ أبْنَاءُ سَعِيرَ الحُورِيِّ الَّذِينَ كَانُوا يَسْكُنُونَ فِي تِلْكَ الأرْضِ:

لُوطَانُ وَشُوبَالُ وَصِبْعُونُ وَعَنَىْ

21 وَدِيشُونُ وَإيصَرُ وَدِيشَانُ. هَؤُلَاءِ هُمْ رُؤَسَاءُ العَشَائِرِ الحُورِيِّونَ، أبْنَاءُ سَعِيرَ فِي أرْضِ أدُومَ.

22 وَابْنَا لُوطَانَ هُمَا حُورِي وَهَيمَامُ. وَكَانَتْ تِمْنَاعُ أُخْتَ لُوطَانَ.

23 وَهَؤُلَاءِ هُمْ أبْنَاءُ شُوبَالَ: عَلْوَانُ وَمَنَاحَةُ وَعَيْبَالُ وَشَفُو وَأُونَامُ.

24 وَابْنَا صِبْعُونَ هُمَا أيَّةُ وَعَنَى. وَعَنَى هُوَ الَّذِي وَجَدَ اليَنَابِيعَ الحَارَّةَ فِي الصَّحْرَاءِ بينَمَا كَانَ يَرْعَى حَمِيرَ أبِيهِ صِبْعُونَ.

25 وَكَانَ لِعَنَى ابْنٌ اسْمُهُ دِيشُونَ، وَابْنَةٌ اسْمُهَا أُهُولِيبَامَةُ.

26 وَأبْنَاءُ دِيشُونَ هُمْ حَمْدَانُ وَأشْبَانُ ويِثْرَانُ وَكَرَانُ.

27 وَأبْنَاءُ إيصَرَ هُمْ بِلْهَانُ وَزَعْوَانُ وَعَقَانُ.

28 وَابْنَا دِيشَانَ هُمَا عُوصٌ وَأرَانُ.

29 وَهَؤُلَاءِ هُمْ رُؤَسَاءُ عَشَائِرِ الحُورِيِّينَ: رُؤَسَاءُ لُوطَانَ وَشُوبَالَ وَصِبْعُونَ وَعَنَى

30 وَدِيشُونَ وَإيصَرَ وَدِيشَانَ. هَؤُلَاءِ هُمْ رُؤَسَاءُ عَشَائِرِ الحُورِيِّينَ فِي أرْضِ سَعِيرَ.

مُلُوكُ أدُوم

31 هَذِهِ أسْمَاءُ المُلُوكِ الَّذِينَ حَكَمُوا فِي أرْضِ أدُومَ قَبْلَ أنْ يَمْلُكَ أحَدٌ عَلَى بَنِي إسْرَائِيلَ:

32 بَالَعُ بْنُ بَعُورَ صَارَ مَلِكًا فِي أدُومَ. وَكَانَ اسْمُ مَدِينَتِهِ دِنْهَابَةَ.

33 وَمَاتَ بَالَعُ، فَخَلَفَهُ يُوبَابُ بْنُ زَارَحَ مِنْ بُصْرَةَ مَلِكًا.

34 وَمَاتَ يُوبَابُ، فَخَلَفَهُ حُوشَامُ مِنْ أرْضِ التَّيمَانِيِّينَ مَلِكًا.

35 وَمَاتَ حُوشَامُ، فَخَلَفَهُ هَدَادُ بْنُ بَدَادَ مَلِكًا. وَهَدَادُ هُوَ الَّذِي هَزَمَ مِدْيَانَ فِي بِلَادِ مُوآبَ. وَكَانَ اسْمُ مَدِينَتِهِ عَوِيتَ.

36 وَمَاتَ هَدَادُ، فَخَلَفَهُ سَملَةُ مِنْ مَسْرِيقَةَ مَلِكًا.

37 وَمَاتَ سَملَةُ، فَخَلَفَهُ شَاوُلُ مِنْ رَحُوبُوتَ الوَاقِعَةِ عَلَى نَهْرِ الفُرَاتِ مَلِكًا.

38 وَمَاتَ شَاوُلُ، فَخَلَفَهُ بَعلُ حَانَانَ بْنُ عَكْبُورَ مَلِكًا.

39 وَمَاتَ بَعلُ حَانَانَ، فَخَلَفَهُ هَدَادُ[ai] مَلِكًا بَدَلًا مِنْهُ. وَكَانَ اسْمُ مَدِينَتِهِ فَاعُو. وَكَانَ اسْمُ زَوْجَتِهِ مَهِيطَبْئِيلَ ابْنَةَ مَطْرِدَ ابْنَةِ مَاءِ الذَّهَبِ.

40 وَهَذِهِ أسْمَاءُ قَبَائلِ عِيسُو حَسَبَ عَائِلَاتِهِمْ وَمَنَاطِقِهِمْ:

تِمْنَاعُ وَعَلْوَةُ وَيَتِيتُ 41 وَأُهُولِيبَامَةُ وَإيلَةُ وَفِينُونُ 42 وَقَنَازُ وَتِيمَانُ وَمِبْصَارُ 43 وَمَجْدِيئِيلُ وَعِيرَامُ. هَذِهِ قَبَائلُ أدُومَ حَسَبَ تَوْزِيعِهِمْ فِي الأرْضِ الَّتِي امتَلَكُوهَا. وَعِيسُو هُوَ أصلُ أهْلِ أدُومَ.

يُوسُفُ الحَالِم

37 وَاسْتَقَرَّ يَعْقُوبُ فِي الأرْضِ الَّتِي كَانَ قَدِ اسْتَقَرَّ فِيهَا أبوْهُ، أيْ أرْضِ كَنْعَانَ. وَهَذِهِ هِيَ قِصَّةُ عَائِلَةِ يَعْقُوبَ:

كَانَ يُوسُفُ فِي السَّابِعَةَ عَشْرَةَ مِنْ عُمْرِهِ، وَكَانَ يَرْعَى المَاشِيَةَ مَعَ إخْوَتِهِ. وَعَمِلَ مُسَاعِدًا لِأبْنَاءِ بِلْهَةَ وَزِلْفَةَ، زَوْجَتَي أبِيهِ. وَنَقَلَ يُوسُفُ أخْبَارَهُمُ السَّيِّئَةَ لِأبِيهِمْ. وَأحَبَّ إسْرَائِيلُ يُوسُفَ أكْثَرَ مِنْ كُلِّ أبْنَائِهِ الآخَرِينَ، لِأنَّهُ وُلِدَ وَهُوَ شَيخٌ. وَصَنَعَ إسْرَائِيلُ لِيُوسُفَ ثَوْبًا مُلَوَّنًا. وَرَأى إخْوَتُهُ أنَّ أبَاهُمْ يُحِبُّهُ أكْثَرَ مِنْهُمْ جَمِيعًا. فَأبغَضُوا يُوسُفَ، وَلَمْ يَكُونُوا يَقْدِرُونَ أنْ يَتَكَلَّمُوا مَعَهُ بِلُطْفٍ.

وَرَأى يُوسُفُ حُلْمًا. وَأخبَرَ إخْوَتَهُ بِهِ، فَزَادَ بُغْضُهُمْ لَهُ.

قَالَ لَهُمْ: «اسْتَمِعُوا إلَى هَذَا الحُلْمِ الَّذِي رَأيْتُهُ. كُنَّا فِي وَسَطِ الحَقْلِ نَحزِمُ حُزَمًا مِنَ القَمْحِ، فَقَامَتْ حُزمَتِي وَانْتَصَبَتْ. ثُمَّ أحَاطَتْ حُزَمُكُمْ بِحُزْمَتِي وَانحَنَتْ لَهَا.»

فَقَالَ لَهُ إخْوَتُهُ: «ألَعَلَّكَ تَظُنُّ بِأنَّكَ سَتَكُونُ مَلِكًا عَلَينَا وَتَحْكُمُنَا؟» فَزَادَ بُغضُهُمْ لَهُ بِسَبَبِ أحْلَامِهِ وَكَلَامِهِ.

وَرَأى يُوسُفُ حُلْمًا آخَرَ أيْضًا. وَأبلَغَ إخْوَتَهُ بِحُلْمِهِ فَقَالَ: «اسْمَعُوا هَذَا الحُلْمَ الجَدِيدَ الَّذِي رَأيْتُهُ. رَأيْتُ الشَّمْسَ وَالقَمَرَ وَأحَدَ عَشَرَ نَجمًا تَنْحَنِي لِي.»

10 فَلَمَّا أخبَرَ أبَاهُ وَإخوَتَهُ بِذَلِكَ، وَبَّخَهُ أبوْهُ، وَقَالَ لَهُ: «مَا هَذَا الحُلْمُ الَّذِي رَأيْتَهُ؟ هَلْ آتِي أنَا وَأُمُّكَ وَإخوَتُكَ وَنَنحَنِي أمَامَكَ؟» 11 وَغَارَ مِنْهُ إخْوَتُهُ، لَكِنَّ أبَاهُ تَفَكَّرَ فِي هَذَا الأمْرِ.

12 وَذَاتَ يَوْمٍ كَانَ إخْوَةُ يُوسُفَ قَدْ ذَهَبُوا لِيَرْعَوْا مَاشِيَةَ أبِيهِمْ فِي شَكِيمَ.[aj] 13 فَقَالَ إسْرَائِيلُ لِيُوسُفَ: «إخْوَتُكَ يَرْعَوْنَ المَاشِيَةَ فِي شَكِيمَ. جَهِّزْ نَفْسَكَ لِكَي أُرسِلَكَ إلَيْهِمْ.»

فَقَالَ لَهُ يُوسُفُ: «هَا أنَا مُسْتَعِدٌّ لِلذَّهَابِ.»

14 فَقَالَ لَهُ إسْرَائِيلُ: «اذْهَبِ الآنَ لِتَرَى إنْ كَانَ إخْوَتُكَ وَالمَاشِيَةُ بِخَيرٍ. ثُمَّ ارْجِعْ وَأخبِرْنِي.» فَأرسَلَهُ إسْرَائِيلُ مِنْ وَادِي حَبْرُونَ إلَى شَكِيمَ.

15 وَتَاهَ يُوسُفُ فِي الصَّحْرَاءِ. فَلَاقَاهُ رَجُلٌ، فَسَألَهُ: «مَا الَّذِي تَبْحَثُ عَنْهُ؟»

16 فَقَالَ يُوسُفُ: «إنَّنِي أبْحَثُ عَنْ إخْوَتِي. فَأرْجُو أنْ تُخبِرَنِي أيْنَ يَرْعَوْنَ.»

17 فَقَالَ الرَّجُلُ: «غَادَرُوا هَذَا المَكَانَ، فَقَدْ سَمِعْتُهُمْ يَقُولُونَ: ‹لِنَذْهَبْ إلَى دُوثَانَ.›» فَلَحِقَ يُوسُفُ بِإخوَتِهِ وَوَجَدَهُمْ فِي دُوثَانَ.

يُوسُفُ يُبَاعُ عَبْدًا

18 وَرَآهُ إخْوَتُهُ آتِيًا مِنْ بَعِيدٍ. وَقَبْلَ أنْ يَقْتَرِبَ مِنْهُمْ، تَآمَرُوا لِقَتْلِهِ. 19 فَقَالَ أحَدُهُمْ لِلآخَرِ: «انْظُرُوا، هَا هُوَ الحَالِمُ آتٍ! 20 فَلنَقتُلْهُ وَنُلْقِ بِهِ فِي إحْدَى الآبَارِ الجَافَّةِ. وَلنَقُلْ إنَّ حَيَوَانًا مُفْتَرِسًا افْتَرَسَهُ. وَلْنَرَ بَعْدَ هَذَا مَصِيرَ أحْلَامِهِ.»

21 فَلَمَّا سَمِعَ رَأُوبَينُ هَذَا، حَاوَلَ أنْ يُخَلِّصَهُ مِنْهُمْ. فَقَالَ: «لَا دَاعِي لِقَتْلِهِ.» 22 وَقَالَ أيْضًا: «لَا تَسْفِكُوا دَمًا! ألقُوهُ فِي هَذِهِ البِئْرِ فِي الصَّحْرَاءِ وَلَا تُؤْذُوهُ.» قَالَ رَأُوبَينُ هَذَا لِكَي يُخَلِّصَهُ مِنْهُمْ، وَيُعِيدَهُ إلَى أبِيهِ. 23 فَلَمَّا جَاءَ يُوسُفُ إلَى إخْوَتِهِ، نَزَعُوا عَنْهُ ثَوبَهُ الطَويلَ المُلَوَّنَ. 24 وَأمْسَكُوهُ وَألقَوْا بِهِ فِي البِئْرِ. وَكَانَتِ البِئْرُ فَارِغَةً بِلَا مَاءٍ.

25 ثُمَّ جَلَسُوا لِيَأْكُلُوا. بَعْدَ ذَلِكَ، رَأوْا قَافِلَةً مِنَ التُّجَّارِ آتِيَةً مِنْ جِلْعَادَ، جِمَالُهُمْ مُحَمَّلَةٌ بِصَمْغِ القَتَادِ وَالمُرِّ[ak] وَالبَلْسَمِ. وَكَانُوا نَازِلِينَ فِي طَرِيقِهِمْ إلَى مِصْرٍ. 26 فَقَالَ يَهُوذَا لِإخْوَتِهِ: «مَاذَا نَكْسِبُ إنْ قَتَلْنَا أخَانَا وَأخفَينَا جُثَّتَهُ؟ 27 فَلْنَبِعْهُ لِلتُّجَّارِ وَلَا نُؤْذِهِ، فَهُوَ أخُونَا مِنْ لَحْمِنَا.» فَوَافَقَ إخْوَتُهُ. 28 وَلَمَّا مَرَّ بَعْضُ التُّجَّارِ المِدْيَانِيِّينَ، سَحَبُوا يُوسُفَ وَرَفَعُوهُ مِنَ البِئْرِ. وَبَاعُوهُ لِلتُّجَّارِ بِعِشْرِينَ قِطعَةً مِنَ الفِضَّةِ. فَأتَى التُّجَّارُ بِيُوسُفَ إلَى مِصْرٍ.

29 وَلَمَّا عَادَ رَأُوبَينُ إلَى البِئْرِ. رَأى أنَّ يُوسُفَ لَمْ يَكُنْ فِيهَا. فَمَزَّقَ مَلَابِسَهُ حُزْنًا. 30 ثُمَّ عَادَ رَأُوبَينُ إلَى إخْوَتِهِ وَقَالَ: «لَيسَ الفَتَى هُنَاكَ! فَمَاذَا عَسَانِي أفْعَلُ؟» 31 فَأخَذُوا ثَوْبَ يُوسُفَ، وَذَبَحُوا تَيسًا وَغَمَّسُوا مِعْطَفَهُ بِالدَّمِ. 32 ثُمَّ أخَذُوا الثَّوبَ الطَّوِيلَ ذَا الكُمَّينِ إلَى أبِيهِمْ. وَقَالُوا: «وَجَدْنَا هَذَا الثَّوبَ. أهُوَ لِابْنِكَ؟»

33 فَمَيَّزَ يَعْقُوبُ المِعطَفَ، وَقَالَ: «هَذَا ثَوبُ ابْنِي. التَهَمَهُ حَيَوَانٌ مُفْتَرِسٌ. وَلَا بُدَّ أنَّهُ مَزَّقَ يُوسُفَ تَمْزيقًا.» 34 فَمَزَّقَ يَعْقُوبُ ثِيَابَهُ، وَلَبِسَ الخَيْشَ حُزْنًا، وَنَاحَ عَلَى ابْنِهِ مُدَّةً طَوِيلَةً جِدًّا. 35 ثُمَّ جَاءَ كُلُّ أبْنَاءِ يَعْقُوبَ لِيُعَزُّوهُ، فَأبَى أنْ يَتَعَزَّى. وَقَالَ: «بَلْ أنزِلُ إلَى الهَاوِيَةِ حُزْنًا عَلَى ابْنِي!» فَنَاحَ أبو يُوسُفَ وَلَدَهُ.

36 أمَّا يُوسُفُ، فَقَدْ بَاعَهُ المِدْيَانِيُّونَ فِي مِصْرٍ إلَى فُوطِيفَارَ، وَهُوَ رَئِيسُ حَرَسِ القَصْرِ عِنْدَ فِرعَوْنَ.

يَهُوذَا وَثَامَار

38 فِي ذَلِكَ الوَقْتِ، تَرَكَ يَهُوذَا إخْوَتَهُ وَنَزَلَ وَاسْتَقَرَّ عِنْدَ رَجُلٍ عَدُّلَامِيٍّ اسْمُهُ حِيرَةُ. وَرَأى هُنَاكَ ابْنَةَ رَجُلٍ كَنْعَانِيٍّ اسْمُهُ شُوعٌ. فَتَزَوَّجَهَا وَعَاشَرَهَا، فَحَبِلَتْ وَأنْجَبَتْ وَلَدًا سَمَّتْهُ عِيرًا. ثُمَّ حَبِلَتْ مَرَّةً أُخْرَى وَأنْجَبَتْ وَلَدًا سَمَّتْهُ أُونَانَ. ثُمَّ أنْجَبَتْ وَلَدًا آخَرَ وَسَمَّتْهُ شِيلَةَ. وَكَانَ يَهُوذَا سَاكِنًا فِي كَزِيبَ عِنْدَمَا أنْجَبَتْ لَهُ شِيلَةَ.

وَوَجَدَ يَهُوذَا زَوْجَةً لِبِكْرِهِ عِيرٍ اسْمُهَا ثَامَارُ. لَكِنَّ اللهَ لَمْ يَكُنْ رَاضِيًا عَنْ بِكْرِ يَهُوذَا عِيرٍ، فَأمَاتَهُ اللهُ. فَقَالَ يَهُوذَا لِأُونَانَ: «تَزَوَّجِ امْرأةَ أخِيكَ المُتَوَفَّى،[al] فَتَصْنَعَ بِذَلِكَ وَاجِبَ أخِي الزَّوْجِ مَعَهَا، وَتُنجِبُ أبْنَاءً يَحْمِلُونَ اسْمَ أخِيكَ.»

وَإذْ عَرَفَ أُونَانُ أنَّ الطِّفْلَ لَنْ يُنْسَبَ إلَيْهِ، كَانَ إذَا عَاشَرَ امْرأةَ أخِيهِ يَقْذِفُ عَلَى الأرْضِ لِئَلَّا يُعْطِي أخَاهُ نَسْلًا. 10 فَاسْتَاءَ اللهُ مِمَّا فَعَلَهُ أُونَانُ، فَأمَاتَهُ أيْضًا. 11 فَقَالَ يَهُوذَا لِكِنَّتِهِ ثَامَارَ: «ارجِعِي إلَى بَيْتِ أبِيكِ وَلَا تَتَزَوَّجِي إلَى أنْ يَكْبُرَ شِيلَةُ.» فَقَدْ خَافَ يَهُوذَا أنْ يَموتَ شِيلَةُ أيْضًا كَأخَوَيهِ. فَذَهَبَتْ ثَامَارُ وَعَاشَتْ فِي بَيْتِ أبِيهَا.

12 وَبَعْدَ وَقْتٍ طَوِيلٍ، مَاتَتِ ابْنَةُ شُوعٍ، زَوْجَةُ يَهُوذَا. وَبَعْدَ انتِهَاءِ الحِدَادِ، ذَهَبَ يَهُوذَا مَعَ صَدِيقِهِ حِيرَةَ العَدُلَّامِيِّ إلَى تِمْنَةَ، إلَى الرِّجَالِ الَّذِينَ كَانُوا يَجُزُّونَ صُوفَ غَنَمِه. 13 فَقَالَ أحَدُهُمْ لِثَامَارَ: «هَا هُوَ حَمُوكِ فِي طَريقِهِ إلَى تِمْنَةَ لِيَجُزَّ صُوفَ غَنَمِهِ.» 14 فَخَلَعَتْ ثِيَابَ تَرَمُّلِهَا، وَغَطَّتْ وَجْهَهَا بِحِجَابٍ، وَلَفَّتْ نَفْسَهَا. ثُمَّ جَلَسَتْ عِنْدَ مَدْخَلِ عَينَايِمَ الَّتِي كَانَتْ عَلَى طَرِيقِ تِمْنَةَ، فَقَدْ رَأتْ أنَّ شِيلَةَ قَدْ كَبِرَ، وَأنَّهَا لَمْ تُزَوَّجْ مِنْهُ.

15 فَلَمَّا رَآهَا يَهُوذَا ظَنَّ أنَّهَا امْرأةٌ سَاقِطَةٌ، لِأنَّهَا كَانَتْ تُغَطِّي وَجْهَهَا. 16 فَذَهَبَ إلَيْهَا إلَى جَانِبِ الطَّرِيقِ. وَقَالَ لَهَا: «أُرِيدُ أنْ أُعَاشِرَكِ.» إذْ لَمْ يَعْرِفْ أنَّهَا كَانَتْ زَوْجَةَ ابْنِهِ.

فَقَالَتْ لَهُ ثَامَارُ: «وَمَاذَا سَتُعطِينِي مُقَابِلَ ذَلِكْ؟»

17 فَقَالَ: «سَأُرْسِلُ إلَيكِ جَدْيًا مِنْ قَطِيعِي.»

فَقَالَتْ: «لَا أرْضَى إلَّا إذَا أبْقَيْتَ عِندِي رَهْنًا إلَى أنْ تُرْسِلَهُ.»

18 فَقَالَ: «وَمَا هُوَ الرَّهْنُ الَّذِي تُرِيدِينَنِي أنْ أُبْقِيَهُ عِنْدَكِ إلَى أنْ آتِيَ؟»

فَقَالَتْ: «أعْطِنِي خَاتِمَكَ وَخَيطَهُ،[am] وَعَصَاكَ الَّتِي فِي يَدِكَ.» فَأعطَاهَا لَهَا. ثُمَّ عَاشَرَهَا فَحَبِلَتْ مِنْهُ. 19 ثُمَّ قَامَتْ وَذَهَبَتْ إلَى بَيْتِهَا. وَنَزَعَتْ حِجَابَهَا، وَلَبِسَتْ ثِيَابَ تَرَمُّلِهَا.

20 وَفِيمَا بَعْدُ، أرْسَلَ يَهُوذَا صَدِيقَهُ حِيرَةَ مَعَ الجَدْيِ لِيَسْتَرِدَّ الرَّهْنَ مِنَ المَرْأةِ. لَكِنَّ حِيرَةَ لَمْ يَجِدْهَا. 21 وَسَألَ حِيرَةُ أهْلَ تِلْكَ المِنْطَقَةِ: «أيْنَ عَاهِرَةُ الهَيْكَلِ الَّتِي كَانَتْ عِنْدَ عَينَايِمَ عَلَى جَانِبِ الطَّرِيقِ؟»

فَقَالُوا: «لَمْ تَكُنْ هُنَا أيَّةُ عَاهِرَةِ هَيْكَلٍ.»

22 فَعَادَ حِيرَةُ إلَى يَهُوذَا، وَقَالَ: «لَمْ أجِدْهَا. وَقَالَ لِي أهْلُ المَكَانِ: ‹لَمْ تَكُنْ هُنَا أيَّةُ عَاهِرَةِ هَيْكَلٍ.›»

23 فَقَالَ يَهُوذَا: «فَلتَحْتَفِظْ بِالرَّهْنِ، وَإلَّا صِرْنَا أُضْحُوكَةً. هَا قَدْ أرْسَلْتُ الجَدْيَ بِالفِعْلِ، لَكِنَّكَ لَمْ تَجِدْهَا.»

ثَامَارُ تَحْبَل

24 وَبَعْدَ ثَلَاثَةِ أشْهُرٍ، قَالَ أحَدُهُمْ لِيَهُوذَا: «لَقَدْ زَنَتْ كِنَّتُكَ ثَامَارُ.»

فَقَالَ يَهُوذَا: «أخرِجُوهَا، وَلْتُحْرَقْ حَتَّى المَوْتِ.»

25 وَأثْنَاءَ إخرَاجِهَا، أرْسَلَتْ رِسَالَةً إلَى حَمِيهَا يَهُوذَا تَقُولُ:

«لَقَدْ حَبِلْتُ مِنَ صَاحِبِ هَذِهِ الأشْيَاءِ.» وَقَالَتِ: «انْظُرْ إلَيْهَا! فَلِمَنْ هَذَا الخَاتِمُ وَالخَيطُ وَالعَصَا؟»

26 فَمَيَّزَ يَهُوذَا أشْيَاءَهُ. وَقَالَ: «إنَّهَا أفْضَلُ مِنِّي، لِأنِّي لَمْ أُزَوِّجْهَا مِنَ ابْنِي شِيلَةَ.» وَلَمْ يُعَاشِرْهَا يَهُوذَا مَرَّةً أُخْرَى.

27 وَلَمَّا حَانَ وَقْتُ وِلَادَتِهَا، كَانَ فِي بَطنِهَا تَوْأمَانِ. 28 وَعِنْدَمَا وَلَدَتْ، أخْرَجَ أحَدُهُمَا يَدَهُ، فَأخَذَتِ القَابِلَةُ خَيطًا قُرْمُزِيًّا وَرَبَطَتْهُ عَلَى يَدِهِ. وَقَالَتْ: «خَرَجَ هَذَا أوَّلًا.» 29 وَلَكِنْ حَالَمَا سَحَبَ يَدَهُ، خَرَجَ أخُوهُ. فَقَالَتِ القَابِلَةُ: «يَا لِهَذَا الِاخْتِرَاقِ الَّذِي اختَرَقْتَهُ لِنَفْسِكَ!» فَسُمِّيَ فَارَصَ.[an] 30 ثُمَّ خَرَجَ أخُوهُ بَعْدَهُ. وَكَانَ الخَيْطُ القُرْمُزِيُّ عَلَى يَدِهِ. فَسُمِّيَ زَارَحُ.[ao]

يُوسُفُ يُبَاعُ لفُوطِيفَارَ فِي مِصْر

39 أمَّا يُوسُفُ فَأُخِذَ إلَى مِصْرٍ. وَاشْتَرَاهُ مَسْؤُولٌ عِنْدَ فِرعَوْنِ مِصْرٍ، رَئِيسٌ لِحَرَسِ القَصْرِ، وَهُوَ مِصْرِيٌّ. اشْتَرَاهُ مِنَ التُّجَارِ الإسْمَاعِيلِيِّينَ الَّذِينَ جَلَبُوهُ. فَكَانَ اللهُ مَعَ يُوسُفَ، فَكَانَ رَجُلًا نَاجِحًا. وَسَكَنَ فِي بَيْتِ سَيِّدِهِ المِصْرِيِّ.

وَرَأى سَيِّدُهُ أنَّ اللهَ مَعَهُ، وَأنَّ اللهَ يُوَفِّقُ كُلَّ عَمَلِ يَدَيهِ. فَحَظِيَ يُوسُفُ بِرِضَاهُ، وَخَدَمَهُ بِأمَانَةٍ. فَجَعَلَهُ مُشْرِفًا عَلَى بيتِهِ، وَمَسْؤُولًا عَنْ جَمِيعِ شُؤُونِهِ. وَبَارَكَ اللهُ بَيْتَ المِصْرِيِّ بِسَبَبِ يُوسُفَ مُنْذُ الوَقْتِ الَّذِي أوْكَلَهُ عَلَى بَيْتِهِ وَكُلِّ مَا عِنْدَهُ. وَظَهَرَتْ بَرَكَةُ اللهِ فِي كُلِّ أمْلَاكِ فُوطِيفَارَ، فِي البَيْتِ وَفِي الحَقْلِ. فَتَرَكَ فُوطِيفَارُ كُلَّ شَيءٍ تَحْتَ رِعَايَةِ يُوسُفَ. وَفِي وُجُودِ يُوسُفَ، لَمْ يَكُنْ فُوطِيفَارُ يَهْتَمُّ بِأيِّ شَيءٍ، مَا عَدَا الطَّعَامِ الَّذِي يَأْكُلُهُ.

يُوسُفُ يَرفُضُ زَوْجَةَ فُوطِيفَار

وَكَانَ يُوسُفُ جَمِيلَ القَامَةِ وَالوَجْهِ. وَفِي وَقْتٍ لَاحِقٍ، بَدَأتْ زَوْجَةُ سَيِّدِهِ تَشْتَهِيهِ. وَقَالَتْ لَهُ: «تَعَالَ وَعَاشِرْنِي!» فَرَفَضَ. وَقَالَ لِزَوْجَةِ سَيِّدِهِ: «هَا إنَّ سَيِّدِي فِي وُجُودِي غَيرُ قَلِقٍ عَلَى شَيءٍ فِي البَيْتِ. وَقَدْ وَضَعَ بَيْنَ يَدَيَّ كُلَّ مَا لَدَيهِ. فَلَا يُوجَدُ فِي هَذَا البَيْتِ مَنْ هُوَ أهَمُّ مِنِّي. وَلَمْ يَمْنَعْ عَنِّي سَيِّدِي شَيْئًا إلَّا أنْتِ لِأنَّكِ زَوْجَتُهُ. فَكَيفَ أقتَرِفُ مِثْلَ هَذَا الإثْمِ العَظِيمِ وَأُخطِئُ إلَى اللهِ؟»

10 فَكَانَتْ تُكَلِّمُهُ يَوْمًا بَعْدَ يَوْمٍ، وَهُوَ يَرْفُضُ أنْ يُعَاشِرَهَا أوْ يَكُونَ مَعَهَا. 11 وَذَاتَ يَوْمٍ جَاءَ يُوسُفُ إلَى البَيْتِ لِيَقُومَ بِعَمَلِهِ. وَلَمْ يَكُنْ أحَدٌ مِنَ الخَدَمِ دَاخِلَ المَنزِلِ. 12 فَأمسَكَتْهُ مِنْ ثَوْبِهِ وَقَالَتْ: «تَعَالَ وَعَاشِرْنِي!» فَتَرَكَ ثَوْبَهُ فِي يَدِهَا وَهَرَبَ خَارِجًا.

13 فَلَمَّا رَأتْ أنَّهُ تَرَكَ ثَوْبَهُ فِي يَدِهَا وَهَرَبَ خَارِجًا، 14 نَادَتْ خَدَمَ بَيْتِهَا وَقَالَتْ لَهُمْ: «انْظُرُوا! هَا قَدْ وَضَعَ زَوْجِي بَيْنَنَا رَجُلًا عِبْرَانِيًّا لِيُهِينَنَا. جَاءَ إلَيَّ وَحَاوَلَ أنْ يُعَاشِرَنِي، فَصَرَخْتُ. 15 فَلَمَّا سَمِعَنِي أرفَعُ صَوْتِي وَأصْرُخُ، تَرَكَ ثَوبَهُ بِجَانِبِي، وَهَرَبَ خَارِجًا.»

16 وَاحتَفَظَتْ بِثَوْبِهِ بِجَانِبِهَا إلَى أنْ جَاءَ سَيِّدُهُ إلَى البَيْتِ. 17 ثُمَّ قَصَّتِ عَلَيْهِ قِصَّتَهَا: «جَاءَ إلَيَّ الخَادِمُ العِبْرَانِيُّ الَّذِي وَضَعْتَهُ بَيْنَنَا لِكَي يُهِينَنِي. 18 لَكِنِّي رَفَعْتُ صَوْتِي وَصَرَخْتُ. فَتَرَكَ ثَوْبَهُ بِجَانِبِي وَهَرَبَ خَارِجًا.»

19 سَمِعَ سَيِّدُهُ رِوَايَةَ زَوْجَتِهِ الَّتِي قَالَتْ لَهُ: «هَذَا هُوَ مَا فَعَلَهُ خَادِمُكَ بِي،» فَغَضِبَ غَضَبًا شَدِيدًا. 20 وَألقَى القَبْضَ عَلَى يُوسُفَ وَوَضَعَهُ فِي السِّجْنِ، حَيْثُ كَانَ يُعتَقَلُ سُجَنَاءُ فِرعَوْنَ. فَبَقِيَ يُوسُفُ هُنَاكَ فِي السِّجْنِ.

يُوسُفُ فِي السِّجِن

21 لَكِنَّ اللهَ كَانَ مَعَ يُوسُفَ، وَأظْهَرَ لَهُ لُطفًا. وَجَعَلَ يُوسُفَ يَحْظَى بِرِضَى حَارِسِ السِّجْنِ. 22 فَأوكَلَ حَارِسُ السِّجْنِ يُوسُفَ عَلَى كُلِّ الرِّجَالِ الآخَرِينَ المَوضُوعِينَ فِي السِّجْنِ. وَكَانَ مُشْرِفًا عَلَى كُلِّ العَمَلِ الجَارِي هُنَاكَ. 23 وَكَانَ حَارِسُ السِّجْنِ مُرْتَاحَ البَالِ مِنْ جِهَةِ أيِّ أمْرٍ تَحْتَ مَسْؤُولِيَّةِ يُوسُفَ. لِأنَّ اللهَ كَانَ مَعَهُ. وَكَانَ اللهُ يُنْجِحُ كُلَّ مَا يَعْمَلُهُ.

يُوسُفُ يُفسِّرُ حُلْمَيْن

40 وَبَعْدَ هَذَا أسَاءَ سَاقِي فِرعَوْنَ وَالخَبَّازُ إلَى سَيِّدِهِمَا، فِرعَوْنِ مِصْرٍ. فَغَضِبَ فِرْعَوْنُ مِنْ رَئِيسِ سُقَاتِهِ وَرَئِيسِ خَبَّازِيهِ. فَحَبَسَهُمَا فِرْعَوْنُ فِي سِجنِ رَئِيسِ الحَرَسِ حَيْثُ كَانَ يُوسُفُ مَحبُوسًا. وَجَعَلَ رَئِيسُ الحَرَسِ يُوسُفَ مُشْرِفًا عَلَيْهِمَا، فَخَدَمَهُمَا. وَبَقِيَا فِي السِّجْنِ مُدَّةً مِنَ الزَّمَنِ.

وَفِي إحْدَى اللَّيَالِي رَأى سَاقِي فِرعَوْنَ وَخَبَّازُهُ المَحبُوسَانِ فِي السِّجْنِ حُلْمَينِ مَعًا. وَكَانَ لِكُلٍّ مِنْهُمَا حُلْمُهُ. وَكَانَ لِكُلِّ حُلْمٍ مَعْنَاهُ. أتَى إلَيْهِمَا يُوسُفُ فِي الصَّبَاحِ. وَرَأى أنَّهُمَا كَانَا مُنزَعِجَينِ. فَسَألَ يُوسُفُ مَوَظَّفَي فِرعَوْنَ اللَّذَينِ كَانَا مَحبُوسَينِ مَعَهُ فِي بَيْتِ سَيِّدِهِ: «لِمَاذَا أرَى الحُزْنَ عَلَى وَجْهَيكُمَا؟»

فَقَالَا: «رَأينَا حُلْمَينِ. لَكِنْ لَا يُوجَدُ مَنْ يَقْدِرُ أنْ يُفَسِّرَهُمَا لَنَا.»

فَقَالَ يُوسُفُ لَهُمَا: «وَهَلْ يُفَسِّرُ الأحْلَامَ غَيرُ اللهِ؟ فَأخبِرَانِي بِحُلْمَيكُمَا.»

حُلْمُ سَاقِي المَلِك

فَقَصَّ سَاقِي فِرعَوْنَ عَلَى يُوسُفَ حُلْمَهُ وَقَالَ: «رَأيْتُ فِي الحُلْمِ كَرْمَةً، 10 وَرَأيْتُ عَلَى الكَرْمَةِ ثَلَاثَةَ أغْصَانٍ. وَمَا إنْ أوْرَقَتِ الكَرْمَةُ، حَتَّى ظَهَرَتْ بَرَاعِمُهَا وَنَضِجَتْ عَنَاقِيدُهَا. 11 وَكَانَتْ كَأسُ فِرعَوْنَ فِي يَدِي. فَأخَذْتُ العِنَبَ وَعَصَرْتُهُ فِي كَأسِ فِرعَوْنَ، وَوَضَعْتُ الكَأسَ فِي يَدِهِ.»

Arabic Bible: Easy-to-Read Version (ERV-AR)

Copyright © 2009, 2016 by Bible League International