Previous Prev Day Next DayNext

Bible in 90 Days

An intensive Bible reading plan that walks through the entire Bible in 90 days.
Duration: 88 days
Ketab El Hayat (NAV)
Version
ﺗﻜﻮﻳﻦ 28:20-40:11

20 وَنَذَرَ يَعْقُوبُ نَذْراً قَائِلاً: «إِنْ كَانَ اللهُ مَعِي، وَرَعَانِي فِي هَذِهِ الطَّرِيقِ الَّتِي أَنَا أَسِيرُ فِيهَا وَوَفَّرَ لِي طَعَاماً لِآكُلَ وَثِيَاباً لأَلْبَسَ، 21 وَعُدْتُ بِسَلامٍ إِلَى بَيْتِ أَبِي، عِنْدَئِذٍ يَكُونُ الرَّبُّ إِلَهاً لِي 22 وَيَكُونُ هَذَا الْحَجَرُ الَّذِي نَصَبْتُهُ عَمُوداً بَيْتاً لِلهِ، وَأَدْفَعُ عُشْرَ كُلِّ مَا تَرْزُقُنِي بِهِ».

رحلة يعقوب

29 وَتَابَعَ يَعْقُوبُ رِحْلَتَهُ حَتَّى وَصَلَ أَرْضَ حَارَانَ. وَتَطَلَّعَ حَوْلَهُ فَشَاهَدَ بِئْراً فِي الْحَقْلِ، تَرْبِضُ عِنْدَهَا ثَلاثَةُ قُطْعَانِ غَنَمٍ، لأَنَّهُمْ كَانُوا يَسْقُونَ الْقُطْعَانَ مِنْ تِلْكَ الْبِئْرِ. وَكَانَ الْحَجَرُ الَّذِي عَلَى فَمِ الْبِئْرِ كَبِيراً، فَكَانَ رُعَاةُ جَمِيعِ الْقُطْعَانِ يَجْتَمِعُونَ هُنَاكَ، وَيُدَحْرِجُونَ الْحَجَرَ عَنْ فَمِ الْبِئْرِ وَيَسْقُونَ الْغَنَمَ. ثُمَّ يَرُدُّونَ الْحَجَرَ إِلَى مَوْضِعِهِ عَلَى فَمِ الْبِئْرِ. فَقَالَ لَهُمْ يَعْقُوبُ: «يَا إِخْوَتِي مِنْ أَيْنَ أَنْتُمْ؟» فَأَجَابُوا: «نَحْنُ مِنْ حَارَانَ». فَسَأَلَهُمْ: «أَتَعْرِفُونَ لابَانَ بْنَ نَاحُورَ؟» فَأَجَابُوا: «نَعْرِفُهُ». فَقَالَ لَهُمْ: «أَهُوَ بِخَيْرٍ؟». فَأَجَابُوهُ: «هُوَ بِخَيْرٍ، وَهَا هِيَ رَاحِيلُ ابْنَتُهُ مُقْبِلَةٌ مَعَ الْغَنَمِ». فَقَالَ لَهُمْ: «هُوَذَا النَّهَارُ مَازَالَ طَوِيلاً، وَلَيْسَ هَذَا أَوَانَ اجْتِمَاعِ الْمَوَاشِي، فَاسْقُوا الْغَنَمَ وَامْضُوا بِها إلَى الْمَرَاعِي». فَقَالُوا: «لا يُمْكِنُنَا ذَلِكَ إِلّا بَعْدَ أَنْ تَجْتَمِعَ جَمِيعُ الْقُطْعَانِ وَرُعَاتُهَا فَيُدَحْرِجُوا الْحَجَرَ عَنْ فَمِ الْبِئْرِ، فَنَسْقِي الْغَنَمَ».

لقاء يعقوب براحيل

وَفِيمَا هُوَ يُكَلِّمُهُمْ أَقْبَلَتْ رَاحِيلُ مَعَ غَنَمِ أَبِيهَا لأَنَّهَا كَانَتْ رَاعِيَةً أَيْضاً. 10 وَعِنْدَمَا رَآهَا يَعْقُوبُ، تَقَدَّمَ وَدَحْرَجَ الْحَجَرَ عَنْ فَمِ الْبِئْرِ وَسَقَى غَنَمَ خَالِهِ لابَانَ. 11 وَقَبَّلَ يَعْقُوبُ رَاحِيلَ وَأَجْهَشَ بِالْبُكَاءِ، 12 ثُمَّ أَخْبَرَهَا أَنَّهُ قَرِيبُ وَالِدِهَا وَأَنَّهُ ابْنُ رِفْقَةَ. فَرَكَضَتْ وَأَخْبَرَتْ أَبَاهَا. 13 فَعِنْدَمَا سَمِعَ لابَانُ بِخَبَرِ ابْنِ أُخْتِهِ أَسْرَعَ لِلِقَائِهِ وَعَانَقَهُ وَقَبَّلَهُ وَأَحْضَرَهُ إِلَى مَنْزِلِهِ. فَقَصَّ يَعْقُوبُ عَلَى لابَانَ جَمِيعَ هَذِهِ الأُمُورِ. 14 فَقَالَ لَهُ لابَانُ: «حَقّاً إِنَّكَ عَظْمِي وَلَحْمِي». وَأَقَامَ عِنْدَهُ نَحْوَ شَهْرٍ مِنَ الزَّمَانِ.

زواج يعقوب من ليئة وراحيل

15 وَقَالَ لابَانُ لِيَعْقُوبَ: «هَلْ لأَنَّكَ قَرِيبِي تَخْدُمُنِي مَجَّاناً؟ أَخْبِرْنِي مَا أُجْرَتُكَ؟» 16 وَكَانَ لِلابَانَ ابْنَتَانِ، اسْمُ الْكُبْرَى لَيْئَةُ وَاسْمُ الصُّغْرَى رَاحِيلُ، 17 وَكَانَتْ لَيْئَةُ ضَعِيفَةَ الْبَصَرِ، وَأَمَّا رَاحِيلُ فَكَانَتْ جَمِيلَةَ الصُّورَةِ وَحَسَنَةَ الْمَنْظَرِ. 18 فَأَحَبَّ يَعْقُوبُ رَاحِيلَ. وَأَجَابَ يَعْقُوبُ خَالَهُ: «أَخْدِمُكَ سَبْعَ سِنِينَ لِقَاءَ زَوَاجِي بِرَاحِيلَ ابْنَتِكَ الصُّغْرَى». 19 فَقَالَ لابَانُ: «أَنْ أُزَوِّجَهَا مِنْكَ خَيْرٌ مِنْ أَنْ أزَوِّجَهَا مِنْ رَجُلٍ آخَرَ، فَامْكُثْ عِنْدِي». 20 فَخَدَمَ يَعْقُوبُ سَبْعَ سَنَوَاتٍ لِيَتَزَوَّجَ مِنْ رَاحِيلَ بَدَتْ فِي نَظَرِهِ كَأَيَّامٍ قَلِيلَةٍ، لِفَرْطِ مَحَبَّتِهِ لَهَا.

21 ثُمَّ قَالَ يَعْقُوبُ لِلابَانَ: «أَعْطِنِي زَوْجَتِي لأَنَّ خِدْمَتِي قَدْ كَمُلَتْ فَأَدْخُلَ عَلَيْهَا». 22 فَجَمَعَ لابَانُ سَائِرَ أَهْلِ النَّاحِيَةِ وَأَقَامَ لَهُمْ مَأْدُبَةً. 23 وَعِنْدَمَا حَلَّ الْمَسَاءُ حَمَلَ ابْنَتَهُ لَيْئَةَ وَزَفَّهَا إِلَيْهِ فَدَخَلَ عَلَيْهَا 24 وَوَهَبَ لابَانُ زِلْفَةَ جَارِيَتَهُ لِتَكُونَ جَارِيَةً لابْنَتِهِ لَيْئَةَ. 25 وَفِي الصَّبَاحِ اكْتَشَفَ يَعْقُوبُ أَنَّهُ تَزَوَّجَ بِلَيْئَةَ، فَقَالَ لِلابَانَ: «مَاذَا فَعَلْتَ بِي؟ أَلَمْ أَخْدِمْكَ سَبْعَ سَنَوَاتٍ لِقَاءَ زَوَاجِي مِنْ رَاحِيلَ؟ فَلِمَاذَا خَدَعْتَنِي؟». 26 فَأَجَابَهُ لابَانُ: «لَيْسَ مِنْ عَادَةِ بِلادِنَا أَنْ نُزَوِّجَ الصَّغِيرَةَ قَبْلَ الْبِكْرِ. 27 أَكْمِلْ أُسْبُوعَ لَيْئَةَ ثُمَّ نُزَوِّجُكَ مِنْ رَاحِيلَ، لِقَاءَ خِدْمَتِكَ لِي سَبْعَ سِنِينَ أُخَرَ». 28 فَوَافَقَ يَعْقُوبُ، وَأَكْمَلَ أُسْبُوعَ لَيْئَةَ، فَأَعْطَاهُ لابَانُ رَاحِيلَ ابْنَتَهُ زَوْجَةً أَيْضاً. 29 وَوَهَبَ لابَانُ بِلْهَةَ جَارِيَتَهُ لِتَكُونَ جَارِيَةً لابْنَتِهِ رَاحِيلَ. 30 فَدَخَلَ يَعْقُوبُ عَلَى رَاحِيلَ أَيْضاً، وَأَحَبَّ رَاحِيلَ أَكْثَرَ مِنْ لَيْئَةَ. وَخَدَمَ خَالَهُ سَبْعَ سِنِينَ أُخَرَ.

أبناء يعقوب

31 وَعِنْدَمَا رَأَى الرَّبُّ أَنَّ لَيْئَةَ مَكْرُوهَةٌ جَعَلَهَا مُنْجِبَةً، أَمَّا رَاحِيلُ فَكَانَتْ عَاقِراً. 32 فَحَمَلَتْ لَيْئَةُ وَأَنْجَبَتِ ابْناً دَعَتْهُ رَأُوبَيْنَ (وَمَعْنَاهُ: هُوَذَا ابْنٌ) لأَنَّهَا قَالَتْ: «حَقّاً قَدْ نَظَرَ الرَّبُّ إِلَى مَذَلَّتِي، فَالآنَ يُحِبُّنِي زَوْجِي». 33 وَحَمَلَتْ مَرَّةً أُخْرَى وَأَنْجَبَتِ ابْناً، فَقَالَتْ: «لأَنَّ الرَّبَّ سَمِعَ أَنَّنِي كُنْتُ مَكْرُوهَةً رَزَقَنِي هَذَا الابْنَ أَيْضاً». فَدَعَتْهُ شِمْعُونَ (وَمَعْنَاهُ: سَمِيعٌ) 34 ثُمَّ حَمَلَتْ مَرَّةً ثَالِثَةً وَأَنْجَبَتِ ابْناً فَقَالَتْ: «الآنَ فِي هَذِهِ الْمَرَّةِ يَتَّحِدُ بِي زَوْجِي، لأَنَّنِي أَنْجَبْتُ لَهُ ثَلاثَةَ بَنِينَ». لِذَلِكَ دُعِيَ اسْمُهُ لاوِي (وَمَعْنَاهُ: مُتَّحِدٌ) 35 وَحَبِلَتْ مَرَّةً رَابِعَةً وَأَنْجَبَتِ ابْناً فَقَالَتْ: «فِي هَذِهِ الْمَرَّةِ أَحْمَدُ الرَّبَّ». لِذَلِكَ دَعَتْهُ يَهُوذَا (وَمَعْنَاهُ: حَمْدٌ). ثُمَّ تَوَقَّفَتْ عَنِ الْوِلادَةِ.

30 وَعِنْدَمَا تَبَيَّنَتْ رَاحِيلُ أَنَّهَا عَاقِرٌ، غَارَتْ مِنْ أُخْتِهَا، وَقَالَتْ لِيَعْقُوبَ: «هَبْ لِي بَنِينَ وَإلَّا فَإِنِّي أَمُوتُ».

فَاحْتَدَمَ غَضَبُ يَعْقُوبَ عَلَى رَاحِيلَ وَقَالَ: «أَلَعَلِّي أَقُومُ مَقَامَ اللهِ الَّذِي حَرَمَكِ مِنَ الإِنْجَابِ؟» فَقَالَتْ لَهُ: «هَا هِيَ جَارِيَتِي بِلْهَةُ، عَاشِرْهَا فَتَلِدَ وَيَكُونَ لِي مِنْهَا بَنُونَ». وَأَعْطَتْهُ بِلْهَةَ زَوْجَةً فَدَخَلَ عَلَيْهَا يَعْقُوبُ. وَحَمَلَتْ بِلْهَةُ وَأَنْجَبَتْ لِيَعْقُوبَ ابْناً. فَقَالَتْ رَاحِيلُ: «قَدْ قَضَى اللهُ لِي وَأَصْغَى لِصَوْتِي وَرَزَقَنِي ابْناً». لِذَلِكَ دَعَتْهُ دَاناً (وَمَعْنَاهُ: قَاضٍ). ثُمَّ حَمَلَتْ بِلْهَةُ جَارِيَةُ رَاحِيلَ مَرَّةً أُخْرَى وَأَنْجَبَتْ لِيَعْقُوبَ ابْناً ثَانِياً، فَقَالَتْ رَاحِيلُ: «قَدْ تَصَارَعْتُ مَعَ أُخْتِي مُصَارَعَاتٍ عَنِيفَةً وَظَفِرْتُ». وَدَعَتْهُ نَفْتَالِي (وَمَعْنَاهُ: مُصَارَعَتِي).

وَلَمَّا رَأَتْ لَيْئَةُ أَنَّهَا كَفَّتْ عَنِ الْوِلادَةِ، أَخَذَتْ جَارِيَتَهَا زِلْفَةَ وَأَعْطَتْهَا لِيَعْقُوبَ زَوْجَةً، 10 فَأَنْجَبَتْ زِلْفَةُ جَارِيَةُ لَيْئَةَ لِيَعْقُوبَ ابْناً 11 فَقَالَتْ لَيْئَةُ: «يَا لَحُسْنِ الْحَظِّ!» وَدَعَتْهُ جَاداً (وَمَعْنَاهُ: فَأْلٌ حَسَنٌ، أَوْ كَتِيبَةٌ قَادِمَةٌ). 12 وَأَنْجَبَتْ زِلْفَةُ جَارِيَةُ لَيْئَةُ ابْناً ثَانِياً لِيَعْقُوبَ، 13 فَقَالَتْ لَيْئَةُ: «يَا لَغِبْطَتِي، لأَنَّ النِّسَاءَ سَيَدْعُونَنِي الْمَغْبُوطَةَ». وَأَسْمَتْهُ أَشِيْرَ (وَمَعْنَاهُ: سَعِيدٌ أَوْ مَغْبُوطٌ).

14 وَذَهَبَ رَأُوبَيْنُ فِي مَوْسِمِ حَصَادِ الْقَمْحِ إِلَى الْحَقْلِ، فَعَثَرَ فِيهِ عَلَى نَبَاتِ اللُّفَّاحِ وَجَاءَ بِهِ إِلَى أُمِّهِ لَيْئَةَ. فَقَالَتْ رَاحِيلُ لِلَيْئَةَ: «أَعْطِنِي مِنْ لُفَّاحِ ابْنِكِ». 15 فَأَجَابَتْهَا: «أَلَمْ يَكْفِ أَنَّكِ أَخَذْتِ مِنِّي زَوْجِي، وَالآنَ تُرِيِدينَ أَنْ تَأْخُذِي لُفَّاحَ ابْنِي أَيْضاً؟» فَأَجَابَتْهَا رَاحِيلُ: «إِذاً يُعَاشِرُكِ اللَّيلَةَ لِقَاءَ لُفَّاحِ ابْنِكِ». 16 وَعِنْدَمَا رَجَعَ يَعْقُوبُ مِنَ الْحَقَلِ فِي الْمَسَاءِ خَرَجَتْ لَيْئَةُ لِلِقَائِهِ وَقَالَتْ لَهُ: «إِلَيَّ تَجِيءُ اللَّيْلَةَ لأَنَّنِي قَدِ اسْتَأْجَرْتُكَ بِلُفَّاحِ ابْنِي». فَعَاشَرَهَا فِي تِلْكَ اللَّيْلَةِ. 17 وَاسْتَجَابَ اللهُ لِلَيْئَةَ فَحَمَلَتْ وَأَنْجَبَتْ لِيَعْقُوبَ ابْناً خَامِساً. 18 فَقَالَتْ لَيْئَةُ: «قَدْ أَعْطَانِي اللهُ أُجْرَتِي لأَنَّنِي وَهَبْتُ جَارِيَتِي لِزَوْجِي». وَدَعَتْهُ يَسَّاكَرَ (وَمَعْنَاهُ: يَعْمَلُ بِأُجْرَةٍ) 19 وَحَبِلَتْ لَيْئَةُ مَرَّةً أُخْرَى فَأَنْجَبَتْ لِيَعْقُوبَ ابْناً سَادِساً. 20 وَقَالَتْ لَيْئَةُ: «قَدَ وَهَبَنِي اللهُ هِبَةً ثَمِينَةً، وَالآنَ يُقِيمُ مَعِي زَوْجِي لأَنِّي أَنْجَبْتُ لَهُ سِتَّةَ بَنِينَ». وَدَعَتْهُ زَبُولُونَ (وَمَعْنَاهُ إِقَامَةُ). 21 ثُمَّ أَنْجَبَتِ ابْنَةً دَعَتْهَا «دِينَةَ».

22 وَذَكَرَ اللهُ رَاحِيلَ وَاسْتَجَابَ لَهَا وَفَتَحَ رَحِمَهَا، 23 فَحَمَلَتْ وَأَنْجَبَتِ ابْناً وَقَالَتْ: «قَدَ نَزَعَ اللهُ عَنِّي عَارِي». 24 وَدَعَتْهُ يُوسُفَ (وَمَعْنَاهُ يَزِيدُ) قَائِلَةً: «لِيَزِدْنِي الرَّبُّ ابْناً آخَرَ».

قطعان يعقوب تزداد

25 وَعِنْدَمَا وَلَدَتْ رَاحِيلُ يُوسُفَ، قَالَ يَعْقُوبُ لِلابَانَ: «أَخْلِ سَبِيلِي فَأَنْطَلِقَ إِلَى بَلَدِي وَإِلَى أَرْضِي، 26 وَأَعْطِنِي نِسَائِي وَأَوْلادِي الَّذِينَ خَدَمْتُكَ بِهِمْ، وَدَعْنِي أَمْضِي، فَأَنْتَ تُدْرِكُ أَيَّةَ خِدْمَةٍ خَدَمْتُكَ». 27 فَقَالَ لَهُ لابَانُ: «إِنْ كُنْتُ قَدْ حَظِيتُ بِرِضَاكَ فَأَرْجُوكَ أَنْ تَمْكُثَ مَعِي، لأَنَّنِي عَرَفْتُ بِالتَّفَاؤُلِ بِالْغَيْبِ أَنَّ الرَّبَّ قَدْ بَارَكَنِي بِفَضْلِكَ». 28 وَأَضَافَ: «عَيِّنْ لِي أُجْرَتَكَ فَأُعْطِيَكَ إِيَّاهَا». 29 فَقَالَ لَهُ يَعْقُوبُ: «أَنْتَ تَعْلَمُ كَيْفَ خَدَمْتُكَ، وَمَاذَا آلَتْ إِلَيْهِ مَوَاشِيكَ تَحْتَ رِعَايَتِي، 30 فَالْقَلِيلُ الَّذِي كَانَ لَكَ قَبْلَ مَجِيئِي ازْدَادَ أَضْعَافاً كَثِيرَةً، فَبَارَكَكَ الرَّبُّ مُنْذُ أَنْ قَدِمْتُ عَلَيْكَ، وَالآنَ مَتَى أَشْرَعُ فِي تَحْصِيلِ رِزْقِ عَائِلَتِي؟» 31 فَسَأَلَهُ: «مَاذَا أُعْطِيكَ؟» فَأَجَابَهُ يَعْقُوبُ: «لا تُعْطِنِي شَيْئاً. وَلَكِنْ إِنْ أَرَدْتَ، فَاصْنَعْ لِي هَذَا الأَمْرَ الْوَاحِدَ فَأَذْهَبَ وَأَرْعَى غَنَمَكَ وَأَعْتَنِيَ بِها: 32 دَعْنِي أَمُرُّ الْيَوْمَ بَيْنَ مَوَاشِيكَ كُلِّهَا، فَتَعْزِلَ مِنْهَا كُلَّ شَاةٍ رَقْطَاءَ وَبَلْقَاءَ وَسَوْدَاءَ مِنْ بَيْنِ الْخِرْفَانِ، وَكُلَّ بَلْقَاءَ وَرَقْطَاءَ بَيْنَ الْمِعْزَى، فَتَكُونُ هَذِهِ أُجْرَتِي. 33 وَتَكُونُ أَمَانَتِي شَاهِدَةً عَلَى صِدْقِ خِدْمَتِي فِي مُسْتَقْبَلِ الأَيَّامِ. فَإِذَا جِئْتَ تَفْحَصُ أُجْرَتِي، وَوَجَدْتَ عِنْدِي مَا لَيْسَ أَرْقَطَ أَوْ أَبْلَقَ بَيْنَ الْمِعْزَى وَأَسْوَدَ بَيْنَ الْخِرْفَانِ، يَكُونُ مَسْرُوقاً عِنْدِي». 34 فَقَالَ لابَانُ: «لِيَكُنْ وَفْقاً لِقَوْلِكَ». 35 وَعَزَلَ لابَانُ فِي ذَلِكَ الْيَوْمِ التُّيُوسَ الْمُخَطَّطَةَ وَالْبَلْقَاءَ، وَكُلَّ عَنْزٍ رَقْطَاءَ وَبَلْقَاءَ، كُلَّ مَا فِيهِ بَيَاضٌ وَكُلَّ خَرُوفٍ أَسْوَدَ. وَعَهِدَ بِها إِلَى أَبْنَاءِ يَعْقُوبَ. 36 وَجَعَلَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ يَعْقُوبَ مَسَافَةَ ثَلاثَةِ أَيَّامٍ، وَاسْتَمَرَّ يَعْقُوبُ يَرْعَى مَوَاشِي لابَانَ.

37 وَأَخَذَ يَعْقُوبُ قُضْبَاناً خَضْرَاءَ مِنْ أَشْجَارِ اللُّبْنَى وَاللَّوْزِ وَالدُّلْبِ وَقَلَّمَهَا بِخُطُوطٍ بَيْضَاءَ كَاشِفاً عَمَّا تَحْتَ الْقِشْرَةِ مِنْ بَيَاضٍ، 38 وَنَصَبَ الْقُضْبَانَ الَّتِي قَلَّمَهَا تِجَاهَ الْغَنَمِ فِي أَجْرَانِ مَسَاقِي الْمَاءِ حَيْثُ تَرِدُ الْمَوَاشِي، فَتَتَوَحَّمُ عَلَيْهَا إِذَا مَا أَقْبَلَتْ لِتَشْرَبَ. 39 فَكَانَتِ الْغَنَمُ تَتَوَحَّمُ عِنْدَ الْقُضْبَانِ، فَتَلِدُ غَنَماً مُخَطَّطَةً وَرَقْطَاءَ وَبَلْقَاءَ. 40 وَفَرَزَ يَعْقُوبُ الْحُمْلانَ، وَجَعَلَ مُقَدِّمَةَ الْمَوَاشِي فِي مُوَاجَهَةِ كُلِّ مَا هُوَ مُخَطَّطٌ وَأَسْوَدُ مِنْ غَنَمِ لابَانَ، وَأَقَامَ لِنَفْسِهِ قُطْعَاناً عَلَى حِدَةٍ بِمَعْزِلٍ عَنْ غَنَمِ لابَانَ. 41 فَكَانَ يَعْقُوبُ كُلَّمَا تَوَحَّمَتِ الْغَنَمُ الْقَوِيَّةُ يَنْصِبُ الْقُضْبَانَ أَمَامَ عُيُونِ الْمَوَاشِي فِي الأَجْرَانِ لِتَتَوَحَّمَ بَيْنَ الْقُضْبَانِ. 42 وَحِينَ تَكُونُ الْغَنَمُ ضَعِيفَةً، لَا يَضَعُ الْقُضْبَانَ أَمَامَهَا، فَصَارَتِ الضَّعِيفَةُ لِلابَانَ وَالْقَوِيَّةُ لِيَعْقُوبَ. 43 فَاغْتَنَى الرَّجُلُ جِدّاً، وَكَثُرَتْ مَوَاشِيهِ وَجَوَارِيهِ وَعَبِيدُهُ وَجِمَالُهُ وَحَمِيرُهُ.

يعقوب يهرب من لابان

31 وَسَمِعَ يَعْقُوبُ مَا يُرَدِّدُهُ أَبْنَاءُ لابَانَ قَائِلِينَ: «لَقَدِ اسْتَوْلَى يَعْقُوبُ عَلَى كُلِّ مَا لأَبِينَا، وَجَمَعَ ثَرْوَتَهُ مِمَّا يَمْلِكُهُ وَالِدُنَا». وَرَأَى يَعْقُوبُ أَنَّ مُعَامَلَةَ لابَانَ لَهُ قَدْ طَرَأَ عَلَيْهَا تَغْيِيرٌ فَاخْتَلَفَتْ عَمَّا كَانَتْ عَلَيْهِ سَابِقاً. وَقَالَ الرَّبُّ لِيَعْقُوبَ: «عُدْ إِلَى أَرْضِ آبَائِكَ وَإِلَى قَوْمِكَ وَأَنَا أَكُونُ مَعَكَ».

فَأَرْسَلَ يَعْقُوبُ وَاسْتَدْعَى رَاحِيلَ وَلَيْئَةَ إِلَى الْحَقْلِ حَيْثُ يَرْعَى الْمَاشِيَةَ. وَقَالَ لَهُمَا: «إِنِّي أَرَى أَنَّ أَبَاكُمَا لَمْ يَعُدْ يُعَامِلُنِي كَالْعَهْدِ بِهِ مِنْ قَبْلُ، وَلَكِنْ إِلَهُ أَبَائِي كَانَ وَمَازَالَ مَعِي. أَنْتُمَا تَعْلَمَانِ أَنَّنِي خَدَمْتُ أَبَاكُمَا بِكُلِّ قُوَايَ. أَمَّا أَبُوكُمَا فَقَدْ غَدَرَ بِي وَغَيَّرَ أُجْرَتِي عَشْرَ مَرَّاتٍ. لَكِنَّ اللهَ لَمْ يَسْمَحْ لَهُ بِأَنْ يُسِيءَ إِلَيَّ. فَإِنْ قَالَ: لِتَكُنِ الْغَنَمُ الرُّقْطُ أُجْرَتَكَ، وَلَدَتْ كُلُّ الْغَنَمِ رُقْطاً. وَإِنْ قَالَ: لِتَكُنِ الْغَنَمُ الْمُخَطَّطَةُ أُجْرَتَكَ، وَلَدَتْ كُلُّ الْغَنَمِ مُخَطَّطَةً. لَقَدْ سَلَبَ اللهُ مَوَاشِي أَبِيكُمَا وَأَعْطَانِي إِيَّاهَا. 10 وَرَأَيْتُ فِي مَوْسِمِ تَلاقُحِ الْغَنَمِ حُلْماً: أَنَّ جَمِيعَ الْفُحُولِ الصَّاعِدَةِ عَلَى الْغَنَمِ مُخَطَّطَةٌ وَرَقْطَاءُ وَمُنَمَّرَةٌ. 11 وَقَالَ لِي مَلاكُ اللهِ فِي الْحُلْمِ: يَا يَعْقُوبُ، 12 تَطَلَّعْ حَوْلَكَ وَانْظُرْ، فَتَرَى أَنَّ جَمِيعَ الْفُحُولِ الصَّاعِدَةِ عَلَى الْغَنَمِ هِيَ مُخَطَّطَةٌ وَرَقْطَاءُ وَمُنَمَّرَةٌ. فَإِنِّي رَأَيْتُ مَا يَصْنَعُهُ بِكَ لابَانُ. 13 أَنَا إِلَهُ بَيْتِ إِيلَ، حَيْثُ مَسَحْتَ عَمُوداً، وَحَيْثُ نَذَرْتَ لِي نَذْراً. الآنَ قُمْ وَامْضِ مِنْ هَذِهِ الأَرْضِ وَارْجِعْ إِلَى أَرْضِ مَوْلِدِكَ».

14 فَقَالَتْ رَاحِيلُ وَلَيْئَةُ: «هَلْ بَقِيَ لَنَا نَصِيبٌ وَمِيرَاثٌ فِي بَيْتِ أَبِينَا؟ 15 أَلَمْ يُعَامِلْنَا كَأَجْنَبِيَّتَيْنِ لأَنَّهُ بَاعَنَا وَأَكَلَ ثَمَنَنَا أَيْضاً؟ 16 إِنَّ كُلَّ الثَّرْوَةِ الَّتِي سَلَبَهَا اللهُ مِنْ أَبِينَا هِيَ لَنَا وَلأَوْلادِنَا، وَالآنَ افْعَلْ كُلَّ مَا قَالَهُ اللهُ لَكَ».

17 فَقَامَ يَعْقُوبُ وَحَمَلَ أَوْلادَهُ وَنِسَاءَهُ عَلَى الْجِمَالِ، 18 وَسَاقَ كُلَّ مَاشِيَتِهِ أَمَامَهُ وَجَمِيعَ مُقْتَنَيَاتِهِ الَّتِي اقْتَنَاهَا فِي سَهْلِ أَرَامَ وَاتَّجَهَ إِلَى إِسْحاقَ أَبِيهِ فِي أَرْضِ كَنْعَانَ. 19 وَكَانَ لابَانُ قَدْ مَضَى لِيَجُزَّ غَنَمَهُ، فَسَرَقَتْ رَاحِيلُ أَصْنَامَ أَبِيهَا. 20 وَكَذَلِكَ خَدَعَ يَعْقُوبُ لابَانَ الأَرَامِيَّ فَلَمْ يُخْبِرْهُ بِقَرَارِهِ 21 فَهَرَبَ هُوَ وَكُلُّ مَا مَعَهُ، وَانْطَلَقَ عَابِراً النَّهْرَ مُتَوَجِّهاً نَحْوَ جَبَلِ جِلْعَادَ.

لابان يطارد يعقوب

22 فَأُخْبِرَ لابَانُ فِي الْيَوْمِ الثَّالِثِ أَنَّ يَعْقُوبَ قَدْ هَرَبَ. 23 فَصَحِبَ إِخْوَتَهُ مَعَهُ وَتَعَقَّبَهُ مَسِيرَةَ سَبْعَةِ أَيَّامٍ حَتَّى أَدْرَكَهُ فِي جَبَلِ جِلْعَادَ. 24 فَتَجَلَّى اللهُ لِلابَانَ الأَرَامِيِّ فِي حُلْمٍ لَيْلاً وَقَالَ لَهُ: «إِيَّاكَ أَنْ تُخَاطِبَ يَعْقُوبَ بِخَيْرٍ أَوْ بِشَرٍّ». 25 وَحِينَ أَدْرَكَ لابَانُ يَعْقُوبَ كَانَ يَعْقُوبُ قَدْ ضَرَبَ خَيْمَتَهُ فِي الْجَبَلِ، فَخَيَّمَ لابَانُ وَإخْوَتُهُ فِي جَبَلِ جِلْعَادَ.

26 وَقَالَ لابَانُ لِيَعْقُوبَ: «مَاذَا دَهَاكَ حَتَّى إِنَّكَ خَدَعْتَنِي وَسُقْتَ ابْنَتَيَّ كَسَبَايَا السَّيْفِ؟ 27 لِمَاذَا هَرَبْتَ خِفْيَةً وَخَدَعْتَنِي؟ لِمَاذَا لَمْ تُخْبِرْنِي فَكُنْتُ أُشَيِّعُكَ بِفَرَحٍ وَغِنَاءٍ وَدُفٍّ وَعُودٍ؟ 28 وَلَمْ تَدَعْنِي أُقَبِّلُ أَحْفَادِي وَابْنَتَيَّ؟ إِنَّكَ بِغَبَاوَةٍ تَصَرَّفْتَ. 29 إنَّ فِي مَقْدُورِي أَنْ أُؤْذِيَكَ، وَلِكِنَّ إِلَهَ أَبِيكَ أَمَرَنِي لَيْلَةَ أَمْسٍ قَائِلاً: إِيَّاكَ أَنْ تُخَاطِبَ يَعْقُوبَ بِخَيْرٍ أَوْ بِشَرٍّ. 30 وَالآنَ أَنْتَ تَمْضِي لأَنَّكَ اشْتَقْتَ إِلَى بَيْتِ أَبِيكَ، وَلَكِنْ لِمَاذَا سَرَقْتَ آلِهَتِي؟».

31 فَأَجَابَ يَعْقُوبُ: «لأَنَّنِي خِفْتُ أَنْ تَغْتَصِبَ ابْنَتَيْكَ مِنِّي. 32 وَالآنَ، مَنْ تَجِدُ آلِهَتَكَ مَعَهُ فَالْمَوْتُ عِقَابُهُ. فَتِّشْ أَمَامَ إِخْوَتِنَا كُلَّ مَا مَعِي. إِنْ وَجَدْتَ لَكَ شَيْئاً فَخُذْهُ». وَلَمْ يَكُنْ يَعْقُوبُ يَعْلَمُ أَنَّ رَاحِيلَ قَدْ سَرَقَتِ الآلِهَةَ.

33 فَدَخَلَ لابَانُ خَيْمَةَ كُلٍّ مِنْ يَعْقُوبَ وَلَيْئَةَ وَالْجَارِيَتَيْنِ فَلَمْ يَجِدْ شَيْئاً. ثُمَّ خَرَجَ مِنْ خِبَاءِ لَيْئَةَ وَدَخَلَ إِلَى خَيْمَةِ رَاحِيلَ. 34 وَكَانَتْ رَاحِيلُ قَدْ أَخَذَتِ الأَصْنَامَ وَأَخْفَتْهَا فِي رَحْلِ الْجَمَلِ وَجَلَسَتْ عَلَيْهَا، فَبَحَثَ فِي كُلِّ الْخَيْمَةِ دُونَ أَنْ يَعْثُرَ عَلَى شَيْءٍ. 35 وَقَالَتْ لأَبِيهَا «لا يُسِئْكَ يَا سَيِّدِي عَدَمُ اسْتِطَاعَتِي الْوُقُوفَ أَمَامَكَ لأَنَّ عَادَةَ النِّسَاءِ قَدْ عَرَضَتْ لِي». وَعِنْدَمَا بَحَثَ لابَانُ وَلَمْ يَجِدْ شَيْئاً 36 اغْتَاظَ يَعْقُوبُ وَخَاصَمَ لابَانَ قَائِلاً: «مَا هُوَ ذَنْبِي وَمَا هِيَ خَطِيئَتِي حَتَّى تَعَقَّبْتَنِي بِغَيْظٍ؟ 37 وَهَا أَنْتَ قَدْ فَتَّشْتَ جَمِيعَ أَثَاثِ بَيْتِي، فَمَاذَا وَجَدْتَ مِنْ جَمِيعِ أَثَاثِ بَيْتِكَ؟ اعْرِضْهُ هُنَا أَمَامَ أَقْرِبَائِنَا فَيَحْكُمُوا بَيْنَنَا كِلَيْنَا. 38 لَقَدْ مَكَثْتُ مَعَكَ عِشْرِينَ سَنَةً، فَمَا أَسْقَطَتْ نِعَاجُكَ وَعِنَازُكَ، وَلَمْ آكُلْ مِنْ كِبَاشِ غَنَمِكَ. 39 أَشْلاءَ فَرِيسَةٍ لَمْ أُحْضِرْ لَكَ بَلْ كُنْتُ أَتَحَمَّلُ خَسَارَتَهَا، وَمِنْ يَدِي كُنْتَ تَطْلُبُهَا، سَوَاءٌ كَانَتْ مَخْطُوفَةً فِي النَّهَارِ أَمْ فِي اللَّيْلِ. 40 كُنْتُ فِي النَّهَارِ يَأْكُلُنِي الْحَرُّ وَفِي اللَّيْلِ الْجَلِيدُ، وَفَارَقَ نَوْمِي عَيْنَيَّ. 41 لَقَدْ صَارَ لِي عِشْرُونَ سَنَةً فِي بَيْتِكَ. أَرْبَعَ عَشْرَةَ سَنَةً مِنْهَا خَدَمْتُكَ لِقَاءَ زَوَاجِي بِابْنَتَيْكَ، وَسِتَّ سَنَوَاتٍ مُقَابِلَ غَنَمِكَ، وَقَدْ غَيَّرْتَ أُجْرَتِي عَشْرَ مَرَّاتٍ. 42 وَلَوْلا أَنَّ إِلَهَ أَبِي، إِلَهَ إِبْرَاهِيمَ وَهَيْبَةَ إِسْحاقَ كَانَا مَعِي لَكُنْتَ الآنَ قَدْ صَرَفْتَنِي فَارِغاً. لَكِنِ الرَّبُّ قَدْ رَأَى مَذَلَّتِي وَتَعَبَ يَدَيَّ فَوَبَّخَكَ لَيْلَةَ أَمْسِ».

43 فَأَجَابَ لابَانُ: «الْبَنَاتُ بَنَاتِي، وَالأَبْنَاءُ أَبْنَائِي وَالْغَنَمُ غَنَمِي، وَكُلُّ مَا تَرَاهُ هُوَ لِي. وَلَكِنْ مَاذَا أَفْعَلُ بِبَنَاتِي وَأَوْلادِهِنَّ الآنَ؟ 44 فَلْنَقْطَعْ عَهْداً بَيْنَنَا الْيَوْمَ، فَيَكُونَ شَاهِداً بَيْنِي وَبَيْنَكَ».

45 فَأَخَذَ يَعْقُوبُ حَجَراً وَنَصَبَهُ عَمُوداً، 46 وَقَالَ لأَقْرِبَائِهِ: «اجْمَعُوا حِجَارَةً». فَأَخَذُوا الْحِجَارَةَ وَجَعَلُوهَا رُجْمَةً وَأَكَلُوا هُنَاكَ فَوْقَهَا. 47 وَدَعَاهَا لابَانُ «يَجَرْ سَهْدُوثَا» (وَمَعْنَاهَا: رُجْمَةُ الشَّهَادَةِ بِلُغَةِ لابَانَ) وَأَمَّا يَعْقُوبُ فَدَعَاهَا «جَلْعِيدَ» (وَمَعْنَاهَا: رُجْمَةُ الشَّهَادَةِ بِلُغَةِ يَعْقُوبَ). 48 وَقَالَ لابَانُ: «هَذِهِ الرُّجْمَةُ شَاهِدَةٌ الْيَوْمَ بَيْنِي وَبَيْنَكَ». لِذَلِكَ دُعِيَ اسْمُهَا جَلْعِيدَ. 49 وَكَذَلِكَ دُعِيَتْ بِالْمِصْفَاةِ أَيْضاً لأَنَّهُ قَالَ: «لِيَكُنِ الرَّبُّ رَقِيباً بَيْنِي وَبَيْنَكَ حِينَ يَغِيبُ كُلٌّ مِنَّا عَنِ الآخَرِ. 50 إِنْ أَسَأْتَ مُعَامَلَةَ ابْنَتَيَّ، أَوْ تَزَوَّجْتَ عَلَيْهِمَا، فَإِنَّ اللهَ يَرَاكَ وَيَكُونُ حَاكِماً بَيْنِي وَبَيْنَكَ حَتَّى لَوْ لَمْ أَعْرِفْ أَنَا». 51 وَأَضَافَ: «لِتَكُنِ الرُّجْمَةُ، وَهَذَا الْعَمُودُ الَّذِي أَقَمْتُهُ بَيْنِي وَبَيْنَكَ 52 شَاهِدَيْنِ أَنْ لَا أَتَجَاوَزَ هَذِهِ الرُّجْمَةَ لإِيقَاعِ الأَذَى بِكَ، أَوْ تَتَجَاوَزَ أَنْتَ الرُّجْمَةَ وَهَذَا الْعَمُودَ لإِلْحَاقِ الضَّرَرِ بِي. 53 وَلْيَكُنْ إِلَهُ إِبْرَاهِيمَ وَإِلَهُ نَاحُورَ وَإِلَهُ أَبِيهِمَا حَاكِماً بَيْنَنَا». فَحَلَفَ يَعْقُوبُ بِهَيْبَةِ أَبِيهِ إِسْحاقَ. 54 ثُمَّ قَدَّمَ يَعْقُوبُ قُرْبَاناً فِي الْجَبَلِ وَدَعَا أَقْرِبَاءَهُ لِيَأْكُلُوا طَعَاماً، فَأَكَلُوا وَقَضَوْا لَيْلَتَهُمْ فِي الْجَبَلِ.

55 وَفِي الصَّبَاحِ الْمُبَكِّرِ نَهَضَ لابَانُ وَقَبَّلَ أَحْفَادَهُ وَابْنَتَيْهِ وَبَارَكَهُمْ، ثُمَّ انْصَرَفَ رَاجِعاً، إِلَى مَحَلِّ إِقَامَتِهِ.

استعداد يعقوب للقاء عيسو

32 وَلَمَّا مَضَى يَعْقُوبُ فِي سَبِيلِهِ لاقَتْهُ مَلائِكَةُ اللهِ. فَقَالَ يَعْقُوبُ: «هَذَا جُنْدُ اللهِ». فَدَعَا اسْمَ ذَلِكَ الْمكَانِ مَحَنَايِمَ. (وَمَعْنَاهُ: الْمُعَسْكَرَانِ).

وَبَعَثَ يَعْقُوبُ قُدَّامَهُ رُسُلاً إِلَى أَخِيهِ عِيسُو فِي أَرْضِ سَعِيرَ بِلادِ أَدُومَ. وَأَوْصَاهُمْ قَائِلاً: «هَذَا مَا تَقُولُونَهُ لِسَيِّدِي عِيسُو: هَكَذَا يَقُولُ عَبْدُكَ يَعْقُوبُ: لَقَدْ تَغَرَّبْتُ عِنْدَ لابَانَ وَمَكَثْتُ هُنَاكَ إِلَى الآنَ، وَاقْتَنَيْتُ بَقَراً وَحَمِيراً وَغَنَماً وَعَبِيداً وَإِمَاءً وَأَرْسَلْتُ لأُعْلِمَ سَيِّدِي لَعَلَّنِي أَحْظَى بِرِضَاكَ».

فَرَجَعَ الرُّسُلُ إِلَى يَعْقُوبَ قَائِلِينَ: «لَقَدْ قَدِمْنَا عَلَى أَخِيكَ عِيسُو وَهَا هُوَ مُقْبِلٌ إِلَيْكَ، وَمَعَهُ أَرْبَعُ مِئَةِ رَجُلٍ». فَاعْتَرَى يَعْقُوبَ خَوْفٌ وَكَرَبٌ عَظِيمَانِ وَقَسَّمَ الْقَوْمَ الَّذِينَ مَعَهُ وَالْغَنَمَ وَالْبَقَرَ وَالْجِمَالَ إِلَى جَمَاعَتَيْنِ. وَقَالَ: «إِنْ صَادَفَ عِيسُو إِحْدَى الْجَمَاعَتَيْنِ وَأَهْلَكَهَا، تَنْجُ الْجَمَاعَةُ الْبَاقِيَةُ».

وَصَلَّى يَعْقُوبُ: «يَا إِلَهَ أَبِي إِبْرَاهِيمَ وَإِلَهَ أَبِي إِسْحاقَ، أَيُّهَا الرَّبُّ الَّذِي قَالَ لِي: ارْجِعْ إِلَى أَرْضِكَ وَإِلَى قَوْمِكَ فَأُحْسِنَ إِلَيْكَ. 10 أَنَا لَا أَسْتَحِقُّ جَمِيعَ إِحْسَانَاتِكَ وَأَمَانَتَكَ الَّتيِ أَبْدَيْتَهَا نَحْوَ عَبْدِكَ، فَقَدْ عَبَرْتُ الأُرْدُنَّ وَلَيْسَ مَعِي سِوَى عَصَايَ، وَهَا أَنَا أَعُودُ وَقَدْ أَصْبَحْتُ جَيْشَيْنِ. 11 نَجِّنِي مِنْ يَدِ أَخِي عِيسُو لأَنِّي خَائِفٌ أَنْ يَقْدِمَ عَلَيَّ فَيُهْلِكَنِي وَيُهْلِكَ مَعِي الأُمَّهَاتِ وَالْبَنِينَ. 12 وَأَنْتَ قُلْتَ: إِنِّي أُحْسِنُ إِلَيْكَ وَأَجْعَلُ ذُرِّيَّتَكَ كَرَمْلِ الْبَحْرِ فَلا تُحْصَى لِكَثْرَتِهَا».

13 وَبَاتَ هُنَاكَ تِلْكَ اللَّيْلَةَ، وَانْتَقَى مِمَّا لَدَيْهِ هَدِيَّةً لأَخِيهِ عِيسُو. 14 فَكَانَتْ مِئَتَيْ عَنْزٍ وَعِشْرِينَ تَيْساً وَمِئَتَيْ نَعْجَةٍ وَعِشْرِينَ كَبْشاً، 15 وَثَلاثِينَ نَاقَةً مُرْضِعَةً مَعَ أَوْلادِهَا، وَأَرْبَعِينَ بَقَرَةً وَعَشَرَةَ ثِيرَانٍ وَعِشْرِينَ أَتَاناً وَعَشَرَةَ حَمِيرٍ، 16 وَعَهِدَ بِها إِلَى أَيْدِي عَبِيدِهِ، كُلِّ قَطِيعٍ عَلَى حِدَةٍ. وَقَالَ لِعَبِيدِهِ: «تَقَدَّمُونِي، وَاجْعَلُوا بَيْنَ كُلِّ قَطِيعٍ وَقَطِيعٍ مَسَافَةً». 17 وَأَوْصَى طَلِيعَتَهُمْ قَائِلاً: «إِذَا لَقِيتَ أَخِي عِيسُو وَسَأَلَكَ: لِمَنْ أَنْتَ؟ وَإِلَى أَيْنَ تَذْهَبُ؟ وَمَنْ هُوَ صَاحِبُ الْقَطِيعِ الَّذِي أَمَامَكَ؟ 18 أَنَّكَ تُجِيبُ: هِيَ لِعَبْدِكَ يَعْقُوبَ، هَدِيَّةٌ بَعَثَ بِها لِسَيِّدِي عِيسُو. وَهَا هُوَ قَادِمٌ خَلْفَنَا». 19 وَأَوْصَى أَيْضاً بَقِيَّةَ السَّائِرِينَ وَرَاءَ الْقُطْعَانِ بِمِثْلِ هَذَا الْكَلامِ وَأَضَافَ: 20 «تَقُولُونَ أَيْضاً: هُوَذَا عَبْدُكَ يَعْقُوبُ قَادِمٌ وَرَاءَنَا». وَكَانَ يَعْقُوبُ يَقُولُ فِي نَفْسِهِ: «أَسْتَعْطِفُهُ بِالْهَدَايَا الَّتِي تَتَقَدَّمُنِي، ثُمَّ بَعْدَ ذَلِكَ أُشَاهِدُ وَجْهَهُ لَعَلَّهُ يَرْضَى عَنِّي». 21 وَهَكَذَا تَقَدَّمَتْهُ هَدَايَاهُ. أَمَّا هُوَ فَقَضَى لَيْلَتَهُ فِي الْمُخَيَّمِ.

يعقوب يصارع مع الله

22 ثُمَّ قَامَ فِي تِلْكَ اللَّيْلَةِ وَصَحِبَ مَعَهُ زَوْجَتَيْهِ وَجَارِيَتَيْهِ وَأَوْلادَهُ الأَحَدَ عَشَرَ، وَعَبَرَ بِهِمْ مَخَاضَةَ يَبُّوقَ، 23 وَلَمَّا أَجَازَهُمْ وَكُلَّ مَالَهُ عَبْرَ الْوَادِي، 24 وَبَقِيَ وَحْدَهُ، صَارَعَهُ إِنْسَانٌ حَتَّى مَطْلَعِ الْفَجْرِ. 25 وَعِنْدَمَا رَأَى أَنَّهُ لَمْ يَتَغَلَّبْ عَلَى يَعْقُوبَ، ضَرَبَهُ عَلَى حُقِّ فَخْذِهِ، فَانْخَلَعَ مَفْصِلُ فَخْذِ يَعْقُوبَ فِي مُصَارَعَتِهِ مَعَهُ. 26 وَقَالَ لَهُ: «أَطْلِقْنِي، فَقَدْ طَلَعَ الْفَجْرُ». فَأَجَابَهُ يَعْقُوبُ: «لا أُطْلِقُكَ حَتَّى تُبَارِكَنِي». 27 فَسَأَلَهُ: «مَا اسْمُكَ؟» فَأَجَابَ: «يَعْقُوبُ». 28 فَقَالَ: «لا يُدْعَى اسْمُكَ فِيمَا بَعْدُ يَعْقُوبَ، بَلْ إِسْرَائِيلَ (وَمَعْنَاهُ: يُجَاهِدُ مَعَ اللهِ)، لأَنَّكَ جَاهَدْتَ مَعَ اللهِ وَالنَّاسِ وَقَدَرْتَ». 29 فَسَأَلَهُ يَعْقُوبُ: «أَخْبِرْنِي مَا اسْمُكَ؟» فَقَالَ: «لِمَاذَا تَسْأَلُ عَنِ اسْمِي؟» وَبَارَكَهُ هُنَاكَ.

30 وَدَعَا يَعْقُوبُ اسْمَ الْمَكَانِ فَنِيئِيلَ (وَمَعْنَاهُ: وَجْهُ اللهِ) إِذْ قَالَ: «لأَنِّي شَاهَدْتُ اللهَ وَجْهاً لِوَجْهٍ وَبَقِيتُ حَيًّا». 31 وَمَا إِنْ عَبَرَ فَنِيئِيلَ حَتَّى أَشْرَقَتْ عَلَيْهِ الشَّمْسُ فَسَارَ وَهُوَ عَارِجٌ مِنْ فَخْذِهِ 32 لِذَلِكَ يَمْتَنِعُ بَنُو إِسْرَائِيلَ عَنْ أَكْلِ عِرْقِ النَّسَا الَّذِي عَلَى حُقِّ الْفَخْذِ إِلَى هَذَا الْيَوْمِ، لأَنَّ الرَّجُلَ ضَرَبَ حُقَّ فَخْذِ يَعْقُوبَ عَلَى عِرْقِ النَّسَا.

لقاء يعقوب وعيسو

33 وَتَطَلَّعَ يَعْقُوبُ مِنْ بَعِيدٍ، فَرَأَى عِيسُو مُقْبِلاً وَمَعَهُ أَرْبَعُ مِئَةِ رَجُلٍ، فَفَرَّق أَوْلادَهُ عَلَى لَيْئَةَ وَرَاحِيلَ وَالْجَارِيَتَيْنِ. فَجَعَلَ الْجَارِيَتَيْنِ وَأَوْلادَهُمَا فِي الطَّلِيعَةِ، ثُمَّ لَيْئَةَ وَأَوْلادَهَا، وَأَخِيراً رَاحِيلَ وَيُوسُفَ. وَتَقَدَّمَهُمْ، وَسَجَدَ إِلَى الأَرْضِ سَبْعَ مَرَّاتٍ حَتَّى اقْتَرَبَ مِنْ أَخِيهِ. فَأَسْرَعَ عِيسُو لِمُلاقَاتِهِ وَعَانَقَهُ وَقَبَّلَهُ، وَبَكَيَا.

وَتَلَفَّتَ عِيسُو حَوْلَهُ فَشَاهَدَ النِّسَاءَ وَالأَوْلادَ فَقَالَ: «مَنْ هَؤُلاءِ الَّذِينَ مَعَكَ؟» فَأَجَابَ: «هُمُ الأَوْلادُ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللهُ بِهِمْ عَلَى عَبْدِكَ». ثُمَّ دَنَتِ الْجَارِيَتَانِ مَعَ أَوْلادِهِمَا وَانْحَنَوْا أَمَامَ عِيسُو. وَبَعْدَهُمْ اقْتَرَبَتْ لَيْئَةُ وَأَوْلادُهَا وَانْحَنَوْا أَيْضاً، وَأَخِيراً تَقَدَّمَتْ رَاحِيلُ وَيُوسُفُ وَانْحَنَيَا أَمَامَهُ. وَسَأَلَ عِيسُو: «مَا هُوَ قَصْدُكَ مِنْ كُلِّ هَذِهِ الْقُطْعَانِ الَّتِي صَادَفْتُهَا؟». فَأَجَابَ يَعْقُوبُ: «هِيَ لِكَيْ أَحْظَى بِرِضَى سَيِّدِي». فَقَالَ عِيسُو: «إِنَّ لَدَيَّ كَثِيراً يَا أَخِي. فَاحْتَفِظْ لِنَفْسِكَ بِمَا لَكَ». 10 فَقَالَ يَعْقُوبُ: «لا، إِنْ كُنْتُ قَدْ حَظِيتُ بِرِضَاكَ، فَأَرْجُو مِنْكَ أَنْ تَقْبَلَ مِنِّي هَدِيَّتِي لأَنِّي رَأَيْتُ وَجْهَكَ كَمَا يُرَى وَجْهُ اللهِ، فَرَضِيتَ عَنِّي. 11 فَأَطْلُبُ إِلَيْكَ أَنْ تَقْبَلَ بَرَكَتِي الَّتِي حَمَلْتُهَا إِلَيْكَ، فَإِنَّ اللهَ قَدْ أَغْدَقَ عَلَيَّ، وَلَدَيَّ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ». وَأَلَحَّ عَلَيْهِ حَتَّى قَبِلَ.

الافتراق السلمي

12 وَقَالَ عِيسُو: «لِنَرْتَحِلْ فَأَسِيرَ أَمَامَكَ وَتَتْبَعَنِي». 13 فَأَجَابَهُ يَعْقُوبُ: «يَا سَيِّدِي أَنْتَ تَعْلَمُ أَنَّ الأَوْلادَ مَا بَرِحُوا أَطْرِيَاءَ الْعُودِ، وَغَنَمِي وَبَقَرِي مُرْضِعَةٌ، فَإِنْ أَجْهَدْتُهَا يَوْماً وَاحِداً فَإِنَّ كُلَّ الْغَنَمِ تَمُوتُ. 14 فَلْيَتَقَدَّمْ مَوْلايَ عَبْدَهُ، وَأَنَا أَسِيرُ مُتَمَهِّلاً فِي إِثْرِ الْمَاشِيَةِ الَّتِي أَمَامِي، وَفِي إِثْرِ الأَوْلادِ أَيْضاً، إِلَى أَنْ أُقْبِلَ عَلَى سَيِّدِي فِي سَعِيرَ». 15 فَقَالَ لَهُ عِيسُو: «إِذاً أَتْرُكُ مَعَكَ بَعْضَ الْقَوْمِ الَّذِينَ مَعِي». فَأَجَابَهُ: «وَأَيُّ حَاجَةٍ لِذَلِكَ؟ إِنَّ كُلَّ مَا أَطْلُبُهُ هُوَ أَنْ أَحْظَى بِرِضَى سَيِّدِي». 16 فَمَضَى عِيسُو فِي طَرِيقِهِ فِي ذَلِكَ الْيَوْمِ رَاجِعاً إِلَى سَعِيرَ.

17 أَمَّا يَعْقُوبُ فَارْتَحَلَ إِلَى سُكُّوتَ، وَبَنَى لِنَفْسِهِ بَيْتاً وَصَنَعَ لِمَوَاشِيهِ مِظَلاتٍ. لِذَلِكَ دُعِيَ ذَلِكَ الْمَكَانُ بِاسْمِ سُكُّوتَ (وَمَعْنَاهُ: الْمِظَلاتُ). 18 ثُمَّ وَصَلَ يَعْقُوبُ سَالِماً مَدِينَةَ شَكِيمَ (وَهِيَ نَابُلْسُ) الَّتِي فِي أَرْضِ كَنْعَانَ، عَلَى طَرِيقِهِ الْمُؤَدِّيَةِ إِلَى سَهْلِ أَرَامَ، وَنَصَبَ خِيَامَهُ مُقَابِلَ الْمَدِينَةِ، 19 وَاشْتَرَى الأَرْضَ الَّتِي نَصَبَ عَلَيْهَا خَيْمَتَهُ، مِنْ أَبْنَاءِ حَمُورَ أَبِي شَكِيمَ بِمِئَةِ قِطْعَةٍ مِنَ الْفِضَّةِ. 20 وَشَيَّدَ هُنَاكَ مَذْبَحاً دَعَاهُ إِيلَ (وَمَعْنَاهُ إِلَهُ إِسْرَائِيلَ).

دينة وأهل شكيم

34 وَخَرَجَتْ دِينَةُ ابْنَةُ لَيْئَةَ الَّتِي أَنْجَبَتْهَا لِيَعْقُوبَ لِتَتَعَرَّفَ عَلَى بَنَاتِ الْمِنْطَقَةِ الْمُحِيطَةِ، فَرَآهَا شَكِيمُ بنُ حَمُورَ الْحِوِّيِّ، رَئِيسِ الْمِنْطَقَةِ، فَأَخَذَهَا وَاغْتَصَبَهَا وَلَوَّثَ شَرَفَهَا، وَأُغْرِمَ قَلْبُهُ بِدِينَةَ وَلاطَفَهَا. وَقَالَ شَكِيمُ لِحَمُورَ أَبِيهِ: «خُذْ لِي هَذِهِ الْفَتَاةَ زَوْجَةً». وَسَمِعَ يَعْقُوبُ أَنَّهُ قَدْ لَوَّثَ شَرَفَ ابْنَتِهِ دِينَةَ. وَكَانَ بَنُوهُ آنَئِذٍ يَرْعَوْنَ مَوَاشِيَهِ فِي الْحَقْلِ، فَسَكَتَ حَتَّى رَجَعُوا.

وَوَفَدَ حَمُورُ وَالِدُ شَكِيمَ عَلَى يَعْقُوبَ لِيُخَاطِبَهُ بِشَأْنِ دِينَةَ وَأَتَى بَنُو يَعْقُوبَ مِنَ الْحَقْلِ عِنْدَمَا سَمِعُوا بِالأَمْرِ، وَقَدِ اسْتَشَاطُوا غَضَباً وَغَيْظاً لأَنَّ شَكِيمَ قَدِ ارْتَكَبَ فَاحِشَةً فِي إِسْرَائِيلَ بِمُضَاجَعَةِ ابْنَةِ يَعْقُوبَ، وَهُوَ أَمْرٌ مَحْظُورٌ. وَقَالَ حَمُورُ: «لَقَدْ تَعَلَّقَتْ نَفْسُ ابْنِي شَكِيمَ بِابْنَتِكُمْ، فَأَطْلُبُ إِلَيْكُمْ أَنْ تُزَوِّجُوهُ مِنْهَا. صَاهِرُونَا، وَزَوِّجُونَا بَنَاتِكُمْ، وَتَزَوَّجُوا مِنْ بَنَاتِنَا، 10 وَاسْكُنُوا مَعَنَا، فَهَا هِيَ الأَرْضُ أَمَامَكُمْ. أَقِيمُوا بِها وَاتَّجِرُوا وَتَمَلَّكُوا فِيهَا». 11 وَقَالَ شَكِيمُ لأَبِيهَا وَإِخْوَتِهَا: «دَعُونِي أَحْظَى بِرِضَاكُمْ، وَكُلُّ مَا تَسْأَلُونَهُ أُعْطِيهِ. 12 أَغْلُوا عَلَيَّ الْمَهْرَ وَالْهَدِيَّةَ فَأَبْذُلَهُمَا كَمَا تَطْلُبُونَ، إِنَّمَا زَوِّجُونِي مِنَ الْفَتَاةِ».

13 وَأَجَابَ أَبْنَاءُ يَعْقُوبَ شَكِيمَ وَأَبَاهُ حَمُورَ بِدَهَاءٍ، لأَنَّهُ كَانَ قَدْ لَوَّثَ شَرَفَ أُخْتِهِمْ، 14 وَقَالُوا لَهُمَا: «لا يُمْكِنُ أَنْ يَحْدُثَ هَذَا الأَمْرُ فَنُعْطِيَ أُخْتَنَا لأَغْلَفَ، لأَنَّ هَذَا عَارٌ عَلَيْنَا. 15 غَيْرَ أَنَّنَا نُوَافِقُ عَلَى طَلَبِكُمْ إِنْ صِرْتُمْ مِثْلَنَا، وَاخْتَتَنَ كُلُّ ذَكَرٍ مِنْكُمْ، 16 عِنْدَئِذٍ نُزَوِّجُكُمْ بَنَاتِنَا، وَنَتَزَوَّجُ مِنْ بَنَاتِكُمْ، فَنُقِيمُ بَيْنَكُمْ وَنُصْبِحُ شَعْباً وَاحِداً، 17 وَإِنْ لَمْ تَسْمَعُوا لَنَا وَتَخْتَتِنُوا، نَأْخُذُ ابْنَتَنَا وَنَمْضِي».

18 فَاسْتَحْسَنَ حَمُورُ وَوَلَدُهُ شَكِيمُ كَلامَهُمْ، 19 وَلَمْ يَتَوَانَ الشَّابُ عَنْ تَنْفِيذِ الأَمْرِ، لأَنَّهُ كَانَ مُغْرَماً بِابْنَةِ يَعْقُوبَ، وَكَانَ أَكْرَمَ جَمِيعِ بَيْتِ أَبِيهِ. 20 فَجَاءَ حَمُورُ وَشَكِيمُ ابْنُهُ إِلَى مَجْلِسِ الْمَدِينَةِ وَقَالا لِرِجَالِهَا: 21 «إِنَّ هَؤُلاءِ الْقَوْمَ مُسَالِمُونَ لَنَا، فَلْنَدَعْهُمْ يُقِيمُونَ فِي الأَرْضِ وَيَتَّجِرُونَ فِيهَا، فَالأَرْضُ رَحْبَةٌ أَمَامَهُمْ، وَلْنَتَزَوَّجْ بَنَاتِهِمْ وَهُمْ يَتَزَوَّجُونَ بَنَاتِنَا. 22 وَقَدِ اشْتَرَطُوا لِلإِقَامَةِ بَيْنَنَا وَأَنْ نُصْبِحَ شَعْباً وَاحِداً، أَنْ يَخْتَتِنَ كُلُّ ذَكَرٍ كَمَا هُمْ 23 عِنْدَ ذَلِكَ تُصْبِحُ مَاشِيَتُهُمْ وَمُقْتَنَيَاتُهُمْ وَكُلُّ بَهَائِمِهِمْ مِلْكاً لَنَا. فَلْنُوَافِقْهُمْ عَلَى ذَلِكَ فَيُقِيمُوا مَعَنَا». 24 فَوَافَقَ جَمِيعُ الْحَاضِرِينَ فِي مَجْلِسِ الْمَدِينَةِ عَلَى كَلامِ حَمُورَ وَابْنِهِ شَكِيمَ، فَاخْتَتَنَ كُلُّ ذَكَرٍ فِي الْمَدِينَةِ.

25 وَفِي الْيَوْمِ الثَّالِثِ، بَيْنَمَا هُمْ مَازَالُوا مُتَوَجِّعِينَ، تَقَلَّدَ شِمْعُونَ وَلاوِي ابْنَا يَعْقُوبَ وَأَخَوَيْ دِينَةَ، سَيْفَيهِمَا، وَدَخَلا الْمَدِينَةَ بِجَرَاءَةٍ وَقَتَلا كُلَّ الذُّكُورِ. 26 وَقَتَلا أَيْضاً حَمُورَ وَشَكِيمَ بِحَدِّ السَّيْفِ، وَأَنْقَذَا دِينَةَ مِنْ بَيْتِ شَكِيمَ وَخَرَجَا. 27 ثُمَّ أَقْبَلَ بَنُو يَعْقُوبَ عَلَى الْقَتْلَى وَنَهَبُوا الْمَدِينَةَ لأَنَّهُمْ لَوَّثُوا شَرَفَ أُخْتِهِمْ، 28 وَاسْتَوْلَوْا عَلَى غَنَمِهِمْ وَبَقَرِهِمْ وَحَمِيرِهِمْ وَعَلَى كُلِّ مَا فِي الْمَدِينَةِ وَفِي الْحَقْلِ، 29 وَسَبَوْا وَنَهَبُوا جَمِيعَ ثَرْوَتِهِمْ وَكُلَّ أَطْفَالِهِمْ وَنِسَائِهِمْ وَكُلَّ مَا فِي الْبُيُوتِ.

30 فَقَالَ يَعْقُوبُ لِشِمْعُونَ وَلاوِي: «لَقَدْ جَلَبْتُمَا عَلَيَّ الشَّقَاءَ وَكَرَاهِيَةَ الْكَنْعَانِيِّينَ وَالْفِرِزِّيِّينَ السَّاكِنِينَ فِي هَذِهِ الْبِلادِ. وَهَا أَنَا نَفَرٌ قَلِيلٌ، فَيَتَأَلَّبُونَ عَلَيَّ وَيَقْتُلُونَنِي، فَأَبِيدُ أَنَا وَبَيْتِي». 31 فَقَالا لَهُ: «أَمِثْلَ زَانِيَةٍ يُعَامِلُ أُخْتَنَا؟».

رجوع يعقوب إلى بيت إيل

35 ثُمَّ قَالَ اللهُ لِيَعْقُوبَ: «اصْعَدْ إِلَى بَيْتِ إِيلَ وَاسْكُنْ هُنَاكَ، وَشَيِّدْ مَذْبَحاً لِلهِ الَّذِي ظَهَرَ لَكَ عِنْدَمَا كُنْتَ هَارِباً مِنْ أَمَامِ أَخِيكَ عِيسُو». فَأَمَرَ يَعْقُوبُ أَهْلَ بَيْتِهِ، وَكُلَّ مَنْ كَانَ مَعَهُ: «تَخَلَّصُوا مِنَ الآلِهَةِ الْغَرِيبَةِ الَّتِي بَيْنَكُمْ، وَتَطَهَّرُوا وَأَبْدِلُوا ثِيَابَكُمْ، ثُمَّ تَعَالَوْا لِنَذْهَبَ إِلَى بَيْتِ إِيلَ لأُشَيِّدَ هُنَاكَ مَذْبَحاً لِلهِ الَّذِي اسْتَجَابَ لِي فِي يَوْمِ ضِيقَتِي، وَرَافَقَنِي فِي الطَّرِيقِ الَّتِي سَلَكْتُهَا». فَسَلَّمُوا يَعْقُوبَ كُلَّ الآلِهَةِ الْغَرِيبَةِ الَّتِي كَانَتْ لَدَيْهِمْ وَالأَقْرَاطَ الَّتِي فِي آذَانِهِمْ، فَطَمَرَ هَا يَعْقُوبُ تَحْتَ الْبُطْمَةِ الَّتِي فِي شَكِيمَ.

ثُمَّ ارْتَحَلُوا، فَهَيْمَنَ رُعْبُ اللهِ عَلَى الْمُدُنِ الَّتِي حَوْلَهُمْ، فَلَمْ يَسْعَوْا وَرَاءَهُمْ فَوَصَلَ يَعْقُوبُ وَجَمِيعُ الْقَوْمِ الَّذِينَ مَعَهُ إِلَى لُوزَ فِي أَرْضِ الْكَنْعَانِيِّينَ، وَهِيَ نَفْسُهَا بَيْتُ إِيلَ. وَشَيَّدَ مَذْبَحاً هُنَاكَ، وَدَعَا الْمَكَانَ «بَيْتَ إِيلَ» لأَنَّ اللهَ تَجَلَّى لَهُ هُنَاكَ عِنْدَمَا كَانَ هَارِباً مِنْ أَمَامِ أَخِيهِ. وَمَاتَتْ هُنَاكَ دَبُورَةُ مُرْضِعَةُ رِفْقَةَ، فَدُفِنَتْ فِي مُنْخَفَضِ بَيْتِ إِيلَ تَحْتَ شَجَرَةِ الْبَلُّوطِ، وَسَمُّوهَا «أَلُّونَ بَاكُوتَ» (وَمَعْنَاهَا: بَلُّوطَةُ الْبُكَاءِ).

وَظَهَرَ اللهُ لِيَعْقُوبَ مَرَّةً أُخْرَى بَعْدَ رُجُوعِهِ مِنْ سَهْلِ أَرَامَ وَبَارَكَهُ، 10 وَقَالَ لَهُ: «لَنْ يُدْعَى اسْمُكَ يَعْقُوبَ فِي مَا بَعْدُ، بَلْ إِسْرَائِيلَ» (وَمَعْنَاهُ: يُجَاهِدُ مَعَ اللهِ). وَهَكَذَا سَمَّاهُ إِسْرَائِيلَ. 11 وَقَالَ اللهُ لَهُ: «أَنَا هُوَ اللهُ الْقَدِيرُ. أَثْمِرْ وَاكْثُرْ، فَيَكُونَ مِنْكَ أُمَّةٌ وَطَوَائِفُ أُمَمٍ، وَمِنْ صُلْبِكَ يَخْرُجُ مُلُوكٌ. 12 وَالأَرْضُ الَّتِي وَهَبْتُهَا لإِبْرَاهِيمَ وَإِسْحاقَ أُعْطِيهَا لَكَ وَلِذُرِّيَّتِكَ مِنْ بَعْدِكَ أَيْضاً». 13 ثُمَّ فَارَقَهُ اللهُ فِي الْمَكَانِ الَّذِي خَاطَبَهُ فِيهِ. 14 وَأَقَامَ يَعْقُوبُ عَمُوداً مِنْ حَجَرٍ فِي الْمَكَانِ الَّذِي تَكَلَّمَ فِيهِ مَعَهُ، وَسَكَبَ عَلَيْهِ سَكِيبَ قُرْبَانٍ وَصَبَّ عَلَيْهِ زَيْتاً أَيْضاً. 15 وَدَعَا اسْمَ الْمَكَانِ «بَيْتَ إِيلَ» (وَمَعْنَاهُ: بَيْتُ اللهِ) لأَنَّ اللهَ خَاطَبَهُ هُنَاكَ.

موت راحيل وإسحاق

16 ثُمَّ ارْتَحَلُوا مِنْ بَيْتِ إِيلَ. وَإِذْ كَانُوا بَعْدُ عَلَى مَسَافَةٍ مِنْ أَفْرَاتَةَ شَعَرَتْ رَاحِيلُ بِالْمَخَاضِ وَتَعَسَّرَتْ وِلادَتُهَا. 17 وَإِذْ كَانَتْ تُقَاسِي فِي وِلادَتِهَا قَالَتْ لَهَا الْقَابِلَةُ: «لا تَخَافِي، فَإِنَّ هَذَا أَيْضاً ابْنٌ آخَرُ لَكِ». 18 وَبَيْنَمَا كَانَتْ تَلْفِظُ أَنْفَاسَهَا عِنْدَ مَوْتِهَا دَعَتْهُ «بِنْ أُوْنِي» (وَمَعْنَاهُ: ابْنُ حُزْنِي) غَيْرَ أَنَّ أَبَاهُ دَعَاهُ «بِنْيَامِينَ» (وَمَعْنَاهُ: ابْنُ يَمِينِي). 19 ثُمَّ مَاتَتْ رَاحِيلُ وَدُفِنَتْ فِي الطَّرِيقِ الْمُؤَدِّيَةِ إِلَى أَفْرَاتَةَ، أَيْ بَيْتِ لَحْمٍ. 20 وَأَقَامَ يَعْقُوبُ عَمُوداً عَلَى قَبْرِهَا، وَهُوَ الْمَعْرُوفُ بِعَمُودِ قَبْرِ رَاحِيلَ إِلَى الْيَوْمِ.

21 وَتَابَعَ إِسْرَائِيلُ رَحِيلَهُ وَنَصَبَ خِيَامَهُ وَرَاءَ «بُرْجِ عِدْرٍ» 22 وَبَيْنَمَا كَانَ إِسْرَائِيلُ يُقِيمُ فِي تِلْكَ الأَرْضِ مَضَى رَأُوبَيْنُ وَضَاجَعَ بِلْهَةَ سُرِّيَّةَ أَبِيهِ. وَعَرَفَ إِسْرَائِيلُ بِالأَمْرِ. وَهَؤُلاءِ هُمْ أَبْنَاءُ يَعْقُوبَ الاثْنَا عَشَرَ:

23 أَبْنَاءُ لَيْئَةَ: رَأُوبَيْنُ بِكْرُ يَعْقُوبَ، وَشِمْعُونُ وَلاوِي وَيَهُوذَا وَيَسَّاكَرُ وَزَبُولُونُ. 24 وَابْنَا رَاحِيلَ: يُوسُفُ وَبَنْيَامِينُ. 25 وَابْنَا بِلْهَةَ جَارِيَةِ رَاحِيلَ: دَانٌ وَنَفْتَالِي. 26 وَابْنَا زِلْفَةَ جَارِيَةِ لَيْئَةَ: جَادٌ وَأَشِيرُ. وَهَؤُلاءِ هُمْ أَوْلادُ يَعْقُوبَ الَّذِينَ وُلِدُوا لَهُ فِي سَهْلِ أَرَامَ.

27 وَقَدِمَ يَعْقُوبُ عَلَى إِسْحاقَ أَبِيهِ إِلَى مَمْرَا فِي قَرْيَةِ أَرْبَعَ الْمَعْرُوفَةِ بِحَبْرُونَ حَيْثُ تَغَرَّبَ إِبْرَاهِيمُ وَإِسْحاقُ. 28 وَعَاشَ إِسْحاقُ مِئَةً وَثَمَانِينَ سَنَةً، 29 ثُمَّ أَسْلَمَ رُوحَهُ وَلَحِقَ بِقَوْمِهِ شَيْخاً طَاعِناً فِي السِّنِّ وَدَفَنَهُ ابْنَاهُ عِيسُو وَيَعْقُوبُ.

ذرية عيسو

36 وَهَذَا سِجِلُّ مَوَالِيدِ عِيسُو أَيْ أَدُومَ: تَزَوَّجَ عِيسُو مِنْ بَنَاتِ كَنْعَانَ: عَدَا بِنْتَ إِيلُونَ الْحِثِّيِّ وَأُهُولِيبَامَةَ بِنْتَ عَنَى بِنْتِ صِبْعُونَ الْحِوِّيِّ. وَتَزَوَّجَ أَيْضاً بَسْمَةَ بِنْتَ إِسْمَاعِيلَ عَمِّهِ، أُخْتَ نَبَايُوتَ. فَأَنْجَبَتْ عَدَا لِعِيسُو أَلِيفَازَ، وَأَنْجَبَتْ بَسْمَةُ رَعُوئِيلَ. أَمَّا أُهُولِيبَامَةُ فَقَدْ أَنْجَبَتْ يَعُوشَ وَيَعْلامَ وَقُورَحَ. هَؤُلاءِ هُمْ أَبْنَاءُ عِيسُو الَّذِينَ وُلِدُوا لَهُ فِي أَرْضِ كَنْعَانَ.

وَأَخَذَ عِيسُو زَوْجَاتِهِ وَبَنِيهِ وَبَنَاتِهِ وَجَمِيعَ أَهْلِ بَيْتِهِ وَمَوَاشِيهِ وَكُلَّ بَهَائِمِهِ وَسَائِرَ مُقْتَنَيَاتِهِ الَّتِي اقْتَنَاهَا فِي أَرْضِ كَنْعَانَ وَانْتَقَلَ إِلَى أَرْضٍ أُخْرَى بَعِيداً عَنْ أَخِيهِ يَعْقُوبَ، لأَنَّ أَمْلاكَهُمَا كَانَتْ مِنَ الْكَثْرَةِ بِحَيْثُ لَمْ تَسَعْهُمَا الأَرْضُ لِلإِقَامَةِ مَعاً، وَلَمْ تَسْتَطِعْ أَرْضُ غُرْبَتِهِمَا أَنْ تَكْفِيَهُمَا لِرَعْيِ مَوَاشِيهِمَا. فَاسْتَوْطَنَ عِيسُو، أَيْ أَدُومُ، جَبَلَ سَعِيرَ.

وَهَذِهِ هِيَ أَسْمَاءُ أَبنَاءِ عِيسُو: 10 أَلِيفَازُ بْنُ عَدَا، وَرَعُوئِيلُ بْنُ بَسْمَةَ. 11 أَمَّا أَبْنَاءُ أَلِيفَازَ فَهُمْ: تَيْمَانُ وَأُوْمَارُ وَصَفْوُ وَجَعْثَامُ وَقَنَازُ. 12 وَكَانَتْ تِمْنَاعُ سُرِّيَّةً لأَلِيفَازَ بْنِ عِيسُو فَأَنْجَبَتْ لأَلِيفَازَ عَمَالِيقَ. هَؤُلاءِ أَبْنَاءُ عَدَا زَوْجَةِ عِيسُو. 13 أَمَّا أَبْنَاءُ رَعُوئِيلَ فَهُمْ: نَحَثُ وَزَارَحُ وَشَمَّةُ وَمِزَّةُ. وَجَمِيعُهُمْ أَبْنَاءُ بَسْمَةَ زَوْجَةِ عِيسُو. 14 وَهَؤُلاءِ هُمْ أَبْنَاءُ أُهُولِيبَامَةَ بِنْتِ عَنَى حَفِيدَةِ صِبْعُونَ، زَوْجَةِ عِيسُو؛ فَقَدْ أَنْجَبَتْ لِعيسُو يَعُوشَ وَيَعْلامَ وَقُورَحَ.

15 وَهَؤُلاءِ هُمْ رُؤَسَاءُ قَبَائِلِ بَنِي عِيسُو، مِنْ مَوَالِيدِ أَلِيفَازَ بِكْرِ عِيسُو: تَيْمَانُ وَأُوْمَارُ وَصَفْوُ وَقَنَازُ. 16 وَقُورَحُ وَجَعْثَامُ وَعَمَالِيقُ. هَؤُلاءِ هُمْ رُؤَسَاءُ الْقَبَائِلِ الْمُنْحَدِرَةِ مِنْ أَلِيفَازَ فِي أَرْضِ أَدُومَ. وَهُمْ مِنْ ذُرِّيَّةِ عَدَا. 17 وَهَؤُلاءِ هُمْ رُؤَسَاءُ قَبَائِلِ بَنِي رَعُوئِيلَ ابْنِ عِيسُو: نَحَثُ وَزَارَحُ وَشَمَّةُ وَمِزَّةُ. هَؤُلاءِ هُمْ رُؤَسَاءُ الْقَبَائِلِ الْمُنْحَدِرَةِ مِنْ رَعُوئِيلَ فِي أَرْضِ أَدُومَ. وَهُمْ مِنْ ذُرِّيَّةِ بَسْمَةَ امْرَأَةِ عِيسُو. 18 وَهَؤُلاءِ هُمْ أَبْنَاءُ أَهُولِيبَامَةَ امْرَأَةِ عِيسُو: الرُّؤَسَاءُ يَعُوشُ وَيَعْلامُ وَقُورَحُ. وَهُمْ رُؤَسَاءُ الْقَبَائِلِ الْمُنْحَدِرَةِ مِنْ أُهُولِيبَامَةَ امْرَأَةِ عِيسُو. 19 هَؤُلاءِ هُمْ أَبْنَاءُ عِيسُو، أَيْ أَدُومَ، وَهَؤُلاءِ هُمْ رُؤَسَاءُ قَبَائِلِهِمْ.

20 وَهَؤُلاءِ هُمْ أَبْنَاءُ سِعِيرَ الْحُورِيِّ رُؤَسَاءُ الْقَبَائِلِ الْقَاطِنَةِ فِي الْمِنْطَقَةِ: لُوطَانُ وَشُوبَالُ وَصِبْعُونُ وَعَنَى. 21 وَدِيشُونُ وَإِيصَرُ وَدِيشَانُ. هَؤُلاءِ هُمْ رُؤَسَاءُ قَبَائِلِ الْحُورِيِّينَ مِنْ بَنِي سِعِيرَ الْمُقِيمِينَ فِي أَرْضِ أَدُومَ. 22 أَمَّا ابْنَا لُوطَانَ فَهُمَا حُورِيُّ وَهَيْمَامُ، وَتِمْنَاعُ هِيَ أُخْتُ لُوطَانَ. 23 وَهَؤُلاءِ هُمْ بَنُو شُوبَالَ: عَلْوَانُ وَمَنَاحَةُ وَعِيبَالُ وَشَفْوُ وَأُونَامُ. 24 أَمَّا ابْنَا صِبْعُونَ فَهُمَا أَيَّةُ وَعَنَى. هَذَا هُوَ عَنَى الَّذِي عَثَرَ عَلَى يَنَابِيعِ الْمِيَاهِ الْحَارَّةِ فِي الصَّحْرَاءِ عِنْدَمَا كَانَ يَرْعَى حَمِيرَ أَبِيهِ صِبْعُونَ. 25 وَأَنْجَبَ عَنَى دِيشُونَ وَابْنَتَهُ أَهُولِيبَامَة. 26 وَأَبْنَاءُ دِيَشَانَ حَمْدَانُ وَأَشْبَانُ وَيثْرَانُ وَكَرَانُ. 27 وَأَبْنَاءُ إِيصَرَ: بِلْهَانُ وَزَعْوَانُ وَعَقَانُ. 28 أَمَّا ابْنَا دِيشَانَ فَهُمَا: عُوصٌ وَأَرَانُ. 29 هَؤُلاءِ هُمْ رُؤَسَاءُ قَبَائِلِ الْحُورِيِّينَ: لُوطَانُ وَشُوبَالُ وَصِبْعُونُ وَعَنَى. 30 وَدِيشُونُ وَإِيصَرُ وَدِيشَانُ. هَؤُلاءِ هُمْ رُؤَسَاءُ قَبَائِلِ الْحُورِيِّينَ وَفْقاً لِطَوَائِفِهِمِ الْمُقِيمَةِ فِي أَرْضِ سِعِيرَ.

ملوك أدوم

31 وَهَؤُلاءِ هُمُ الْمُلُوكُ الَّذِينَ حَكَمُوا أَرْضَ أَدُومَ قَبْلَ أَنْ يُتَوَّجَ مَلِكٌ فِي إِسْرَائِيلَ: 32 بَالَعُ بْنُ بَعُورَ مَلَكَ فِي أَدُومَ وَكَانَ اسْمُ مَدِينَتِهِ دِنْهَابَةَ. 33 وَمَاتَ بَالَعُ فَخَلَفَهُ يُوبَابُ بْنُ زَارَحَ مِنْ بُصْرَةَ. 34 وَمَاتَ يُوبَابُ فَخَلَفَهُ حُوشَامُ مِنْ أَرْضِ التَّيْمَانِيِّ. 35 وَمَاتَ حُوشَامُ فَخَلَفَهُ هَدَادُ بْنُ بَدَادَ الَّذِي قَهَرَ الْمِدْيَانِيِّينَ فِي بِلادِ مُوآبَ. وَاسْمُ مَدِينَتِهِ عَوِيتُ. 36 وَمَاتَ هَدَادُ فَخَلَفَهُ سَمْلَةُ مِنْ مَسْرِيقَةَ. 37 وَمَاتَ سَمْلَةُ فَخَلَفَهُ شَأُولُ مِنْ رَحُوبُوتِ النَّهْرِ. 38 وَمَاتَ شَأُولُ فَخَلَفَهُ بَعْلُ حَانَانَ بْنُ عَكْبُورَ. 39 وَمَاتَ بَعْلُ حَانَانَ فَخَلَفَهُ هَدَارُ وَاسْمُ مَدِينَتِهِ فَاعُوَ، وَكَانَتْ زَوْجَتُهُ مَهِيطَبْئِيلَ بِنْتَ مَطْرِدَ بِنْتِ مَاءِ ذَهَبٍ.

40 وَهَذِهِ أَسْمَاءُ رُؤَسَاءِ الْقَبَائِلِ الْمُتَفَرِّعَةِ مِنْ نَسْلِ عِيسُو حَسَبَ قَبَائِلِهِمْ وَأَمَاكِنِهِمِ الَّتِي حَمَلَتْ أَسْمَاءَهُمْ: رُؤَسَاءُ تِمْنَاعَ وَعَلْوَةَ وَيَتِيتَ 41 وَأُهُولِيبَامَةَ وَإِيلَةَ وَفِينُونَ 42 وَقَنَازَ وَتَيْمَانَ وَمِبْصَارَ 43 وَمَجْدِيئِيلَ وَعِيرَامَ. هَؤُلاءِ هُمْ رُؤَسَاءُ أَدُومَ، حَسَبَ مَوَاطِنِ سُكْنَاهُمْ فِي الأَرْضِ الَّتِي امْتَلَكُوهَا. وَجَمِيعُهُمْ مِنْ ذُرِّيَّةِ عِيسُو، أَبِي أَدُومَ.

أحلام يوسف

37 وَسَكَنَ يَعْقُوبُ فِي أَرْضِ كَنْعَانَ، حَيْثُ تَغَرَّبَ أَبُوهُ، وَهَذَا سِجِلٌّ بِسِيرَةِ يَعْقُوبَ. إِذْ كَانَ يُوسُفُ غُلَاماً فِي السَّابِعَةِ عَشْرَةَ مِنْ عُمْرِهِ، رَاحَ يَرْعَى الْغَنَمَ مَعَ إِخْوَتِهِ أَبْنَاءِ بِلْهَةَ وَزِلْفَةَ زَوْجَتَيْ أَبِيهِ، فَأَبْلَغَ يُوسُفُ أَبَاهُ بِنَمِيمَتِهِمِ الرَّدِيئَةِ. وَكَانَ إِسْرَائِيلُ يُحِبُّ يُوسُفَ أَكْثَرَ مِنْ بَقِيَّةِ إِخْوَتِهِ، لأَنَّهُ كَانَ ابْنَ شَيْخُوخَتِهِ، فَصَنَعَ لَهُ قَمِيصاً مُلَوَّناً. وَلَمَّا رَأَى إِخْوَتُهُ أَنَّ أَبَاهُمْ يُحِبُّهُ أَكْثَرَ مِنْهُمْ كَرِهُوهُ وَأَسَاءُوا إِلَيْهِ بِكَلامِهِمْ.

وَحَلُمَ يُوسُفُ حُلْماً قَصَّهُ عَلَى إِخْوَتِهِ، فَازْدَادُوا لَهُ بُغْضاً. قَالَ لَهُمْ: «اسْمَعُوا هَذَا الْحُلْمَ الَّذِي حَلَمْتُهُ. رَأَيْتُ وَكَأَنَّنَا نَحْزِمُ حُزَماً فِي الْحَقْلِ، فَإِذَا بِحُزْمَتِي وَقَفَتْ ثُمَّ انْتَصَبَتْ، فَأَحَاطَتْ بِها حُزَمُكُمْ وَانْحَنَتْ لَهَا». فَقَالَ لَهُ إِخْوَتُهُ: «أَلَعَلَّكَ تَمْلِكُ عَلَيْنَا أَوْ تَحْكُمُنَا؟» وَزَادَ بُغْضُهُمْ لَهُ بِسَبَبِ أَحْلامِهِ وَكَلامِهِ. ثُمَّ حَلُمَ حُلْماً آخَرَ سَرَدَهُ عَلَى إِخْوَتِهِ، قَالَ: «حَلَمْتُ حُلْماً آخَرَ، وَإذَا الشَّمْسُ وَالْقَمَرُ وَأَحَدَ عَشَرَ كَوْكَباً سَاجِدَةٌ لِي». 10 وَقَصَّهُ عَلَى أَبِيهِ وَإِخْوَتِهِ، فَأَنَّبَهُ أَبُوهُ وَقَالَ: «أَيُّ حُلْمٍ هَذَا الَّذِي حَلَمْتَهُ؟ أَتَظُنُّ حَقّاً أَنَّنِي وَأُمَّكَ وَإِخْوَتَكَ سَنَأْتِي وَنَنْحَنِي لَكَ إِلَى الأَرْضِ؟» 11 فَحَسَدَهُ إِخْوَتُهُ. أَمَّا أَبُوهُ فَأَسَرَّ هَذَا الْكَلامَ فِي قَلْبِهِ.

إخوة يوسف يبيعونه

12 وَانْطَلَقَ إِخْوَتُهُ لِيَرْعَوْا غَنَمَ أَبِيهِمْ عِنْدَ شَكِيمَ، 13 فَقَالَ إِسْرَائِيلُ لِيُوسُفَ: أَلا يَرْعَى إِخْوَتُكَ الْغَنَمَ عِنْدَ شَكِيمَ؟ تَعَالَ لأُرْسِلَكَ إِلَيْهِمْ. 14 اذْهَبْ وَاطْمَئِنَّ عَلَى إِخْوَتِكَ وَعَلَى الْمَوَاشِي، ثُمَّ عُدْ وَأَخْبِرْنِي عَنْ أَحْوَالِهِمْ، فَمَضَى مِنْ وَادِي حَبْرُونَ حَتَّى أَقْبَلَ إِلَى شَكِيمَ. 15 وَالْتَقَاهُ رَجُلٌ فَوَجَدَهُ تَائِهاً فِي الْحُقُولِ، فَسَأَلَهُ: «عَمَّنْ تَبْحَثُ؟» 16 فَأَجَابَهُ: «أَبْحَثُ عَنْ إِخْوَتِي. أَرْجُوكَ أَنْ تُخْبِرَنِي أَيْنَ يَرْعَوْنَ مَوَاشِيَهُمْ؟» 17 فَقَالَ الرَّجُلُ: «لَقَدِ انْتَقَلُوا مِنْ هُنَا، وَسَمِعْتُهُمْ يَقُولُونَ: لِنَذْهَبْ إِلَى دُوثَانَ». فَانْطَلَقَ يُوسُفُ فِي إِثْرِ إِخْوَتِهِ حَتَّى قَدِمَ عَلَيْهِمْ فِي دُوثَانَ.

18 وَمَا إِنْ رَأَوْهُ مِنْ بَعِيدٍ، وَقَبْلَ أَنْ يَقْتَرِبَ مِنْهُمْ حَتَّى تَآمَرُوا عَلَيْهِ لِيَقْتُلُوهُ. 19 وَقَالَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ: «هَا هُوَ صَاحِبُ الأَحْلامِ مُقْبِلٌ. 20 هَيَّا نَقْتُلُهُ وَنُلْقِ بِهِ فِي إِحْدَى الآبَارِ، وَنَدَّعِي أَنَّ وَحْشاً ضَارِياً افْتَرَسَهُ، لِنَرَى مَاذَا تُجْدِيهِ أَحْلامُهُ». 21 وَإِذْ سَمِعَ رَأُوبَيْنُ حَدِيثَهُمْ، أَرَادَ أَنْ يُنْقِذَهُ فَقَالَ: «لا نَقْتُلُهُ، 22 وَلا تَسْفِكُوا دَماً، بَلِ اطْرَحُوهُ فِي هَذِهِ الْبِئْرِ فِي الْبَرِّيَّةِ، وَلا تَمُدُّوا إِلَيْهِ يَداً بِأَذىً». وَقَدْ أَشَارَ رَأُوبَيْنُ بِهَذَا لأَنَّهُ أَرَادَ أَنْ يُخَلِّصَهُ مِنْهُمْ وَيَرُدَّهُ إِلَى أَبِيهِ. 23 وَعِنْدَمَا قَدِمَ عَلَى إِخْوَتِهِ، نَزَعُوا عَنْهُ قَمِيصَهُ الْمُلَوَّنَ الَّذِي كَانَ يَرْتَدِيهِ، 24 وَأَخَذُوهُ وَأَلْقَوْا بِهِ فِي الْبِئْرِ. وَكَانَتِ الْبِئْرُ فَارِغَةً مِنَ الْمَاءِ.

25 وَحِينَ جَلَسُوا لِيَأْكُلُوا شَاهَدُوا عَنْ بُعْدٍ قَافِلَةً مِنَ الإِسْمَاعِيلِيِّينَ قَادِمِينَ مِنْ جِلْعَادَ فِي طَرِيقِهِمْ إِلَى مِصْرَ، وَجِمَالُهُمْ مُثَقَّلَةٌ بِالتَّوَابِلِ وَالْبَلَسَانِ وَالْمُرِّ. 26 فَقَالَ يَهُوذَا لإِخْوَتِهِ: «مَا جَدْوَى قَتْلِ أَخِينَا وَإِخْفَاءِ دَمِهِ؟ 27 تَعَالَوْا نَبِيعُهُ إِلَى الإِسْمَاعِيلِيِّينَ وَنُبْرِئُ أَيْدِينَا مِنْ دَمِهِ لأَنَّهُ أَخُونَا وَمِنْ لَحْمِنَا». فَوَافَقَ إِخْوَتُهُ عَلَى رَأْيِهِ. 28 وَعِنْدَمَا دَنَا مِنْهُمُ التُّجَّارُ الْمِدْيَانِيُّونَ، سَحَبُوا يُوسُفَ مِنَ الْبِئْرِ وَبَاعُوهُ لَهُمْ بِعِشْرِينَ قِطْعَةً مِنَ الْفِضَّةِ، فَحَمَلُوهُ إِلَى مِصْرَ. 29 ثُمَّ ذَهَبَ رَأُوبَيْنُ إِلَى الْبِئْرِ لِيُنْقِذَ يُوسُفَ فَلَمْ يَجِدْهُ، فَمَزَّقَ ثِيَابَهُ، 30 وَرَجَعَ إِلَى إِخْوَتِهِ يَقُولُ: «الْوَلَدُ لَيْسَ مَوْجُوداً، وَأَنَا الآنَ إِلَى أَيْنَ أَتَوَجَّهُ؟»

31 فَأَخَذُوا قَمِيصَ يُوسُفَ الْمُلَوَّنَ، وَذَبَحُوا تَيْساً مِنَ الْمِعْزَى وَغَمَسُوا الْقَمِيصَ فِي الدَّمِ، 32 وَأَرْسَلُوهُ إِلَى أَبِيهِمْ قَائِلِينَ: «لَقَدْ وَجَدْنَا هَذَا الْقَمِيصَ، فَتَحَقَّقْ مِنْهُ، أَهُوَ قَمِيصُ ابْنِكَ أَمْ لا؟» 33 فَتَعَرَّفَ يَعْقُوبُ عَلَيْهِ وَقَالَ: «هَذَا قَمِيصُ ابْنِي. وَحْشٌ ضَارٍ افْتَرَسَهُ وَمَزَّقَهُ أَشْلاءَ». 34 فَشَقَّ يَعْقُوبُ ثِيَابَهُ، وَارْتَدَى الْمُسُوحَ عَلَى حَقْوَيْهِ، وَنَاحَ عَلَى ابْنِهِ أَيَّاماً عَدِيدَةً. 35 وَعِنْدَمَا قَامَ جَمِيعُ أَبْنَائِهِ لِيُعَزُّوهُ أَبَى أَنْ يَتَعَزَّى وَقَالَ: «إِنِّي أَمْضِي إِلَى ابْنِي نَائِحاً إِلَى الْهَاوِيَةِ». وَبَكَى عَلَيْهِ أَبُوهُ. 36 وَبَاعَ الْمِدْيَانِيُّونَ يُوسُفَ فِي مِصْرَ لِفُوطِيفَارَ كَبِيرِ خَدَمِ فِرْعَوْنَ، رَئِيسِ الْحَرَسِ.

يهوذا وثامار

38 وَحَدَثَ فِي ذَلِكَ الْوَقْتِ أَنَّ يَهُوذَا افْتَرَقَ عَنْ إِخْوَتِهِ وَأَقَامَ عِنْدَ رَجُلٍ عَدُلَّامِيٍّ يُدْعَى حِيرَةَ وَشَاهَدَ هُنَاكَ ابْنَةَ كَنْعَانِيٍّ اسْمُهُ شُوعٌ، فَتَزَوَّجَهَا، فَحَمَلَتْ وَأَنْجَبَتْ لَهُ ابْناً دَعَاهُ عِيراً. ثُمَّ حَمَلَتْ أَيْضاً وَأَنْجَبَتِ ابْناً سَمَّتْهُ أُونَانَ. ثُمَّ عَادَتْ فَأَنْجَبَتْ فِي كَزِيبَ ابْناً دَعَتْهُ شِيلَةَ.

وَأَخَذَ يَهُوذَا لِعِيرَ بِكْرِهِ زَوْجَةً تُدْعَى ثَامَارَ. وَإِذْ كَانَ عِيرُ بِكْرُ يَهُوذَا شِرِّيراً، أَمَاتَهُ الرَّبُّ. فَقَالَ يَهُوذَا لأُونَانَ: «ادْخُلْ عَلَى زَوْجَةِ أَخِيكَ وَتَزَوَّجْهَا وَأَقِمْ لأَخِيكَ نَسْلاً». وَعَرَفَ أُونَانُ أَنَّ النَّسْلَ لَا يَكُونُ لَهُ، فَكَانَ كُلَّمَا عَاشَرَ امْرَأَةَ أَخِيهِ يُفْسِدُ عَلَى الأَرْضِ، كَيْ لا يُقِيمَ لأَخِيهِ نَسْلاً. 10 فَسَاءَ عَمَلُهُ هَذَا فِي عَيْنَيِ الرَّبِّ فَأَمَاتَهُ أَيْضاً. 11 فَقَالَ يَهُوذَا لِثَامَارَ كَنَّتِهِ: «امْكُثِي أَرْمَلَةً فِي بَيْتِ أَبِيكِ رَيْثَمَا يَكْبُرُ شِيلَةُ ابْنِي». لأَنَّهُ قَالَ: «لِئَلّا يَمُوتَ شِيلَةُ أَيْضاً كَمَا مَاتَ أَخَوَاهُ». فَمَضَتْ ثَامَارُ وَمَكَثَتْ فِي بَيْتِ أَبِيهَا.

12 وَبَعْدَ زَمَنٍ طَوِيلٍ مَاتَتْ زَوْجَةُ يَهُوذَا ابْنةُ شُوعٍ. وَإِذْ تَعَزَّى يَهُوذَا بَعْدَهَا انْطَلَقَ إِلَى جُزَّازِ غَنَمِهِ فِي تِمْنَةَ بِرِفْقَةِ حِيرَةَ صَاحِبِهِ الْعَدُلامِيِّ. 13 فَقِيلَ لِثَامَارَ: «هُوَذَا حَمُوكِ قَادِمٌ لِتِمْنَةَ لِجَزِّ غَنَمِهِ». 14 فَنَزَعَتْ عَنْهَا ثِيَابَ تَرَمُّلِهَا، وَتَبَرْقَعَتْ وَتَلَفَّعَتْ وَجَلَسَتْ عِنْدَ مَدْخَلِ عَيْنَايِمَ الَّتِي عَلَى طَرِيقِ تِمْنَةَ، لأَنَّهَا عَرَفَتْ أَنَّ شِيلَةَ قَدْ كَبُرَ وَأَنَّهَا لَنْ تُزَفَّ إِلَيْهِ. 15 فَعِنْدَمَا رَآهَا يَهُوذَا ظَنَّهَا زَانِيَةً لأَنَّهَا كَانَتْ تُغَطِّي وَجْهَهَا، 16 فَمَالَ نَحْوَهَا إِلَى جَانِبِ الطَّرِيقِ وَقَالَ: «دَعِينِي أُعَاشِرُكِ». وَلَمْ يَكُنْ يَدْرِي أَنَّهَا كَنَّتُهُ. فَقَالَتْ: «مَاذَا تُعْطِينِي لِكَيْ تُعَاشِرَنِي؟» 17 فَقَالَ: «أَبْعَثُ إِلَيْكِ جَدْيَ مِعْزَى مِنَ الْقَطِيعِ». فَقَالَتْ: «أَتُعْطِينِي رَهْناً حَتَّى تَبْعَثَ بِهِ؟» 18 فَسَأَلَهَا: «أَيُّ رَهْنٍ أُعْطِيكِ؟» فَأَجَابَتْهُ: «خَاتَمُكَ وَعِصَابَتُكَ وَعَصَاكَ». فَأَعْطَاهَا مَا طَلَبَتْ، وَعَاشَرَهَا فَحَمَلَتْ مِنْهُ. 19 ثُمَّ قَامَتْ وَمَضَتْ، وَخَلَعَتْ بُرْقُعَهَا وَارْتَدَتْ ثِيَابَ تَرَمُّلِهَا.

20 وَعِنْدَمَا أَرْسَلَ الْجَدْيَ مَعَ صَاحِبِهِ الْعَدُلامِيِّ لِيَسْتَرِدَّ الرَّهْنَ مِنْ يَدِ الْمَرْأَةِ لَمْ يَجِدْهَا. 21 فَسَأَلَ أَهْلَ الْمَكَانِ: «أَيْنَ الزَّانِيَةُ الَّتِي كَانَتْ تَجْلِسُ عَلَى الطَّرِيقِ فِي عَيْنَايِمَ؟» فَقَالُوا: «لَمْ تَكُنْ فِي هَذَا الْمَكَانِ زَانِيَةٌ». 22 فَعَادَ إِلَى يَهُوذَا وَقَالَ: «لَمْ أَجِدْهَا؛ وَكَذَلِكَ قَالَ أَهْلُ الْمَكَانِ: لَمْ تَكُنْ هَهُنَا زَانِيَةٌ». 23 فَأَجَابَ يَهُوذَا: «فَلْتَحْتَفِظْ بِمَا عِنْدَهَا، فَلَسْتُ أُرِيدُ أَنْ يَسْخَرَ النَّاسُ مِنِّي. لَقَدْ بَعَثْتُ بِهَذَا الْجَدْيِ أُجْرَةً لَهَا وَلَكِنَّكَ لَمْ تَجِدْهَا».

24 وَبَعْدَ مُضِيِّ ثَلاثَةِ أَشْهُرٍ قِيلَ لِيَهُوذَا: «ثَامَارُ كَنَّتُكَ زَنَتْ، وَحَبِلَتْ مِنْ زِنَاهَا». فَقَالَ يَهُوذَا: «أَخْرِجُوهَا لِتُحْرَقَ». 25 وَعِنْدَمَا أُخْرِجَتْ أَرْسَلَتْ إِلَى حَمِيهَا قَائِلَةً: «أَنَا حُبْلَى مِنْ صَاحِبِ هَذِهِ الأَشْيَاءِ. تَحَقَّقْ لِمَنْ هَذَا الْخَاتَمُ وَالْعِصَابَةُ وَالْعَصَا؟» 26 فَأَقَرَّ بِها يَهُوذَا وَقَالَ: «هِيَ حَقّاً أَبَرُّ مِنِّي، لأَنَّنِي لَمْ أُزَوِّجْهَا مِنِ ابْنِي شِيلَةَ». وَلَمْ يُعَاشِرْهَا فِي مَا بَعْدُ.

27 وَعِنْدَمَا أَزِفَ مَوْعِدُ وِلادَتِهَا إِذَا فِي أَحْشَائِهَا تَوْأَمَانِ. 28 وَفِي أَثْنَاءِ وِلادَتِهَا أَخْرَجَ أَحَدُهُمَا يَداً فَرَبَطَتِ الْقَابِلَةُ حَوْلَهَا خَيْطاً أَحْمَرَ، وَقَالَتْ: «هَذَا خَرَجَ أَوَّلاً». 29 غَيْرَ أَنَّهُ سَحَبَ يَدَهُ فَخَرَجَ أَخُوهُ، فَقَالَتْ: «أَيُّ اقْتِحَامٍ اقْتَحَمْتَ لِنَفْسِكَ؟» لِذَلِكَ دُعِيَ اسْمُهُ فَارَصَ (وَمَعْنَاهُ: اقْتِحَامٌ). 30 وَبَعْدَ ذَلِكَ خَرَجَ أَخُوهُ ذُو الْمِعْصَمِ الْمُطَوَّقِ بِالْخَيْطِ الأَحْمَرِ فَسُمِّيَ زَارَحَ (وَمَعْنَاهُ: أَحْمَرُ، أَوْ إِشْرَاقٌ).

يوسف وزوجة فوطيفار

39 وَأَخَذَ الإِسْمَاعِيلِيُّونَ يُوسُفَ إِلَى مِصْرَ، فَاشْتَرَاهُ مِنْهُمْ مِصْرِيٌّ يُدْعَى فُوطِيفَارَ، كَانَ خَصِيَّ فِرْعَوْنَ وَرَئِيسَ الْحَرَسِ. وَكَانَ الرَّبُّ مَعَ يُوسُفَ، فَأَفْلَحَ فِي أَعْمَالِهِ، وَأَقَامَ فِي بَيْتِ سَيِّدِهِ الْمِصْرِيِّ. وَرَأَى مَوْلاهُ أَنَّ الرَّبَّ مَعَهُ وَأَنَّهُ يُكَلِّلُ كُلَّ مَا تَصْنَعُهُ يَدَاهُ بِالنَّجَاحِ، فَحَظِيَ يُوسُفُ بِرِضَى سَيِّدِهِ، فَجَعَلَهُ وَكِيلاً عَلَى بَيْتِهِ وَوَلَّاهُ عَلَى كُلِّ مَالَهُ. وَبَارَكَ الرَّبُّ بَيْتَ الْمِصْرِيِّ وَكُلَّ مَالَهُ مِنْ مُقْتَنَيَاتٍ فِي الْبَيْتِ وَالْحَقْلِ بِفَضْلِ يُوسُفَ. فَعَهِدَ بِكُلِّ مَالَهُ إِلَى يُوسُفَ. وَلَمْ يَكُنْ يَعْرِفُ مَعَهُ شَيْئاً إِلّا الْخُبْزَ الَّذِي يَأْكُلُهُ. وَكَانَ يُوسُفُ جَمِيلَ الْهَيْئَةِ وَسِيمَ الْوَجْهِ.

ثُمَّ لَمْ تَلْبَثْ أَنْ أُغْرِمَتْ بِهِ زَوْجَةُ مَوْلاهُ فَقَالَتْ: «اضْطَجِعْ مَعِي». فَأَبَى وَقَالَ لَهَا: «هُوَذَا سَيِّدِي قَدْ عَهِدَ إِلَيَّ بِكُلِّ مَا يَمْلِكُ فِي هَذَا الْبَيْتِ وَلَمْ يُشْغِلْ نَفْسَهُ بِأَيِّ شَأْنٍ فِيهِ. وَلَيْسَ فِي هَذَا الْبَيْتِ مَنْ هُوَ أَعْظَمُ مِنِّي. وَلَمْ يَمْنَعْ عَنِّي شَيْئاً غَيْرَكِ لأَنَّكِ زَوْجَتُهُ. فَكَيْفَ أَقْتَرِفُ هَذَا الشَّرَّ الْعَظِيمَ وَأُخْطِئُ إِلَى اللهِ؟» 10 وَلَمْ يُذْعِنْ يُوسُفُ لَهَا مَعَ أَنَّهَا كَانَتْ تُلِحُّ عَلَيْهِ يَوْماً بَعْدَ آخَرَ.

11 وَحَدَثَ يَوْماً أَنَّهُ دَخَلَ الْبَيْتَ لِيَقُومَ بِعَمَلِهِ، وَلَمْ يَكُنْ فِي الْمَنْزِلِ أَحَدٌ، 12 فَأَمْسَكَتْهُ مِنْ رِدَائِهِ وَقَالَتْ: «اضْطَجِعْ مَعِي». فَتَرَكَ رِدَاءَهُ بِيَدِهَا وَهَرَبَ خَارِجاً تَارِكاً رِدَاءَهُ بِيَدِهَا 13 وَعِنْدَمَا رَأَتْ أَنَّهُ قَدْ رَفَضَ وَهَرَبَ خَارِجاً تَارِكاً رِدَاءَهُ بِيَدِهَا 14 نَادَتْ أَهْلَ بَيْتِهَا وَقَالَتْ: «انْظُرُوا مَا جَرَى؟ هَذَا الْعِبْرَانِيُّ الَّذِي جَاءَ بِهِ زَوْجِي إِلَى الْبَيْتِ. شَرَعَ يُرَاوِدُنِي عَنْ نَفْسِي. دَخَلَ غُرْفَتِي وَحَاوَلَ اغْتِصَابِي، فَصَرَخْتُ بِأَعْلَى صَوْتِي. 15 وَعِنْدَمَا سَمِعَنِي قَدْ رَفَعْتُ صَوْتِي وَصَرَخْتُ، تَرَكَ رِدَاءَهُ مَعِي وَهَرَبَ خَارِجاً».

16 وَأَلْقَتْ رِدَاءَهُ إِلَى جَانِبِهَا حَتَّى قَدِمَ مَوْلاهُ إِلَى بَيْتِهِ، 17 فَقَصَّتْ عَلَيْهِ مِثْلَ هَذَا الْحَدِيثِ قَائِلَةً: «دَخَلَ الْعَبْدُ الْعِبْرَانِيُّ الَّذِي جِئْتَ بِهِ إِلَيْنَا لِيُرَاوِدَنِي عَنْ نَفْسِي، 18 وَحِينَ رَفَعْتُ صَوْتِي وَصَرَخْتُ، تَرَكَ ثَوْبَهُ بِجَانِبِي وَفَرَّ خَارِجاً».

19 فَلَمَّا سَمِعَ سَيِّدُهُ كَلامَ زَوْجَتِهِ وَمَا اتَّهَمَتْ بِهِ يُوسُفَ احْتَدَمَ غَضَبُهُ، 20 فَقَبَضَ عَلَى يُوسُفَ وَزَجَّهُ فِي السِّجْنِ، حَيْثُ كَانَ أَسْرَى الْمَلِكِ مُعْتَقَلِينَ، فَمَكَثَ هُنَاكَ.

21 وَلَكِنَّ الرَّبَّ كَانَ مَعَ يُوسُفَ، فَأَغْدَقَ عَلَيْهِ رَحْمَتَهُ، فَنَالَ رِضَى رَئِيسِ السِّجْنِ، 22 حَتَّى عَهِدَ إِلَى يُوسُفَ بِكُلِّ الْمَسَاجِينِ الْمُعْتَقَلِينَ، وَجَعَلَهُ مَسْؤولاً عَنْ كُلِّ مَا يَجْرِي هُنَاكَ. 23 وَلَمْ يُحَاسِبْ رَئِيسُ السِّجْنِ يُوسُفَ بِأَيِّ شَيْءٍ أَوْكَلَهُ إِلَيْهِ، لأَنَّ الرَّبَّ كَانَ مَعَهُ. وَمَهْمَا فَعَلَ كَانَ الرَّبُّ يُكَلِّلُهُ بِالنَّجَاحِ.

ساقي فرعون وخبازه

40 وَاتَّفَقَ بَعْدَ ذَلِكَ أَنَّ سَاقِيَ مَلِكِ مِصْرَ وَالْخَبَّازَ أَذْنَبَا إِلَى سَيِّدِهِمَا مَلِكِ مِصْرَ، فَسَخَطَ فِرْعَوْنُ عَلَى خَصِيَّيْهِ: رَئِيسِ السُّقَاةِ وَرَئِيسِ الْخَبَّازِينَ، وَزَجَّهُمَا فِي مُعْتَقَلِ بَيْتِ رَئِيسِ الْحَرَسِ فِي السِّجْنِ، فِي الْمَكَانِ الَّذِي كَانَ يُوسُفُ مَحْبُوساً فِيهِ. فَوَلَّى رَئِيسُ الْحَرَسِ يُوسُفَ أَمْرَهُمَا، فَقَامَ عَلَى خِدْمَتِهِمَا، فَمَكَثَا فِي الْمُعْتَقَلِ أَيَّاماً.

وَحَلُمَ كُلٌّ مِنْ سَاقِي مَلِكِ مِصْرَ وَخَبَّازِهِ الْمُعْتَقَلَيْنِ فِي السِّجْنِ حُلْماً فِي لَيْلَةٍ وَاحِدَةٍ. وَكَانَ لِحُلْمِ كُلٍّ مِنْهُمَا مَعْنَاهُ الْخَاصُّ بِصَاحِبِهِ. فَأَقْبَلَ عَلَيْهِمَا يُوسُفُ فِي الصَّبَاحِ فَوَجَدَهُمَا مُكْتَئِبَيْنِ. فَسَأَلَهُمَا: «لِمَاذَا وَجْهَاكُمَا مُكَمَّدَانِ فِي هَذَا الْيَوْمِ؟» فَأَجَابَاهُ: «حَلُمَ كُلٌّ مِنَّا حُلْماً وَلَيْسَ مَنْ يُفَسِّرُهُ». فَقَالَ يُوسُفُ: «أَلَيْسَتْ تَفَاسِيرُ الأَحْلامِ لِلهِ؟ حَدِّثَانِي بِهِمَا».

فَسَرَدَ رَئِيسُ السُّقَاةِ حُلْمَهُ عَلَى يُوسُفَ. قَالَ: «رَأَيْتُ فِي حُلْمِي وَإذَا كَرْمَةٌ أَمَامِي، 10 فِيهَا ثَلاثَةُ أَغْصَانٍ أَفْرَخَتْ ثُمَّ أَزْهَرَتْ، وَمَا لَبِثَتْ عَنَاقِيدُهَا أَنْ أَثْمَرَتْ عِنَباً نَاضِجاً. 11 وَكَانَتْ كَأْسُ فِرْعَوْنَ فِي يَدِي، فَتَنَاوَلْتُ الْعِنَبَ وَعَصَرْتُهُ فِي كَأْسِ فِرْعَوْنَ وَوَضَعْتُ الْكَأْسَ فِي يَدِهِ».

Ketab El Hayat (NAV)

Holy Bible, New Arabic Version (Ketab El Hayat) Copyright © 1988, 1997 by Biblica, Inc.® Used by permission. All rights reserved worldwide.