Print Page Options
Previous Prev Day Next DayNext

Bible in 90 Days

An intensive Bible reading plan that walks through the entire Bible in 90 days.
Duration: 88 days
Arabic Bible: Easy-to-Read Version (ERV-AR)
Version
ﺃﻳﻮﺏ 25-41

حَدِيثُ بِلْدَد

25 فَأجَابَ بِلْدَدُ الشُّوحِيُّ:

«للهِ السِّيَادَةُ وَالمَهَابَةُ.
هُوَ يَصْنَعُ سَلَامًا فِي الأعَالِي.
أيُحصَى عَدَدُ جُنُودِهِ؟
وَعَلَى مَنْ لَا يُشرِقُ نُورُهُ؟
وَكَيْفَ يَكُونُ الإنْسَانُ بَرِيئًا فِي حَضْرَةِ اللهِ؟
وَكَيْفَ يَكُونُ طَاهِرًا مَولُودُ المَرْأةِ؟
حَتَّى القَمَرُ غَيْرُ سَاطِعٍ،
وَالنُّجُومُ غَيْرُ طَاهِرَةٍ فِي عَيْنَيْهِ.
فَكَمْ بِالحِرِيِّ الإنْسَانُ الَّذِي يُشْبِهُ اليَرَقَةَ،
وَابْنُ آدَمَ الَّذِي يُشْبِهُ الدُّودَ؟»

رَدُّ أيُّوب

26 فَأجَابَ أيُّوبُ:

«مَا أعْجَبَ طَريقَتُكَ فِي مَعُونَةِ الضَّعِيفِ،
وَخَلَاصِ مَنْ لَا قُوَّةَ لَهُ!
مَا أحْكَمَ مَشُورَتُكَ عَلَى مَنْ لَا حِكمَةَ لَهُ!
فَهَا قَدْ ظَهَرَ فَهْمُكَ بِوضُوحٍ!
فَمِن أيْنَ جِئتَ بِمِثْلِ هَذِهِ الأقْوَالِ؟
وَمَنْ ألهَمَكَ هَذِهِ الأفْكَارَ؟

«تَرْتَجِفُ أروَاحُ المَوْتَى فِي الأسفَلِ،
تَحْتَ المِيَاهِ العَظِيمَةِ يَسْكُنُونَ.
الهَاوِيَةُ عَارِيَةٌ فِي حَضْرَةِ اللهِ،
وَلَيْسَ لِمَوْضِعِ الهَلَاكِ[a] غِطَاءٌ.
يَمُدُّ السَّمَاوَاتِ الشِّمَالِيَّةَ عَلَى الفَرَاغِ،
وَيُعَلِّقُ الأرْضَ عَلَى لَا شَيءٍ.
يَحْزِمُ المِيَاهَ فِي سُحُبِهِ الكَثِيفَةِ،
فَلَا تَتَمَزَّقُ السُّحُبُ تَحْتَهَا.
يَحْجُبُ وَجْهَ البَدرِ،
وَيَبْسِطُ سَحَابَهُ كَغِطَاءٍ فَوقَهُ فَيُخْفِيهِ.
10 رَسَمَ دَائِرَةً تُحَدِّدُ وَجْهَ المِيَاهِ،
عِنْدَ مُلتَقَى الضِّيَاءِ وَالظُلمَةِ.
11 تَهْتَزُّ أسَاسَاتُ السَّمَاوَاتِ بِذُهُولٍ عِنْدَمَا يَنْتَهِرُهَا.
12 هَدَّأ البَحْرَ بِقُوَّتِهِ،
وَمَزَّقَ رَهَبَ[b] بِفَهْمِهِ.
13 بِرُوحِهِ تَصْفُو السَّمَاوَاتُ،
وَيَدَاهُ طَعَنَتَا الحَيَّةَ الهَارِبَةَ.[c]
14 وَمَا هَذَا إلَّا لَمحَةٌ مِمَّا يَسْتَطِيعُهُ،
وَلَا نَسمَعُ إلَّا هَمسَةً مِنْهُ.
فَمَنْ يَسْتَطِيعُ إذًا أنْ يَفْهَمَ رَعْدَ قُوَّتِهِ؟»

27 وَتَابَعَ أيُّوبُ كَلَامَهُ فَقَالَ:

«أُقْسِمُ بِاللهِ الحَيِّ،
الَّذِي يَمْنَعُنِي مِنْ أخذِ حَقِّي،
وَيُمِرِّرُ حَيَاتِي،
أنَّهُ مَا دَامَ فِيَّ نَفَسٌ،
وَمَا دُامَتْ نَسَمَةُ اللهِ الَّتِي تُعطِينِي الحَيَاةَ فِي أنفِي،
لَنْ تَقُولَ شَفَتَايَ شَرًّا،
وَلَنْ يَنْطِقَ لِسَانِي غِشًّا.
حَاشَا لِي أنْ أقُولَ إنَّكُمْ مُحِقُّونَ.
فَلَنْ أتَخَلَّى عَنِ استِقَامَتِي حَتَّى أمُوتَ.
أتَمَسَّكُ بِبَرَاءَتِي وَلَا أتَخَلَّى عَنْهَا،
وَضَمِيرِي لَا يُوَبِّخُنِي عَلَى خَطِيَّةٍ.
لِيُحْسَبْ عَدُوِّي فَاعِلَ شَرٍّ،
وَمَنْ يَقِفُ ضِدِّي مُنحَرِفًا.
لِأنَّهُ أيُّ رَجَاءٍ لِلمُرَائِي،
عِنْدَمَا يُدَمِّرُهُ اللهُ، وَيَنْزِعُ نَفْسَهُ؟
هَلْ يَسْمَعُ اللهُ صَرخَةَ استِغَاثَتِهِ
عِنْدَمَا يَأْتِي عَلَيْهِ ضِيقٌ؟
10 هَلْ سَيُسَرُّ بِالقَدِيرِ؟
هَلْ سَيَدْعُو اللهَ فِي كُلِّ حِينٍ؟

11 «سَأُعَلِّمُكُمْ عَنْ قُوَّةِ اللهِ.
وَلَنْ أُخفِيَ أُمُورَ القَدِيرِ.
12 لَقَدْ رَأيْتُمُوهَا جَمِيعًا،
فَلِمَاذَا تَقُولُونَ هَذِهِ الأشْيَاءَ الغَبِيَّةَ؟

13 [d] «هَذَا هُوَ النَّصِيبُ الَّذِي قَسَمَهُ اللهُ لِلشِّرِّيرِ،
وَهَذَا هُوَ المِيرَاثُ الَّذِي يَنَالُهُ المُضطَهِدُونَ القُسَاةُ مِنَ القَدِيرِ:
14 فَحَتَّى إنْ كَثُرَ أبنَاؤُهُ فَسَيُقتَلُونَ بِالسَّيْفِ،
وَذُرِيَّتُهُ تَجُوعُ، إذْ لَيْسَ لَهَا مَا يَكْفِيهَا.
15 وَالبَاقُونَ يُدفَنُونَ بِسَبَبِ الوَبَاءِ،
وَأرَامِلُهُ لَا يَنُحْنَ عَلَيْهِ.
16 إنْ كَوَّمَ الشِّرِّيرُ المَالَ كَالتُّرَابِ،
وَإنْ جَمَعَ الثِّيَابَ كَأكْوَامٍ مِنَ الطِّينِ،
17 فَالأشرَارُ يَجْمَعُونَ،
لَكِنَّ الصَّالِحِينَ يَلبَسُونَهَا،
وَالأبرِيَاءَ يَقْتَسِمُونَ المَالَ.
18 بَنَى الشِّرِّيرُ بَيْتَهُ كَخُيُوطِ العَنْكَبُوتِ،
وَكَكُوخٍ يَبْنِيهِ حَارِسٌ.
19 يَضْطَجِعُ لِيَنَامَ وَهُوَ غَنِيٌّ،
لَكِنَّهُ يَفْتَحُ عَيْنَيْهِ فَيَرَى أنَّ ثَروَتَهُ قَدْ طَارَتْ.
20 كَمِيَاهِ الفَيَضَانَاتِ تَجْرِفُهُ الأهْوَالُ،
وَفِي اللَّيلِ تَخْطَفُهُ الرِّيحُ.
21 تَرْفَعُهُ الرِّيحُ الشَّرقِيَّةُ فَيَذْهَبُ،
وَتَقْتَلِعُهُ مِنْ بَيْتِهِ.
22 تَرْمِي الرِّيحُ بِثِقَلِهَا عَلَيْهِ بِلَا شَفَقَةٍ،
وَيَهْرُبُ هَرَبًا مِنْ قُوَّتِهَا.
23 تُصَفِّقُ بَيَدَيهَا وَهُوَ يَرْكُضُ أمَامَهَا،
وَتُصَفِّرُ عَلَيْهِ وَهُوَ يَهْرُبُ مِنْ بَيْتِهِ.»

28 «حَقًّا هُنَاكَ مَنجَمٌ لِلفِضَّةِ،
وَمَكَانٌ يُنَقُّونَ فِيهِ الذَّهَبَ.
يُؤخَذُ الحَدِيدُ مِنَ التُّرَابِ،
وَيُذَابُ النُّحَاسُ مِنَ الصَّخرِ.
يَضَعُ عُمَّالُ المَنَاجِمِ حَدًّا لِلظُلمَةِ،
وَيُفَتَّشُونَ عَنِ المَعَادِنِ النَّفِيسَةِ فِي أبعَدِ مَكَانٍ،
فِي العَتْمَةِ وَفِي أعْمَاقِ الظُّلمَةِ.
يَشُقُّونَ حُفرَةً فِي الأرْضِ
بَعِيدًا عَنْ مَسَاكِنِ النَّاسِ،
فِي أمكِنَةٍ لَمْ تَطأهَا أقْدَامٌ مُنْذُ زَمَنٍ.
يَتَدَلُّونَ عَلَى الحِبَالِ بَعِيدًا عَنِ البَشَرِ.
يَخْرُجُ الطَّعَامُ مِنْ سَطْحِ الأرْضِ،
أمَّا تَحْتَ الأرْضِ،
فَإنَّهَا تَتَقَلَّبُ كَمَا بِالنَّارِ.
صُخُورُهَا بُيُوتٌ لِليَاقُوتِ الأزرَقِ،
وَتُرَابُهَا يَحْوِي ذَهَبًا.
لَا يَعْرِفُ الطَّرِيقَ إلَيْهَا طَيرٌ كَاسِرٌ،
وَعَينُ الصَّقرِ لَا تَرَاهَا.
لَمْ تَمْشِ أشجَعُ المَخْلُوقَاتِ عَلَيْهَا،
وَلَا مَرَّ عَلَيْهَا أسَدٌ.
يَضْرِبُ عَامِلُ المَنجَمِ الصَّوَّانَ،
وَيَقْلِبُ جِبَالًا كَامِلَةً مِنْ أسَاسِهَا.
10 يَشُقُّ مَمَرَّاتٍ فِي الصُّخُورِ،
وَتَرَى عَينَاهُ كُلَّ أنْوَاعِ الحِجَارَةِ الثَّمِينَةِ.
11 يَسُدُّ مَنَابِعَ الأنهَارِ،
وَيُخرِجُ المَخَبّأ إلَى النُّورِ.

12 «أمَّا الحِكْمَةُ، فَأينَ يُعثَرُ عَلَيْهَا؟
وَأينَ بَيْتُ الفَهْمِ؟
13 لَا يَعْرِفُ الإنْسَانُ بَيْتَ الحِكْمَةِ،
فَهِيَ لَيْسَتْ فِي أرْضِ الأحيَاءِ.
14 يَقُولُ المُحِيطُ العَمِيقُ: ‹لَيْسَتْ فِي دَاخِلِي،›
وَيَقُولُ البَحرُ: ‹لَيْسَتْ مَعِي.›
15 لَا يَقْدِرُ الذَّهَبُ الثَّمِينُ أنْ يَشْتَرِيهَا،
وَلَا أيُّ مِقدَارٍ مِنَ الفِضَّةِ أنْ يَبتَاعَهَا.
16 ذَهَبُ أُوفِيرَ[e] لَا يَشْتَرِيهَا،
وَلَا الحِجَارَةُ الثَّمِينَةُ مِثْلَ اليَاقُوتِ الأزرَقِ.
17 لَا تُقَارَنُ بِالذَّهَبِ أوِ الزُّجَاجِ،
وَلَا تُبَدَّلُ بِآنِيَةِ الذَّهَبِ.
18 لَا يَسْتَحِقُّ المُرجَانُ الثَّمِينُ وَالبِلَّوْرُ أنْ يُذكَرَا مَعَهَا.
الحِكْمَةُ أثمَنُ مِنَ اليَاقُوتِ وَاللَّآلِئِ.
19 وَلَا تُقَارَنُ مَعَهَا حِجَارَةُ تُوبَازِ الحَبَشَةِ،
وَلَا تُبَدَّلُ بِالذَّهَبِ النَّقِيِّ.

20 «أمَّا الحِكْمَةُ، فَمِن أيْنَ تَأْتِي؟
وَأينَ بَيْتُ الفَهْمِ؟
21 الحِكْمَةُ مُخَبَّأةٌ عَنْ فَهْمِ كُلِّ حِيٍّ،
وَمُخفَاةٌ عَنِ الطُّيُورِ فِي السَّمَاءِ.
22 يَقُولُ ‹أبَدُّونُ›[f] وَ ‹المَوْتُ›:
‹سَمِعْنَا بِهَا بِآذَانِنَا فَقَطْ.›

23 «يَفْهَمُ اللهُ طَرِيقَهَا،
وَيَعْرِفُ بَيتَهَا.
24 فَهُوَ يَقْدِرُ أنْ يَرَى إلَى أقَاصِي الأرْضِ،
وَيَعْلَمُ كُلَّ مَا يَجْرِي تَحْتَ السَّمَاءِ.
25 عِنْدَمَا حَدَّدَ وَزْنَ الرِّيحِ،
وَقَاسَ مِقدَارَ المِيَاهِ فِي المُحِيطِ،
26 عِنْدَمَا وَضَعَ لِلمَطَرِ قَانُونًا،
وَلِلصَّوَاعِقِ مَسَارًا،
27 رَأى الحِكْمَةَ وَقَدَّرَهَا،
وَرَسَّخَهَا وَفَحَصَهَا.
28 وَقَالَ لِلإنْسَانِ:
‹إنَّ مَخَافَةَ اللهِ هِيَ الحِكْمَةُ الحَقِيقِيَّةُ.
وَالفَهْمُ هُوَ الِابتِعَادُ عَنِ الشَّرِّ.›»

اسْتِمْرَارُ أيُّوبَ فِي الحَدِيث

29 وَعَادَ أيُّوبُ وَطَرَحَ دَعْوَاهُ:

«لَيْتَ حَيَاتِي كَانَتْ كَالشُّهُورِ السَّابِقَةِ،
قَبْلَ مَجِيءِ الضِّيقِ.
كَتِلْكَ الأيَّامِ الَّتِي حَمَانِي اللهُ فِيهَا،
عِنْدَمَا أضَاءَ نُورُهُ فَوْقَ رَأسِي،
وَكُنْتُ أمشِي فِي الظُّلمَةِ بِنُورِهِ.
عِنْدَمَا كُنْتُ بَعْدُ فِي قُوَّتِي،
وَكَانَتْ صَدَاقَةُ اللهِ تُظَلِّلُ خَيْمَتِي.
عِنْدَمَا كَانَ القَدِيرُ بَعْدُ مَعِي،
وَصِغَارِي يُحِيطُونَ بِي.
عِنْدَمَا كُنْتُ أغسِلُ قَدَمَيَّ بِالحَلِيبِ!
وَكَانَتِ المَعَاصِرُ الصَّخرِيَّةُ تَسْكُبُ لِي جَدَاوِلَ زَيْتٍ.

«عِنْدَمَا كُنْتُ أخرُجُ إلَى بَوَّابَةِ المَدِينَةِ،
وَأتَّخِذُ مَجلِسِي فِي سَاحَتِهَا.
كَانَ الشَّبَابُ يَرَوْنَنِي فَيَنْسَحِبُونَ،
وَالكِبَارُ يَقُومُونَ وَيَقِفُونَ.
كَانَ الوُجَهَاءُ يَتَوَقَّفُونَ عَنِ الكَلَامِ،
وَيَضَعُونَ أيدِيَهُمْ عَلَى أفوَاهِهِمْ.
10 كَانَتْ أصوَاتُ الأُمَرَاءِ تَخْرَسُ،
فَلَا يَنْطِقُونَ بِحَرْفٍ.
11 كَانُوا يَمْتَدِحُونَ كُلَّ مَا أقُولُ،
وَيَسْتَحْسِنُونَ كُلَّ مَا أفْعَلُ.
12 لِأنِّي أنقَذتُ المِسكِينَ المُسْتَغِيثَ،
وَاليَتِيمَ الَّذِي لَا سَنَدَ لَهُ.
13 حَتَّى المُشَرَّدُونَ كَانُوا يَسْألُونَ لِي البَرَكَةَ،
وَأدْخَلْتُ الفَرَحَ عَلَى قُلُوبِ الأرَامِلِ.
14 لَبِسْتُ البِرَّ فَكَسَانِي كَثَوبٍ.
وَلَبِسْتُ العَدْلَ رِدَاءً وَعِمَامَةً،
15 كُنْتُ لِلأعمَى عَيْنَيْنِ،
وَلِلكَسِيحِ قَدَمَينِ.
16 كُنْتُ أبًا لِلمُحتَاجِ،
أدْرُسُ قَضَايَا أُنَاسٍ لَا أعرِفُهُمْ،
لِأُسَاعِدَهُمْ فِي المَحْكَمَةِ.
17 كَسَّرْتُ قُوَّةَ الظَّالِمِ،
وَجَعَلتُهُ يُسقِطُ فَرِيسَتَهُ مِنْ فَمِهِ.

18 «ثُمَّ قُلْتُ لِنَفْسِي:
سَأمُوتُ فِي سِنٍّ مُتَقَدِّمَةٍ،
وَسَتُضَاعَفُ أيَّامُ حَيَاتِي لِتَكُونَ كَعَدَدِ الرَّملِ،
19 وَسَتَمْتَدُّ إلَى المَاءِ جُذُورِي،
وَيَبِيتُ النَّدَى عَلَى أغْصَانِي.
20 وَتَتَجَدَّدُ عَلَى الدَوَامِ قُوَّتِي،
وَتَرْجِعُ قَوسِي شَابَّةً فِي يَدِي.

21 «كَانَ النَّاسُ يَنْتَظِرُونَ لِيَسْمَعُونِي،
وَيَصْمُتُونَ لِسَمَاعِ نَصِيحَتِي.
22 بَعْدَ أنْ أتَكَلَّمَ، لَا يَبْقَى لِلآخَرِينَ شَيءٌ يَقُولُونَهُ،
وَيَنْزِلُ عَلَيْهِمْ كَلَامِي كَالمَطَرِ.
23 فَكَانُوا يَنْتَظِرُونَنِي كَمَا يَنْتَظِرُونَ المَطَرَ،
وَيَفْتَحُونَ أفوَاهَهُمْ كَمَا لِلمَطَرِ المُتَأخِّرِ.
24 إذَا ابتَسَمْتُ لَهُمْ لَا يُصَدِّقُونَ مِنَ الفَرَحِ،
وَوَجْهِي البَشُوشُ يُشَجِّعُهُمْ.
25 اختَرْتُ أنْ أكُونَ مَعَهُمْ،
رُغْمَ أنِّي كُنْتُ قَائِدَهُمْ.
جَلَسْتُ مَعَهُمْ كَمَا يَجْلِسُ مَلِكٌ بَيْنَ قُوَّاتِهِ،
وَكَمَنْ يُعَزِّي النَّائِحِينَ.

30 «وَأمَّا الآنَ، فَالَّذِينَ هُمْ دُونِي سِنًّا يَهْزَأُونَ بِي.
الَّذِينَ لَمْ أكُنْ أقبَلُ آبَاءَهُمْ مَعَ كِلَابِ قَطِيعِي!
وَقُوَّةُ أيدِيهِمْ لَا تُفِيدُنِي شَيْئًا،
فَقَدْ فَقَدُوا قُوَّتَهُمْ.
وَفِي الفَقرِ وَالجُوعِ الشَّدِيدِ،
يَلْعَقُونَ الغُبَارَ فِي الصَّحرَاءِ.
يَقْلَعُونَ النَّبَاتَاتِ المَالِحَةِ وَسَطَ الشُّجَيرَاتِ،
وَجُذُورَ نَبَاتِ الرَّتَمِ، وَيأكُلُونَهَا.
مِنْ وَسَطِ النَّاسِ يُطرَدُونَ،
وَيَصْرُخُ النَّاسُ عَلَيْهِمْ
كَمَا لَوْ كَانُوا لُصُوصًا.
يَسْكُنُونَ فِي الكُهُوفِ وَبَيْنَ الصُّخُورِ
وَفِي شُقُوقِ الوِديَانِ.
يَنْبَحُونَ بَيْنَ أعشَابِ الصَّحرَاءِ،
وَيَتَجَمَّعُونَ مَعًا تَحْتَ الشُّجَيرَاتِ الشَّائِكَةِ.
هُمْ مُحتَقَرُونَ،
طُرِدُوا مِنَ الأرْضِ بِالسِّيَاطِ.
أُنَاسٌ لَا وَزنَ أوْ قِيمَةَ لَهُمْ.

«وَالْآنَ أصبَحتُ أنَا أُغنِيَتَهُمْ،
وَصِرتُ لَهُمْ أُضْحُوكَةً.
10 يَمْقُتُونَنِي وَيَبْتَعِدُونَ عَنِّي،
وَلَا يَتَرَدَّدُونَ فِي البَصْقِ عَلَيَّ.
11 لِأنَّ اللهَ أرخَى وَتَرَ قَوسِي وَأذَلَّنِي،
يُهَاجِمُونَنِي دُونَ ضَابِطٍ.
12 يَقُومُ أصَاغِرُهُمْ عَنْ يَمِينِي،
لِيَجْعَلُوا قَدَمَيَّ تَزِلَّانِ،
وَيُحَاصِرُونَنِي لِتَدْمِيرِي.
13 خَرَّبُوا طَرِيقِي،
وَنَجَحُوا فِي تَحْطِيمِي،
وَلَيْسَ هُنَاكَ مَنْ يُعِينُنِي عَلَيْهِمْ.
14 يَدْخُلُونَ إلَيَّ مِنْ ثَغرَةٍ وَاسِعَةٍ،
وَيَتَدَحرَجُ عَلَيَّ الحُطَامُ.
15 غَمَرَتْنِي المَصَائِبُ،
وَطَارَدَتْ كَرَامَتِي كَالرِّيحِ،
وَمَضَى خَلَاصِي كَغَيمَةٍ.

16 «وَالْآنَ تَتَهَاوَى حَيَاتِي،
وَيُسَيطِرُ عَلَيَّ زَمَنُ البَلوَى.
17 فِي اللَّيلِ يَخْتَرِقُ الألَمُ عِظَامِي دَاخِلِي،
وَأوجَاعِي لَا تَنَامُ.
18 بِقُوَّةٍ عَظِيمَةٍ يُمْسِكُ مَلَابِسِي،
يُمسِكُنِي مِنْ يَاقَةِ رِدَائِي.
19 وَيَرْمِينِي فِي الوَحلِ،
فَأصِيرُ تُرَابًا وَرَمَادًا.

20 «أصرُخُ مُسْتَغِيثًا بِكَ يَا اللهُ،
لَكِنَّكَ لَا تُجِيبُنِي.
أقِفُ فَلَا تَنْتَبِهُ إلَيَّ.
21 صِرْتَ قَاسِيًا عَلَيَّ،
وَبِيَدِكَ القَوِيَّةِ صِرْتَ تُقَاوِمُنِي.
22 تَتْرُكُ الرِّيحَ تَحْمِلُنِي وَتَرْمِي بِي بَعِيدًا،
وَالعَوَاصِفَ الهَادِرَةُ تَتَقَاذَفُنِي.
23 أنَا أعْرِفُ أنَّكَ سَتُرجِعُنِي إلَى المَوْتِ،
إلَى مِيعَادِ الأحيَاءِ جَمِيعًا.

24 «لَكِنْ أيَضْطَهِدُ أحَدٌ إنْسَانًا مُحَطَّمًا خَرِبًا،
إنِ استَغَاثَ لَحظَةَ الدَّمَارِ؟
25 ألَمْ أبْكِ مِنْ أجْلِ الَّذِينَ عَانَوْا مِنْ أيَّامٍ صَعْبَةٍ؟
ألَمْ أحْزَنْ عَلَى المَسَاكِينِ؟
26 تَوَقَّعتُ خَيْرًا فَجَاءَ الشَّرُّ!
انتَظَرْتُ النُّورَ، فَحَلَّتْ ظُلمَةٌ دَامِسَةٌ.
27 تَضْطَرِبُ أحشَائِي دُونَ تَوَقُّفٍ.
اقْتَرَبَتْ مِنِّي أيَّامُ ألَمِي.
28 تَمَشَّيتُ مُسْوَدًّا لَكِنْ لَيْسَ مِنَ الشَّمْسِ.
وَقَفتُ فِي الجَمَاعَةِ وَاستَغَثْتُ.
29 صِرْتُ أخًا لِلذِّئَابِ،
وَرَفِيقًا لِلبُومِ.
30 اسوَدَّ جِلْدِي مِنَ المَرَضِ،
وَجَسَدِي مَحمُومٌ جِدًّا.
31 قِيثَارَتِي لَا تَعْزِفُ إلَّا لِلحُزنِ،
وَلَا يُطلِقُ مِزمَارِي إلَّا ألحَانَ الرِّثَاءِ.

31 «عَاهَدْتُ عَينَيَّ، فَكَيْفَ أنْظُرُ إلَى عَذْرَاءَ؟
فَمَاذَا كَانَ نَصِيبِي مِنَ اللهِ مِنْ فَوقُ،
وَمَاذَا كَانَ مِيرَاثِي مِنَ القَدِيرِ السَّاكِنِ فِي الأعَالِي؟
ألَيْسَ الدَّمَارُ لِلشِّرِّيرِ،
وَالكَارِثَةُ مِنْ نَصِيبِ فَاعِلِي الإثْمِ؟
ألَا يَرَى اللهُ مَا أفْعَلُهُ،
وَيُرَاقِبُ كُلَّ حَرَكَاتِي؟

«إنْ كُنْتُ تَصَرَّفتُ بِالغِشِّ،
أوْ أسْرَعتُ إلَى الخِدَاعِ،
فَليَزِّنِي اللهُ فِي مِيزَانِ البِرِّ،
وَسَيَعْرِفُ عِنْدَ ذَلِكَ استِقَامَتِي.
إنْ حَادَتْ خُطُواتِي عَنِ الطَّرِيقِ،
وَإنْ ذَهَبَ قَلْبِي وَرَاءَ شَهَوَاتِي،
وَإنْ تَلَطَّخَتْ يَدَايَ بِالخَطِيَّةِ،
فَليَأْكُلْ مَا زَرَعتُهُ رَجُلٌ آخَرَ،
وَلْتُقلَعْ مَحَاصِيلِي.

«إذَا تَغَابَى قَلْبِي فَاشْتَهَى امْرأةً،
وَاقْتَنَصْتُ الفُرْصَةَ لِلتَّسَلُّلِ إلَى امْرأةِ صَاحِبِي،
10 فَلتَطْحَنِ امْرَأتِي حُبُوبًا لِآخَرَ،
وَلْيَضْطَجِعْ مَعَهَا آخَرُونَ!
11 لِأنَّ هَذَا شَرٌّ مُخْزٍ
جَرِيمَةٌ تَسْتَحِقُّ الدَينُونَةَ.
12 فَمِثْلُ هَذَا نَارٌ تَأْكُلُ كُلَّ شَيءٍ
حَتَّى إلَى مَوْضِعِ الهَلَاكِ،[g]
وَتَسْتَأْصِلُ كُلَّ مَا أُنتِجُ.

13 «لَوْ كُنْتُ قَدْ أنكَرتُ حُقُوقَ خَادِمِي أوْ خَادِمَتِي،
إذَا جَاءَا يَتَظَلَّمَانِ،
14 فَمَاذَا سَأفْعَلُ حِينَ يَقُومُ اللهُ لِيَتَّهِمَنِي؟
وَحِينَ يَأْتِي اللهُ لِيَسألَنِي،
فَمَاذَا أقُولُ، وَأيَّ جَوَابٍ أُعْطِيهِ؟
15 ألَيْسَ الَّذِي صَنَعَنِي فِي بَطنِ أُمِّي هُوَ الَّذِي صَنَعَ خَادِمِي؟
ألَمْ يُشَكِّلْنَا الإلَهُ ذَاتُهُ فِي البَطنِ؟

16 «لَوْ كُنْتُ قَدْ مَنَعْتُ عَنِ المَسَاكِينِ مُرَادَهُمْ،
لَوْ لَمْ أمسَحْ دُمُوعَ الأرمَلَةِ،
17 لَوِ احتَفَظتُ بِخُبْزِي لِنَفْسِي،
وَلَمْ أُطْعِمِ اليَتِيمَ،
18 مَعَ أنَّهُ اعتَبَرَنِي أبًا لَهُ مُنْذُ شَبَابِي.
اهتَمَمتُ بِالأرمَلَةِ مُنْذُ وِلَادَتِي،
19 هَل رَأيْتُ مَنْ يَتَعَذَّبُ لِقِلَّةِ مَلَابِسِهِ،
أوْ رَأيْتُ فَقيرًا دُونَ غِطَاءٍ،
20 وَلَمْ يَشْكُرْنِي مِنْ قَلْبِهِ،
أوْ لَمْ يَتَدَفَّأ بِصُوفِ خِرَافِي؟
21 إنْ هَدَّدْتُ اليَتِيمَ،
مُعتَمِدًا عَلَى مَركَزِي وَنُفُوذِي،
22 فَلْيَنْفَصِلْ كَتِفِي مِنْ أصلِهِ،
وَلْتُكسَرْ ذِرَاعِي مِنْ مَفْصِلِهَا.
23 لِأنَّ أكْثَرَ مَا أخشَاهُ هُوَ مُصِيبَةٌ يُرسِلُهَا اللهُ،
فَلَا أنجُو إذَا قَامَ لِمُقَاوَمَتِي.

24 «إنِ اتَكَلتُ عَلَى الغِنَى،
وَقُلْتُ لِلذَّهَبِ: ‹أنْتَ أمَانِي،›
25 إنْ فَرِحتُ كَثِيرًا بِثَروَتِي الكَثِيرَةِ،
أوْ لِأنِّي جَمَعتُ مَالًا كَثِيرًا،
26 إنْ لَاحَظتُ شُعَاعَ الشَّمْسِ الجَمِيلَ،
وَرَوعَةَ القَمَرِ فِي حَرَكَتِهِ،
27 فَغَوَى قَلْبِي سِرًّا،
وَقَبَّلتُ يَدَيَّ عِبَادَةً لَهُمَا،
28 فَهَذِهِ أيْضًا جَرِيمَةٌ تَسْتَوْجِبُ الدَّينُونَةَ،
لِأنِّي سَأكُونُ قَدْ خَذَلْتُ العَلِيَّ.

29 «إنِ ابْتَهَجْتُ بِمُصِيبَةٍ حَلَّتْ بِعَدُوِّي،
أوْ هَتَفْتُ لِأنَّ سوءًا أصَابَهُ …
30 لَكِنِّي لَمْ أُخطِئْ بِكَلَامِي،
لَمْ أنْطِقْ بِلَعْنَةٍ عَلَى حَيَاتِهِ.
31 أُقْسِمُ أنَّ لَا أحَدَ مِنْ أهْلِي وَبَيْتِي
طَلَبَ طَعَامًا وَلَمْ يَأْخُذْ كِفَايَتَهُ.
32 لَمْ يَبِتْ غَرِيبٌ لَيلَتَهُ فِي الطَّرِيقِ،
بَلْ فَتَحْتُ بَيْتِي لِلمُسَافِرِ.
33 إنْ أخفَيتُ إثمِي كَآدَمَ،[h]
فَكَتَمْتُ جَرِيمَتِي فِي صَدرِي،
34 لِأنِّي خِفْتُ مِنَ النَّاسِ،
أوْ لِأنِّي خَشِيتُ أنْ لَا يَرْضَى أقَارِبِي،
فَسَكَتُّ وَلَمْ أُغَادِرْ مَدخَلَ بَيْتِي.

35 «لَيْتَ هُنَاكَ مَنْ يَرْضَى أنْ يَسْتَمِعَ إلَيَّ!
فَلْيُجِبْنِي خَصْمِي القَدِيرُ،
وَلِيَكْتُبِ اتِّهَامَاتِهُ عَلَى مَخْطُوطَةٍ،
وَأنَا سَأُوَقِّعُ عَلَيْهَا.
36 سَأضَعُهَا عَلَى كَتِفِي،
وَألبَسُهَا تَاجًا عَلَى رَأسِي.
37 سَأذكُرُ لَهُ كُلَّ مَا فَعَلْتُ،
وَأدنُو مِنْهُ كَقَائِدٍ مَرْفُوعِ الرَّأسِ.

38 «إنْ صَرَخَتْ أرْضِي ضِدِّي،
وَبَكَتْ أتلَامُهَا[i] مَعًا.
39 إنْ كُنْتُ قَدْ أكَلْتُ غَلَّتَهَا،
دُونَ أنْ أدفَعَ أُجرَةً.
أوْ سَلَبْتُ حِصَّةَ مَالِكِيهَا،
40 فَليَنْبُتِ الشَّوكُ فِيهَا عِوَضًا عَنِ القَمْحِ،
وَالأعشَابُ عِوَضًا عَنِ الشَّعِيرِ.»

اكتَمَلَتْ أقْوَالُ أيُّوبَ.

كَلَامُ ألِيهُو

32 وَهَكَذَا تَوَقَّفَ الرِّجَالُ الثَّلَاثَةُ عَنِ الرَّدِّ عَلَيْهِ فَقَدْ كَانَ مُقتَنِعًا بِبَرَاءَتِهِ. لَكِنَّ ألِيهُوَ بْنَ بَرَخْئِيلَ البُوزِيِّ مِنْ عَشِيرَةِ رَامٍ غَضِبَ كَثِيرًا، وَاشتَعَلَ غَضَبُهُ عَلَى أيُّوبَ لِأنَّهُ بَرَّأ نَفْسَهُ، لَا اللهَ. كَمَا غَضِبَ مِنْ أصدِقَاءِ أيُّوبَ الثَّلَاثَةِ، لِأنَّهُمْ لَمْ يَجِدُوا رَدًّا عَلَى حُجَجِهِ، وَمَعَ ذَلِكَ اعْتَبَرُوهُ مُذْنِبًا. لَكِنَّ ألِيهُوَ أجَّلَ الرَّدَّ عَلَى أيُّوبَ، لِأنَّهُمْ كَانُوا أكبَرَ مِنْهُ سِنًّا. وَلَمَّا رَأى ألِيهُو أنَّ الرِّجَالَ الثَّلَاثَةَ لَمْ يَسْتَطِيعُوا الرَّدَّ عَلَى أيُّوبَ، غَضِبَ كَثِيرًا. فَقَالَ ألِيهُو بْنُ بَرَخْئِيلَ:

«أنَا صَغِيرُ السِّنِّ وَأنْتُمْ شُيُوخٌ.
لِهَذَا تَرَدَّدْتُ وَخِفْتُ أنْ أُعْلِنَ لَكُمْ عَنْ رَأيِي.
قُلْتُ: ‹دَعِ الخِبرَةَ تَتَكَلَّمْ،
وَدَعْ كَثْرَةَ السِّنِينِ تُعَلِّمُ الحِكْمَةَ.›
غَيْرَ إنَّ هُنَاكَ رُوحًا فِي الإنْسَانِ،
وَنَسَمَةُ القَدِيرِ تُعطِيهِ فَهْمًا.
الحِكْمَةُ لَيْسَتْ مَقصُورَةً عَلَى الكِبَارِ،
وَلَا هُمْ وَحدُهُمْ يُمَيِّزُونَ الحَقَّ.
10 لِهَذَا قُلْتُ: ‹اسْتَمِعْ إلَيَّ،
فَسَأُصَرِّحُ أنَا أيْضًا بِمَا أعْرِفُهُ.›

11 «انتَظَرْتُ وَأنْتُمْ تَتَكَلَّمُونَ.
أصْغَيتُ إلَى مَنطِقِكُمْ،
وَأنْتُمْ تَزِنُونَ كَلَامَهُ.
12 تَفَكَّرتُ جَيِّدًا فِي مَا قُلْتُمْ،
وَلَيْسَ بَيْنَكُمْ مَنْ أثبَتَ خَطَأ أيُّوبَ،
وَلَمْ يَرُدَّ أحَدُكُمْ عَلَى كَلَامِهِ.
13 لِئَلَّا تَقُولُوا: ‹كُنَّا حُكَمَاءَ.›
اللهُ هُوَ مَنْ سَيَغْلِبُ أيُّوبَ لَا إنْسَانٌ.
14 لَكِنَّ أيُّوبَ لَمْ يُوَجِّهْ كَلَامَهُ إلَيَّ،
وَأنَا لَنْ أرُدَّ عَلَيْهِ بِحُجَجِكُمْ.

15 «لَقَدْ فَشِلُوا بِالرَّدِّ عَلَيْكَ يَا أيُّوبُ،
فَبَدَأُوا يَكرِّرُونَ كَلَامَهُمْ!
16 وَانتَظَرْتُ، لَكِنَّهُمْ لَمْ يَتَكَلَّمُوا،
لِأنَّهُمْ وَاقِفُونَ دُونَ أنْ يُجِيبُوا.
17 فَأنَا أيْضًا سَأُدلِي بِرَأيِي،
وَسَأُصَرِّحُ أنَا أيْضًا بِمَا أعْرِفُهُ.
18 لِأنَّ عِندِي الكَثِيرَ لِأقُولَهُ،
وَالرُّوحُ الَّتِي فِيَّ تَدْفَعُنِي إلَى الكَلَامِ.
19 وَدَاخِلِي كَزُقَاقِ خَمْرٍ جِلْدِيَّةٍ مُغلَقَةٍ.
كَأوعِيَةِ نَبِيذٍ تُوشِكُ أنْ تَنْشَقَّ.
20 دَعُونِي أتَكَلَّمُ فَأُعَبِّرَ عَنِ الرُّوحِ الَّتِي فِي دَاخِلِي.[j]
دَعُونِي أفتَحُ شَفَتَيَّ لِأُعْطِيَ جَوَابًا.
21 لَنْ أنحَازَ إلَى أحَدٍ
وَلَنْ أتَمَلَّقَ أحَدًا،
22 لِأنِّي لَا أعْرِفُ كَيْفَ أتَمَلَّقُ،
وَإلَّا فَسَرْعَانَ مَا سَيَأْخُذنِي خَالِقِي.

33 «لَكِنْ اسْمَعِ الآنَ كَلَامِي يَا أيُّوبُ،
وَانتَبِه إلَى كَلِمَاتِي.
سَأفتَحُ فَمِي،
وَسَأتَحَدَّثُ بِمَا فِي فِكْرِي.
سَأقُولُ مَا يَجُولُ حقًّا فِي خَاطِرِي،
وَسَيَنْقُلُ لِسَانِي بِإخْلَاصٍ مَا أعرِفُهُ.
رُوحُ اللهِ خَلَقَنِي،
وَنَسْمَةُ القَدِيرِ أحْيَتْنِي.
فَإنْ كُنْتَ تَسْتَطِيعُ الرَّدَّ عَلَيَّ،
فَحَضِّرْ حُجَّتَكَ وَقِفْ.
أنَا مِثْلُكَ فِي حَضْرَةِ اللهِ.
فَقَدْ قُطِعْتُ أيْضًا مِنَ الطِّينِ.
فَلَيْسَ هُنَاكَ مَا يُخِيفُكَ مِنِّي،
وَقُوَّتِي لَنْ تُثَقِّلَ عَلَيْكَ.

«غَيْرَ أنَّكَ تَكَلَّمْتَ فِي أُذُنِي،
فَسَمِعتُ صَوْتَكَ حِينَ تَكَلَّمْتَ.
تَقُولُ: ‹أنَا نَقِيٌّ بِلَا ذَنبٍ،
وَطَاهِرٌ بِلَا إثمٍ.
10 غَيْرَ أنَّ للهِ أسبَابًا فِي مُعَادَاتِي،
وَيَحْسِبُنِي عَدُوًّا لَهُ.
11 يُقَيِّدُ قَدَمَيَّ بِالحَدِيدِ وَالخَشَبِ،
وَيَحْرُسُ كُلَّ مَنَافِذِ هُرُوبِي.›

12 «إنَّكَ مُخطِئٌ حَقًّا فِي هَذَا،
وَلِهَذَا سَأُجِيبُكَ:

«إنَّ اللهَ أعْظَمُ مِنْ كُلِّ البَشَرِ.
13 لِمَاذَا تَتَّهِمُهُ وَتَقُولُ:
‹إنَّ اللهَ لَا يُجِيبُ عَنْ كُلِّ اتِّهَامَاتِ الإنْسَانِ؟›
14 لَكِنَّ اللهَ يُكَلِّمُ النَّاسَ بِطُرُقٍ مُخْتَلِفَةٍ،
وَالإنْسَانُ لَا يُدْرِكُ ذَلِكَ.
15 يَتَحَدَّثُ فِي حُلُمٍ،
فِي رُؤيَا اللَّيلِ.
عِنْدَمَا يَنْعَسُ النَّاسُ وَيَنَامُونَ،
16 حِينَئِذٍ، يَفْتَحُ اللهُ آذَانَهُمْ،
وَيُخِيفُهُمْ بِتَحْذِيرَاتِهِ.
17 لِيُحَوِّلَ الإنْسَانَ عَمَّا يَفْعَلُهُ،
وَلِيَمْنَعَ الإنْسَانَ مِنَ التَّكَبُّرِ أوِ التَّفَاخُرِ.
18 يَحْفَظُهُ اللهُ مِنَ الهَاوِيَةِ،
وَيَحْفَظُ حَيَاتَهُ مِنْ عُبُورِ نَهْرِ المَوْتِ.
19 يُؤَدِّبُهُ بِالوَجَعِ عَلَى فِرَاشِهِ،
وَبِألَمٍ مُتَّصِلٍ فِي عِظَامِهِ.
20 فَيَكْرَهُ الطَعَامَ،
وَيَنْفُرُ حَتَّى مِنْ أطَايِبِهِ.
21 لَا يَعُودُ لَحْمُهُ يُرَى مِنَ الهُزَالِ،
وَتَبْرُزُ عِظَامُهُ وَتُرَى.
22 مِنَ الهَاوِيَةِ تَقْتَرِبُ نَفْسُهُ.
مِنَ القَتَلَةِ تَدْنُو حَيَاتُهُ.
23 وَلَوْ كَانَ هُنَاكَ مَلَاكٌ وَاحِدٌ،
وَسِيطٌ هُوَ الأفضَلُ بَيْنَ ألفٍ،
يُدَافِعُ عَنِ استِقَامَتِهِ،
24 يَطْلُبُ لَهُ رَحْمَةً وَيَقُولُ للهِ:
‹جَنِّبْهُ الهُبُوطَ فِي الهَاوِيَةِ،
لِأنِّي دَبَّرتُ لَهُ فِديَةً.›
25 فَيَتَجَدَّدُ لَحْمُهُ كَشَّابٍ،
وَإلَيْهِ تَعُودُ قُوَّةُ الصِّبَا.
26 يُصَلِّي الإنْسَانُ إلَى اللهِ فَيَحْظَى بِرِضَاهُ.
وَيُسَرُّ اللهَ أنْ يُعلِنَ نَفْسَهُ لِلإنْسَانِ،
فَيَرُدُّ لِلإنْسَانِ حَقَّهُ.
27 يَهْتِفُ أمَامَ النَّاسِ وَيَقُولُ:
‹أذْنَبْتُ وَعَوَّجتُ المُسْتَقِيمَ،
لَكِنْ لَمْ أُجَازَ عَلَيْهِ.
28 بَلْ فَدَى نَفْسِي مِنَ الهَاوِيَةِ،
فَسَأنظُرُ إلَى نُورِ الحَيَاةِ وَأتَمَتَّعُ.›

29 «نَعَمْ، قَد يَفْعَلُ اللهُ كُلَّ هَذِهِ الأُمُورِ
مَرَّتَيْنِ وَثَلَاثًا لِلإنْسَانِ،
30 لِكَي يَرُدَّ نَفْسَهُ مِنَ الهَاوِيَةِ وَالهَلَاكِ،
وَيُنِيرَ عَلَيْهِ بِنُورِ الحَيَاةِ.

31 «انتَبِهْ يَا أيُّوبُ، وَاستَمِعْ إلَيَّ.
اصْمُتْ وَدَعْنِي أتَكَلَّمْ.
32 إنْ كَانَ لَدَيكَ جَوَابٌ فَقُلْهُ،
لِأنِّي أتَمَنَّى أنْ أجِدَكَ مُحِقًّا.
33 وَإنْ لَمْ يَكُنْ لَدَيكَ جَوَابٌ، فَاسْتَمِعْ إلَيَّ.
اصمُتْ وَسَأُعَلِّمُكَ الحِكْمَةَ.»

34 ثُمَّ تَابَعَ ألِيهُو فَقَالَ:

«اسْتَمِعُوا أيُّهَا الحُكَمَاءُ إلَى كَلَامِي،
وَأصغُوا إلَيَّ يَا أصْحَابَ المَعْرِفَةِ.
لِأنَّ الأُذُنَ تَتَفَحَّصُ الكَلَامَ،
كَمَا يَذُوقُ اللِّسَانُ الطَعَامَ.
فَلْنُقَرِّرْ لِأنفُسِنَا مَا هُوَ العَدلُ،
وَلِنَكْتَشِفْ مَعًا مَا هُوَ صَالِحٌ.
لِأنَّ أيُّوبَ يَقُولُ:
‹أنَا بَرِيءٌ، وَقَدْ ظَلَمَنِي القَدِيرُ.
أُدعَى كَاذِبًا رُغْمَ حَقِّي.
وَلَا شِفَاءَ لِجُرحِي مَعَ أنِّي لَمْ أقتَرِفْ ذَنبًا.›

«فَأيُّ إنْسَانٍ كَأيُّوبَ؟
يَشْرَبُ السُّخْرِيَةَ كَالمَاءِ!
وَيَسْلُكُ طَرِيقًا لِيَنْضَمَّ إلَى فَاعِلِي الشَّرِّ،
وَيُرَافِقُ المُجرِمِينَ.
لِأنَّهُ يَقُولُ:
‹لَا فَائِدَةَ مِنْ أنْ يُحَاوِلَ الإنْسَانُ إرضَاءَ اللهِ.›

10 «لِهَذَا اسْمَعُونِي يَا أصْحَابَ الفَهْمِ.
حَاشَا أنْ يَرْتَبِطَ اللهُ بِذَنبٍ،
وَأنْ تَكُونَ لِلقَدِيرِ عَلَاقَةٌ بِالشَّرِّ.
11 لِأنَّ اللهَ يُعْطِي الإنْسَانَ أُجرَةَ أعْمَالِهِ،
وَيَجْلِبُ عَلَيْهِ مَا يَسْتَحِقُّهُ.
12 وَحَاشَا للهِ أنْ يَحْكُمَ عَلَى النَّاسِ ظُلمًا،
وَلِلقَدِيرِ أنْ يَعْمَلَ بِغَيرِ عَدلٍ.
13 فَمَنِ الَّذِي أوْكَلَهُ عَلَى الأرْضِ؟
وَمَنْ عَيَّنَهُ عَلَى كُلِّ الكَوْنِ؟
14 إذَا قَرَّرَ أنْ يَسْتَرِدَّ رُوحَهُ
وَيَسْتَعِيدَ نَسَمَةَ الحَيَاةِ،
15 فَسَيَمُوتُ كُلُّ جَسَدٍ عَلَى الأرْضِ.
وَيَعُودُ الإنْسَانُ إلَى التُّرَابِ.

16 «إنْ كَانَ لَكَ فَهْمٌ فَاسْمَعْ هَذَا،
اسْتَمِعْ إلَى كَلَامِي:
17 إنْ كَانَ القَدِيرُ يُبْغِضُ العَدْلَ، فَكَيْفَ يَحْكُمُ؟
وَإنْ كُنْتَ بَارًّا، فَلِمَاذَا تَدِينُ القَدِيرَ؟
18 هُوَ الَّذِي يَقُولُ لِلمَلِكِ: ‹أنْتَ بِلَا قِيمَةٍ.›
وَلِلشَّرِيفِ: ‹أنْتَ شِرِّيرٌ.›
19 هُوَ اللهُ الَّذِي لَا يُفَرِّقُ بَيْنَ النَّاسِ،
وَلَا يَسْمَعُ طِلْبَاتِ الغَنِيِّ قَبْلَ الفَقِيرِ،
لِأنَّ كِلَيهِمَا عَمَلُ يَدَيهِ.
20 يُمُوتَانِ فِي لَحظَةٍ،
فِي مُنْتَصَفِ اللَّيلِ.
يَرْتَجِفُ النَّاسُ وَيَمُوتُونَ.
يُطِيحُ اللهُ بِالأقوِيَاءِ بِلَا جَهْدٍ.

21 «لِأنَّ عَيْنَيْهِ تُرَاقِبَانِ طُرُقَ الإنْسَانِ
وَيَرَى كُلَّ خُطُوَاتِهِ.
22 مَا مِنْ عَتْمَةٍ أوْ حَتَّى ظَلَامٍ عَمِيقٍ،
يُمْكِنُ أنْ يَخْتَفِيَ فِيهَا فَاعِلُو الشَّرِّ عَنِ اللهِ.
23 وَلَيْسَ لِلإنْسَانِ أنْ يُحَدِّدَ مَوعِدًا
فِيهِ يَأْتِي فِي حَضْرَةِ اللهِ لِلدَّينُونَةِ.
24 يُحَطِّمُ الأقوِيَاءَ وَلَا يَسألُ أحَدًا.
وَيُعَيِّنُ آخَرِينَ مَكَانَهُمْ.
25 إنَّهُ يَعْرِفُ أفعَالَهُمْ حَقًّا،
يَسْحَقُهُمْ فِي لَيلَةٍ وَاحِدَةٍ.
26 يُعَاقِبُهُمْ عَلَى أعْمَالِهِمُ الشِّرِّيرَةِ فِي العَلَنِ،
27 لِأنَّهُمْ لَمْ يَعُودُوا يَتْبَعُونَ اللهَ،
وَلَا يَلْتَفِتُونَ إلَى طُرُقِهِ،
28 حَتَّى جَعَلُوا صُرَاخَ الفَقِيرِ يَصِلُ إلَيْهِ.
هُوَ يَسْمَعُ صَرخَةَ المُضْطَهَدِينَ.
29 فَإنْ لَمْ يَفْعَلْ شَيْئًا،
فَمَنْ يَسْتَذْنِبُهُ؟
وَإذَا حَجَبَ وَجْهَهُ،
فَمَنْ يَقْدِرُ أنْ يَرَاهُ – أكَانَ شَعْبًا أمْ فَرْدًا؟
30 يَمْنَعُ الفَاسِدَ مِنْ أنْ يَصِيرَ مَلِكًا،
فَيَقُودَ شَعْبًا إلَى الدَّمَارِ.

31 «لَكِنْ قُلْ للهِ،
‹أذنَبتُ، وَلَنْ أنْحَرِفَ ثَانِيَةً.
32 عَلِّمْنِي مَا لَا أقدِرُ أنْ أرَاهُ.
إنْ أخْطَأتُ، فَلَنْ أعُودَ إلَيْهِ.›
33 فَهَلْ يُجَازِيكَ اللهُ حَسَبَ قَولِكَ إذَا رَفَضتَ حَقَّهُ؟
لِأنَّكَ أنْتَ الَّذِي يَختَارُ، لَا أنَا.
فَتَكَلَّمْ بِمَا تَعْرِفُ.
34 سَيَقُولُ لِي أصْحَابُ الفَهْمِ
وَالحَكِيمُ الَّذِي يَسْمَعُنِي:
35 ‹يَتَحَدَّثُ أيُّوبُ بِلَا فِهمٍ،
وَكَلَامُهُ يَخلُو مِنَ البَصِيرَةِ.›
36 لَيْتَ أيُّوبَ يُجَرَّبُ إلَى آخِرِ حَدٍّ،
لِأنَّهُ يُجِيبُ كَالأشرَارِ.
37 فَهُوَ يُضِيفُ إلَى خَطِيَّتِهِ خَطِيَّةً.
يَزِيدُ الشَّرَّ بَيْنَنَا،
وَيُكثِّرُ اتِّهَامَاتَهَ للهِ.»

35 ثُمَّ قَالَ ألِيهُو:

«أتَحْسِبُ أنَّ مِنَ الصَّوَابِ أنْ تَقُولَ:
‹أنَا أكْثَرُ استِقَامَةً مِنَ اللهِ›؟
إنْ قُلْتَ، ‹مَاذَا أستَفِيدُ؟
كَيْفَ أنْتَفِعُ إنْ تِرَكْتُ خَطِيَّتِي؟›

«سَأرُدُّ عَلَيْكَ وَعَلَى أصْحَابِكَ الَّذِينَ مَعَكَ،
تَطَلَّعْ إلَى السَّمَاوَاتِ وَانْظُرْ،
فَوْقَ الغُيُومِ الَّتِي تَعْلُوكَ كَثِيرًا.
اللهُ أعْلَى مِنْهَا.
إنْ أخطَأتَ، فَبِمَاذَا تَضُرُّ اللهَ؟
وَإذَا كَثَّرتَ مَعَاصِيكَ، فَكَيْفَ يُؤَثِّرُ هَذَا فِيهِ؟
إنْ كُنْتَ بَرِيئًا، فَكَيْفَ يَنْتَفِعُ بِبَرَاءَتِكَ؟
أوْ مَا الَّذِي يَنَالُهُ مِنْ يَدِكَ؟
لَا يُؤَثِّرُ شَرُّكَ إلَّا فِي إنْسَانٍ مِثْلِكَ،
وَلَا تُؤَثِّرُ بَرَاءَتُكَ إلَّا فِي البَشَرِ.

«يَصْرُخُ النَّاسُ مِنَ الِاضطِهَادِ العَظِيمِ،
وَيَسْتَغِيثُونَ بِأحَدٍ يُخَلِّصُهُمْ مِنْ ذِرَاعِ الأقوِيَاءِ.
10 وَلَا يَقُولُ أحَدٌ مِنْهُمْ مُتَذَمِّرًا:
‹أيْنَ اللهُ صَانِعِي الَّذِي يُعْطِي أغَانِيَ فِي اللَّيلِ،
11 يُعَلِّمُنَا أكْثَرَ مِنْ وُحُوشِ الأرْضِ،
وَيُعطِينَا حِكْمَةً أكْثَرَ مِنْ طُيُورِ السَّمَاءِ.›

12 «قَدْ يَصْرُخُونَ فَلَا يَسْتَجِيبُ اللهُ،
وَذَلِكَ بِسَبَبِ كِبرِيَاءِ الأشْرَارِ.
13 حَقًّا، لَا يَسْتَمِعُ اللهُ إلَى الكَلَامِ البَاطِلِ،
وَلَا يَلْتَفِتُ القَدِيرُ إلَيْهِ.
14 فَلِمَاذَا تَشْكُو مِنْ أنَّهُ لَا يَلْتَفِتُ إلَيْكَ؟
تَقُولُ إنَّ دَعْوَاكَ أمَامَهُ،
فَانتَظِرْ إذًا!

15 «يَظُنُّ أيُّوبُ أنَّ اللهَ لَا يُعَاقِبُهُ،
وَلَا يَبَالِي كَثِيرًا بِخَطَايَاهُ،
16 لِذَلِكَ يُواصِلُ أيُّوبُ كَلَامَهُ الفَارِغَ،
وَيُتَابِعُ ثَرثَرَتَهُ بِلَا مَعْرِفَةٍ.»

36 ثُمَّ أضَافَ ألِيهُو:

«فَاصْبِرْ عَلَيَّ قَلِيلًا فَأشْرَحَ لَكَ،
لِأنَّهُ مَا يَزَالُ هُنَاكَ كَلَامٌ
يُقَالُ دِفَاعًا عَنِ اللهِ.
سَأجْلِبُ مَعْرِفَتِي مِنْ بَعِيدٍ،
وَسَأُبَيِّنُ أنَّ خَالِقِي عَلَى حَقٍّ.
حَقًّا لَيْسَ فِي كَلَامِي زَيفٌ،
وَأنْتَ تَعْلَمُ هَذَا تَمَامَ العِلمِ.

«اللهُ قَدِيرٌ حقًّا وَلَا يَحْتَقِرُ النَّاسَ.
هُوَ قَدِيرٌ وَغَنِيٌّ فِي المَعْرِفَةِ وَالحِكْمَةِ.
لَا يَدَعُ الشِّرِّيرَ يَحيَا،
لَكِنَّهُ يُنْصِفُ المَضطَهَدِينَ.
لَا يُحَوِّلُ عَيْنَيْهِ عَنِ الأبرِيَاءِ،
يُجلِسُهُمْ مَعَ المُلُوكِ عَلَى العُرُوشِ إلَى الأبَدِ فَيَرْتَفِعُونَ.
وَإنْ كَانَ بَعْضُهُمْ مُقَيَّدِينَ بِسَلَاسِلَ،
أوْ إذَا أسَرَتْهُمْ قُيُودٌ ألِيمَةٌ،
فَإنَّهُ يُخبِرُهُمْ بِمَا فَعَلُوهُ،
وَيُعَلِّمُهُمْ عَنْ جَرَائِمِهِمْ عِنْدَمَا يَتَكَبَّرُونَ.
10 يَفْتَحُ آذَانَهُمْ عَلَى تَعْلِيمِهِ وَتَحْذِيرِهِ،
لِكَي يَرْجِعُوا عَنِ الشَّرِّ.
11 فَإنِ استَمَعُوا إلَيْهِ وَخَدَمُوهُ،
يُمْضُونَ بَقِيَّةَ حَيَاتِهِمْ فِي خَيرٍ،
وَسَنَوَاتِهِمْ بِالمَسَّرَّاتِ.
12 وَإذَا لَمْ يَسْمَعُوا،
فَسَيَضْرِبُهُمْ سَهمٌ،
فَيَنهَارُونَ وَهُمْ لَا يَعْلَمُونَ مَا أصَابَهُمْ!

13 «أمَّا فَاسِدُو القَلْبِ فَيَتَمَسَّكُونَ بِالغَضَبِ وَالمَرَارَةِ،
وَلَا يَصْرُخُونَ إلَى اللهِ حِينَ يُقَيِّدُهُمْ.
14 يَمُوتُونَ فِي شَبَابِهِمْ مَعَ مَنْ يُبِيحُونَ أجسَادَهُمْ
فِي عِبَادَةِ آلِهَتِهِمْ.
15 يَنْشِلُ المُحبَطِينَ مِنْ ضِيقَتِهِمْ،
وَفِي الإحْبَاطِ يَفْتَحُ آذَانَهُمْ،
وَيَجْعَلُهُمْ يَسْتَيْقِظُونَ.

16 «كَمَا يُخَلِّصُكَ مِنْ فَمِ الضِّيقِ،
إلَى مَكَانٍ رَحْبٍ غَيْرِ مَحصُورٍ عِوَضًا عَنْهُ.
وَتَمْتَلِئُ مَائِدَتُكَ طَعَامًا.
17 لَكِنَّ دَعْوَاكَ مَلأى بِالذُّنُوبِ،
لِذَلِكَ تُمْسِكُ بِكَ الدَّعوَى وَالعَدلُ،
فَتُعَاقَبُ.
18 لَا تَسْمَحْ لِغَيظِكَ بِأنْ يَجْذِبَكَ إلَى الشَّكِّ،
وَلَا تَتَرَاجَعْ بِسَبِبِ عِظَمِ فِدْيَتِكَ.[k]
19 هَلْ يُمْكِنُ لِتَوَسُّلَاتِكَ فِي وَقْتِ الضِّيقِ،
أوْ تَوَسُّلَاتِ كُلِّ أصْحَابِ النُّفُوذِ،
أنْ تُعِيدَ الأُمُورَ إلَى وَضْعِهَا؟[l]
20 لَا تَلْهَثْ وَرَاءَ الظُّلمَةِ الَّتِي تُغَطِّي الآخَرِينَ.[m]
21 احرِصْ عَلَى أنْ لَا تَلْتَفِتَ إلَى الشَّرِّ،
فَيَبْدُو أنَّكَ اخْتَرْتَ ذَلِكَ بِسَبَبِ ألَمِكَ.

22 «حَقًّا يَتَعَالَى اللهُ فِي قُوَّتِهِ،
أيُّ مُعَلِّمٍ مِثْلُهُ؟
23 مَنْ حَدَّدَ لَهُ طَرِيقَهُ؟
وَمَنْ يَسْتَطِيعُ أنْ يَقُولَ لَهُ:
‹قَدْ أخطَأتَ؟›
24 تَذَكَّرْ أنَّ عَلَيْكَ أنْ تُمَجِّدَ أعْمَالَهُ الَّتِي يَتَرَنَّمُ بِهَا النَّاسُ.
25 الجَمِيعُ يُرِيدُونَ أنْ يُبصِرُوا اللهَ،
لَكِنَّهُمْ يَرَوْنَهُ مِنْ بَعِيدٍ.
26 حَقًّا إنَّ اللهَ عَظِيمٌ،
وَلَا نَسْتَوْعِبُ عَظَمَتَهُ.
وَسَنَوَاتُ وُجُودِهِ لَا يُمْكِنُ أنْ تُحصَى.

27 «لِأنَّهُ يَجْذِبُ قَطَرَاتِ المَاءِ مِنَ الأرْضِ،
وَيُنْزِلُ المَطَرَ عَبْرَ الضَّبَابِ.
28 هُوَ الَّذِي يَجْعَلُ الغُيُومَ تَقْطُرُ،
وَيُرسِلُ مَاءً كَثِيرًا عَلَى النَّاسِ.
29 حقًّا مَنْ يَسْتَطِيعُ أنْ يَفْهَمَ كَيْفَ تَنْتَشِرُ الغُيُومُ،
وَكَيْفَ يَهْدِرُ الرَّعدُ مِنْ مَسكَنِهِ فِي السَّمَاءِ؟
30 هَا إنَّهُ يَنْشُرُ بَرْقَهُ حَوْلَهُ،
وَيُغَطِّي قَاعَ البَحْرِ.
31 لِأنَّهُ هَكَذَا يَقْضِي بَيْنَ النَّاسِ،
وَيُعطِيهِمْ طَعَامًا حَتَّى الفَيضِ.
32 يَقْبِضُ عَلَى البَرْقِ بِيَدِهِ،
وَيَأْمُرُهُ لِكَي يُصِيبَ هَدَفَهُ.
33 يُعلِنُ الرَّعْدُ قُدُومَ العَاصِفَةِ.
فَحَتَّى المَوَاشِي تَعْرِفُ أنَّهَا آتِيَةٌ.

37 «يَضْطَرِبُ قَلْبِي مِنَ البَرْقِ وَالرَّعْدِ،
وَيَقْفِزُ مِنْ مَكَانِهِ،
اسْتَمِعُوا اسْتِمَاعًا إلَى صَوْتِ اللهِ المُرْعِدِ،
وَإلَى هَدِيرِ فَمِهِ.
يُضِيءُ بَرْقُهُ السَّمَاءَ كُلَّهَا،
وَيَمْتَدُّ نُورُهُ إلَى أقَاصِي الأرْضِ.
ثُمَّ يَهْدِرُ الرَّعدُ.
يُرْعِدُ بِصَوْتِهِ الجَلِيلِ.
يَهْدِرُ صَوْتُهُ وَيَتَوَاصَلُ البَرْقُ.
يُرْعِدُ اللهُ بِصَوْتِهِ العَجِيبِ،
صَانِعًا أُمُورًا عَظِيمَةً لَا نَسْتَطِيعُ فَهمَهَا.
فَهُوَ يَقُولُ لِلثَّلجِ:
‹اسقُطْ عَلَى الأرْضِ،›
وَيَقُولُ لِلأمْطَارِ: ‹اشتَدِّي.›
يُعلِنُ رِضَاهُ عَنْ أعْمَالِ أيدِي البَشَرِ،
فَيَرَى النَّاسُ أعْمَالَهُ.
فَيَذْهَبُ الحَيَوَانُ إلَى جُحرِهِ،
لِيَكُونَ لَهُ مَأوَى.
تَأْتِي العَاصِفَةُ مِنْ مَخَزَنِهَا الجَنُوبِيِّ،
وَالبَردُ مِنَ الرِّيَاحِ الشِّمَالِيَّةِ.
10 مِنْ نَسمَةِ اللهِ يَأْتِي الجَلِيدُ،
فَتَتَجَمَّدُ المِيَاهُ بِمَسَاحَاتٍ وَاسِعَةٍ.
11 أيْضًا يَملأُ السَّحَابَةَ الكَثِيفَةَ بِالرُّطُوبَةِ،
وَيُبَعْثِرُ بَرْقَهُ فِي السَّحَابِ.
12 تَلْتَفُّ السُّحُبُ كَالدَّوَّامَةِ حَسَبَ قَيَادَتِهِ،
لِتَفْعَلَ كُلَّ مَا يَأْمُرُهَا بِهِ عَلَى الأرْضِ،
13 قَدْ يَصْنَعُ هَذَا كُلَّهُ مِنْ أجْلِ عَشِيرَةٍ مَا،
أوْ مِنْ أجْلِ أرْضٍ مَا،
أوْ بِسَبَبِ نِعْمَتِهِ.[n]

14 «اسْمَعْ هَذَا يَا أيُّوبُ.
قِفْ وَتَأمَّلْ عَجَائِبَ اللهِ تَأمُّلًا.
15 أتَعْرِفُ كَيْفَ يُسَيطِرُ اللهُ عَلَى السُّحُبِ،
وَيَجْعَلُ نُورَهُ يَبْرُقُ مِنْهَا؟
16 أتَعْرِفُ كَيْفَ يُعَلِّقُ الغُيُومَ الكَثِيفَةَ فِي السَّمَاءِ؟
هِيَ فَقَطْ وَاحِدَةٌ مِنْ أعَاجِيبِ اللهِ الكَامِلِ المَعْرِفَةِ.
17 كُلُّ مَا تَعْرِفُهُ هُوَ أنَّ ثِيَابَكَ تَلْتَصِقُ بِكَ مِنَ الحَرِّ،
وَتَهْدَأُ الأرْضُ عِنْدَ هُبُوبِ رِيحِ الجَنُوبِ.
18 لَكِنْ هَلْ تَسْتَطِيعُ أنْ تَنْشُرَ سُحُبَ السَّمَاءِ مَعَ اللهِ،
لِتَصِيرَ مِثْلَ مَعدِنٍ مَصقُولٍ.

19 «عَلِّمنَا مَاذَا نَقُولُ للهِ!
فَنَحْنُ الجُهَّالَ، لَا نَسْتَطِيعُ أنْ نُرَتِّبَ كَلَامَنَا!
20 أيُطلَبُ الإذنُ لِي بِالْكَلَامِ مَعَهُ!
فَوَاحِدٌ مِثْلِي قَدْ يَبْتَلِعُهُ اللهُ!
21 ألَيْسَ صَحِيحًا أنَّ النُّورَ يَسْطَعُ
حَتَّى عَبْرَ السُّحُبِ العَالِيَةِ،
ثُمَّ تَمُرُّ الرِّيحُ فَتُبَدِّدُهَا.
22 يَأْتِي اللهُ مِنَ الشِّمَالِ[o] بِمَجْدٍ ذَهَبِيٍّ،
يُحِيطُ بِهِ البَهَاءُ وَالجَلَالُ.
23 أمَّا القَدِيرُ فَلَا نَقدِرُ أنْ نَصِلَ إلَيْهِ.
عَظِيمٌ هُوَ فِي قُوَّتِهِ وَفِي أحْكَامِهِ،
وَلَا يُنَاقِضُ كَثْرَةَ عَدلِهِ بِالظُّلْمِ.
24 لِهَذَا يَهَابُهُ البَشَرُ،
فَهُوَ لَا يَتَحَيَّزُ لِمَنْ يَرَوْنَ أنْفُسَهُمْ حُكَمَاءَ.»

حَدِيثُ اللهِ إلَى أيُّوب

38 وَبَدَأ اللهُ يَتَكَلَّمُ مِنَ العَاصِفَةِ مُسْتَجِيبًا لِأيُّوبَ:

«مَنْ هَذَا الَّذِي يَلُفُّ الظَّلَامَ حَوْلَ مَقَاصِدِي بِكَلِمَاتٍ بِلَا مَعنَى؟[p]
تَهَيَّأْ كَرَجُلٍ،
وَبَعْدَ ذَلِكَ أنَا أسْألُكَ فَتُجِيبَنِي.

«أيْنَ كُنْتَ حِينَ وَضَعْتُ أسَاسَ الأرْضِ؟
أخْبِرْنِي إنْ كَانَ لَكَ فَهْمٌ.
مَنِ الَّذِي وَضَعَ قِيَاسَاتِهَا؟
أوْ مَنِ الَّذِي مَدَّ فَوقَهَا خَيطًا لِيَقِيسَهَا؟
عَلَى أيِّ شَيءٍ رُكِّزَتْ أسَاسَاتُهَا؟
أوْ مَنِ الَّذِي وَضَعَ حَجَرَ زَاوِيَتِهَا
عِنْدَمَا رَنَّمَتْ نُجُومُ الصُّبحِ مَعًا،
وَهَتَفَتِ المَلَائِكَةُ[q] فَرَحًا؟

«مَنِ الَّذِي حَصَرَ البَحْرَ خَلفَ أبوَابٍ،
عِنْدَمَا اندَفَعَ كَأنَّهُ خَارِجٌ مِنَ الرَّحِمِ.
عِنْدَمَا جَعَلْتُ أنَا الغُيُومَ لِبَاسًا لَهُ،
وَلَفَفْتُ غَيمَةً سَودَاءَ حَوْلَهُ.
10 عِنْدَمَا فَرَضْتُ عَلَيْهِ حَدِّي،
وَأقَمتُ قُضبَانًا وَأبوَابًا حَدِيدِيَّةً عَلَيْهِ،
11 عِنْدَمَا قُلْتُ لَهُ:
‹هَذَا حَدُّكَ فَلَا تَتَجَاوَزْهُ،
وَإلَى هُنَا حَدُّ أموَاجِكَ المُعتَزَّةِ؟›

12 «هَلْ أمرْتَ فِي حَيَاتِكِ الصَّبَاحَ أنْ يَطْلُعَ،
أوْ هَلْ أرَيتَ الفَجرَ أيْنَ يَمْكُثُ؟
13 هَلْ أمسَكْتَ الأرْضَ مِنْ أطرَافِهَا
لِكَي يُنْفَضَ عَنْهَا الأشرَارُ؟
14 تَرَى الأرْضَ وَكَأنَّهَا تَتَشَكَّلُ كَطِينٍ تَحْتَ خَتمٍ،
وَتَقِفُ التِّلَالُ وَالوِديَانُ كَطَيَّاتِ ثَوبٍ.
15 هَكَذَا يَظْهَرُ النُّورُ الَّذِي يَقِفُ فِي وَجْهِ الأشْرَارِ،
فَتُكَسِّرُ ذِرَاعَهُمُ المُرْتَفِعَةَ.

16 «هَلْ ذَهَبتَ يَومًا إلَى يَنَابِيعِ البَحْرِ،
وَهَلْ تَمَشَّيتَ فِي أعْمَاقِ المُحِيطِ؟
17 هَلِ انكَشَفَتْ لَكَ بَوَّابَاتُ المَوْتِ؟
وَهَلْ رَأيْتَ بَوَّابَاتِ الظُّلمَةِ العَمِيقَةِ؟
18 هَلْ تَسْتَوْعِبُ أبْعَادَ الأرْضِ؟
قُلْ، إنْ كُنْتَ تَعْرِفُ هَذَا كُلَّهُ.

19 «أيْنَ الطَّرِيقُ إلَى حَيْثُ يَسْكُنُ النُّورُ؟
وَأينَ بَيْتُ الظُلمَةِ؟
20 لَا شَكَّ أنَّكَ تَسْتَطِيعُ أنْ تُعِيدَهَا إلَى مَكَانِهَا.
وَتَعْرِفَ الطَّرِيقَ المُؤَدِّي إلَى النُّورِ.
21 لَا بُدَّ أنَّكَ تَعْلَمُ هَذِهِ الأُمُورَ لِأنَّكَ كُنْتَ مَولُودًا حِينَئِذٍ،
وَلِأنَّ عُمْرَكَ طَوِيلٌ!

22 «هَلْ ذَهَبْتَ يَومًا إلَى مَخَازِنِ الثَّلجِ،
أوْ رَأيْتَ مَخَازِنَ البَرَدِ
23 الَّتِي أبقَيْتُهَا لِوَقْتِ ضِيقٍ،
لِيَوْمِ حَرْبٍ أوْ مَعْرَكَةٍ؟
24 أيْنَ الطَّرِيقُ إلَى حَيْثُ يَخْرُجُ النُّورُ،
الَّذِي تَتَفَرَّقُ مِنْهُ الرِّيحُ الشَّرقِيَّةُ عَلَى الأرْضِ؟
25 مَنِ الَّذِي يَشُقُّ قَنَاةً لِمِيَاهِ الفَيَضَانِ،
وَطَرِيقًا لِقَصْفِ الرَّعدِ،
26 لِيَجْلِبَ المَطَرَ عَلَى أرْضٍ غَيْرِ مَسكُونَةٍ،
صَحرَاءَ لَا يَسْكُنُهَا إنْسَانٌ،
27 فَيَفِيضُ الخَيْرُ فِي الأرْضِ الجَرْدَاءِ،
وَيُطلِعُ العُشْبَ؟
28 هَلْ لِلمَطَرِ أبٌ؟
أوْ مَنْ أنْجَبَ قَطَرَاتِ النَّدَى؟
29 مِنْ أيِّ بَطنٍ يَخْرُجُ الجَلِيدُ؟
وَابْنُ مَنْ صَقِيعُ السَّمَاءِ؟
30 يَتَصَلَّبُ المَاءُ كَصَخرَةٍ،
وَيَتَجَمَّدُ سَطحُ المُحِيطِ.

31 «أتَقْدِرُ أنْ تَرْبِطَ حِبَالَ الثُرَيَّا؟[r]
أوْ أنْ تَفُكَّ حِبَالَ الجَبَّارِ؟[s]
32 أتَقْدِرُ أنْ تُخْرِجَ الكَوَاكِبَ فِي أوْقَاتِهَا،
أوْ تَهْدِي الدُّبَ الأكبَرَ[t] مَعَ بَنِيهِ؟
33 أتَعْرِفُ قَوَانِينَ السَّمَاوَاتِ؟
أوْ هَلْ تُحَدِّدُ القَوَاعِدَ الَّتِي تَحْكُمُ الأرْضَ؟
34 أتَقْدِرُ أنْ تَأْمُرَ الغُيُومَ،
فَتَغْمُرَ نَفْسَكَ بِفَيضِ المِيَاهِ؟
35 أتَقْدِرُ أنْ تَأْمُرَ الصَّوَاعِقَ بِالقَصْفِ،
فَتَقُولَ لَكَ: ‹سَمْعًا وَطَاعَةً؟›

36 «مَنْ جَعَلَ الحِكْمَةَ فِي النَّاسِ؟
أوْ مَنْ وَضَعَ فَهْمًا فِي أعمَاقِهِمْ.
37 مَنِ الَّذِي يُحْصِي الغُيُومَ بِالحِكْمَةِ؟
وَمَنِ الَّذِي يَسْكُبُ المَطَرَ مِنَ السَّمَاءِ
38 فَيُشَكِّلُ التُرَابُ طِينًا تَتَكَتَّلُ حَبَّاتُهُ؟

39 «هَلْ تَصطَادُ فَرِيسَةً لِلأسَدِ،
أمْ تَسُدُّ شَهِيَّةَ الأشْبَالَ،
40 عِنْدَمَا تَرْبِضُ فِي عَرِينِهَا
وَتَكْمُنُ لِفَرِيسَتِهَا فِي العُشبِ الكَثِيفِ؟
41 مَنْ يُزَوِّدُ الغُرَابَ بِالطَعَامِ
عِنْدَمَا تَصْرُخُ صِغَارُهُ مُسْتَغِيثَةً بِاللهِ،
وَتَهِيمُ بَاحِثَةً عَنْ طَعَامٍ؟

39 «أتَعْرِفُ مَتَى تَلِدُ المِعزَاةُ الجَبَلِيَّةُ؟
أتُرَاقِبُ الغُزلَانَ أثْنَاءَ آلَامِ الوِلَادَةِ وَتَحْمِيهَا؟
وَتَحْسِبُ الشُّهُورَ حَتَّى تَلِدَ؟
هَلْ تَعْرِفُ وَقْتَ وِلَادَتِهَا؟
حِينَ تَرْبِضُ وَتَلِدُ أوْلَادَهَا،
وَتَتَخَلَّصُ مِنْ آلَامِهَا.
يَصِيرُ أوْلَادُهَا أقوِيَاءَ،
يَكْبُرُونَ فِي البَرِّيَّةِ.
يَتْرُكُونَ أُمَّهَاتِهِمْ وَلَا يَعُودُونَ.

«مَنِ الَّذِي أطلَقَ الحِمَارَ البَرِّيَّ؟
مَنْ حَلَّهُ؟
جَعَلْتُ لَهُ فِي الصَّحْرَاءِ بَيْتًا،
وَمَكَانَ سَكَنٍ فِي الأرْضِ المَالِحَةِ.
يَضْحَكُ عَلَى ضَجِيجِ المَدِينَةِ،
وَلَا يَسْمَعُ أوَامِرَ مُرَاقِبِ العَمَلِ.
يَطُوفُ التِّلَالَ بَحْثًا عَنْ مَرَاعِيهِ،
وَيَسْعَى إلَى كُلِّ مَا هُوَ أخضَرُ.

«أيَرْضَى الثَّورُ البَرِّيُّ أنْ يَكُونَ لَكَ خَادِمًا؟
أوْ أنْ يَبِيتَ عِنْدَ مِذوَدِكَ؟
10 أتَقْدِرُ أنْ تَضَعَ نِيرًا عَلَى جَامُوسٍ بَرِّيٍّ لِيَحْرُثَ؟
أمْ يَرْضَى بِأنْ يُمَهِّدَ الحُقُولَ خَلفَكَ؟
11 أتَتَّكِلُ عَلَيْهِ لِقُوَّتِهِ العَظِيمَةِ؟
وَهَلْ تَتْرُكُ لَهُ عَمَلَكَ المُتْعِبَ؟
12 أتَتَّكِلُ عَلَيْهِ لِيُحضِرَ زَرعَكَ،
وَيَجْمَعَهُ إلَى بَيدَرِكَ؟

13 «يُصَفِّقُ جَنَاحَا النَّعَامَةِ،
مَعَ أنَّهُمَا لَيْسَا كَجَنَاحِ اللَّقلَقِ وَرِيشِهِ.
14 لَكِنَّهَا تَتْرُكُ بَيضَهَا عَلَى الأرْضِ،
تَضَعُهُ عَلَى التُّرَابِ لِتُبقِيَهُ دَافِئًا.
15 ثُمَّ تَنْسَى أنَّ قَدَمًا قَدْ تَدُوسُهُ،
وَأنَّ حَيَوَانًا بَرِّيًّا قَدْ يَسْحَقُهُ.
16 تَقْسُو عَلَى صِغَارِهَا كَأنَّهُمْ لَيْسُوا لَهَا.
وَلَا يُقلِقُهَا إنْ كَانَتْ قَدْ تَعِبَتْ عَبَثًا،
17 لِأنَّ اللهَ مَنَعَ عَنْهَا الحِكْمَةَ،
وَلَمْ يُعطِهَا فَهْمًا.
18 لَكِنْ عِنْدَمَا تَنْهَضُ وَتَبْدَأُ العَدْوَ،
تَضْحَكُ عَلَى الحِصَانِ وَرَاكِبِهِ.
19 أأنْتَ مَنْ تُعطِي الحِصَانَ قُوَّتَهُ،
وَتَكْسُو عُنُقَهُ عُرْفًا مُنْسَابًا؟
20 أتَجْعَلُهُ يَثِبُ كَجَرَادَةٍ،
وَهُوَ الَّذِي يُخِيفُ النَّاسَ بِصَهِيلِهِ ذِي الكِبرِيَاءِ؟
21 يَضْرِبُ الأرْضَ بِعُنفٍ بِحَافِرِهِ،
وَيُسرِعُ بِكُلِّ قُوَّتِهِ إلَى المَعْرَكَةِ.
22 يَهْزَأُ بِالخَوفِ وَلَا يَفْزَعُ،
وَلَا يَتَرَاجَعُ أمَامَ السَّيْفِ.
23 تُقَعْقِعُ عَلَيْهِ جَعْبَةُ السِّهَامِ،
وَوَمِيضُ الحَرْبِ وَالرِّمَاحِ.
24 يَبْتَلِعُ الأرْضَ وَسَطَ ضَجِيجِ الحَرْبِ،
وَعِنْدَ صَوْتِ البُوقِ لَا يَهْدَأُ،
25 عِنْدَ نَفخِ البُوقِ يَصْهَلُ مُتَحَمِّسًا!
وَيَشُمُّ رَائِحَةَ المَعْرَكَةِ مِنْ بَعِيدٍ.
يَسْمَعُ صِيَاحَ القَادَةِ وَصَرَخَاتِ القِتَالِ.

26 «أتَفْهَمُ كَيْفَ يَطِيرُ الصَّقرُ،
وَيَنْشُرُ جَنَاحَيهِ حَوْلَ الجَنُوبِ؟
27 أيُحَلِّقُ النَّسرُ بِأمْرِكَ؟
وَيَبْنِي عُشَّهُ فِي الأعَالِي؟
28 يَسْكُنُ عَلَى صَخْرَةٍ شَاهِقَةٍ،
وَيَبِيتُ عَلَى قِمَّتِهَا،
وَيَجْعَلُهَا حِصْنًا لَهُ.
29 يَبْحَثُ عَنْ طَعَامِهِ مِنْ هُنَاكَ،
وَيُرَاقِبُ فَرِيسَتَهُ عَنْ بُعْدٍ.
30 تَلْعَقُ صِغَارُهُ الدَّمَ،
وَحَيْثُ الجُثَثُ، فَهُنَاكَ تَجِدُهُ.»

40 ثُمَّ قَالَ اللهُ لِأيُّوبَ:

«أتُرِيدُ أنْ تَنْتَقِدَ القَدِيرَ وَتُجَادِلَهُ؟
مَنْ يُصَحِّحُ اللهَ، عَلَيْهِ أنْ يُقَدِّمَ أجْوِبَتَهُ!»

فَأجَابَ أيُّوبُ اللهَ وَقَالَ:

«حَقًّا أنَا سَخِيفٌ! فَبِمَاذَا أُجِيبُكَ؟
أضَعُ يَدِي عَلَى فَمِي وَأسكُتُ.
تَكَلَّمْتُ أكْثَرَ مِمَّا يَنْبَغِي،
وَلَنْ أزِيدَ عَلَى ذَلِكَ!»

فَأجَابَ اللهُ أيُّوبَ مِنَ العَاصِفَةِ:

«تَهَيَّأ كَرَجُلٍ،
أسألُكَ فَتُجِيبُنِي.

«أتُرِيدُ حَقًّا أنْ تُخَطِّئَ حُكْمِي؟
أوْ أنْ تَدِينَنِي كَي تَتَبَرَّأَ أنْتَ؟
ألَعَلَّ لَكَ قُوَّةَ اللهِ،
وَتُرْعِدُ بِصَوْتٍ كَصَوْتِهِ؟
10 إنْ كَانَتْ لَكَ قُوَّتُهُ،
فَتَزَيَّنْ إذًا بِالعَظَمَةِ وَالجَلَالِ،
وَالبِسِ المَجْدَ وَالجَمَالَ.
11 أطلِقْ غَضَبَكَ
وَحَمْلِقْ فِي كُلِّ مُتَفَاخِرٍ حَتَّى يَتَّضِعَ.
12 انْظُرْ إلَى كُلِّ مُتَفَاخِرٍ حَتَّى تُذِلَّهُ،
وَحَطِّمِ الأشرَارَ حَيْثُ هُمْ.
13 ادْفِنْهُمْ فِي التُّرَابِ مَعًا.
وَكَفِّنْهُمْ فِي القَبْرِ.
14 حِينَئِذٍ، سَأمدَحُكَ
لِأنَّ يَمِينَكَ تَقْدِرُ أنْ تُخَلِّصَكَ.

15 «انْظُرْ إلَى فَرَسِ النَّهرِ الَّذِي صَنَعتُهُ كَمَا صَنَعتُكَ،
يَأْكُلُ العُشبَ مِثْلَ المَوَاشِي.
16 انْظُرْ إلَى قُوَّةِ جَسَدِهِ،
وَقُوَّةِ عَضَلَاتِ بَطنِهِ.
17 يَحْنِي ذَنَبَهُ كَشَجَرَةِ أرْزٍ.
عَضَلَاتُ فَخْذَيهِ مَنسُوجَةٌ مَعًا.
18 عِظَامُهُ أنَابِيبُ نُحَاسٍ،
وَأطرَافُهُ كَقُضبَانِ حَدِيدٍ.
19 هُوَ الأوَّلُ بَيْنَ خَلَائِقِ اللهِ،
لَكِنَّ صَانِعَهُ يَهْزِمُهُ بِسَيفِهِ.
20 تأتِيهِ الجِبَالُ بِنِتَاجِهَا،
حَيْثُ تَلْعَبُ جَمِيعُ الحَيَوَانَاتِ البَرِّيَّةِ.
21 يَنَامُ تَحْتَ نَبَاتَاتِ اللُّوطُسِ،[u]
وَيَجْعَلُ مِنَ القَصَبِ وَالمُسْتَنْقَعَاتِ مَخبَأهُ.
22 تُغَطِّيهِ نَبَاتَاتِ اللُّوطُسِ بِظِلِّهَا،
وَيُحِيطُ بِهِ صَفْصَافُ الجَدَاوِلْ.
23 إذَا اندَفَعَ النَّهرُ، لَا يَنْزَعِجُ.
يَظَلُّ مُطمَئِنًّا وَلَوْ فَاضَ نَهْرُ الأُردُّنِّ إلَى فَمِهِ.
24 أيَقْدِرُ أحَدٌ أنْ يَصطَادَهُ بِصِنَّارَةٍ؟
أيَقْدِرُ أحَدٌ أنْ يَصطَادَهُ وَيَثْقُبَ أنْفَهُ؟

41 «أتَقْدِرُ أنْ تَسْحَبَ لَوِيَاثَانَ[v] مِنَ المَاءِ بِصِنَّارَةٍ؟
أوْ تَقْدِرُ أنْ تَرْبِطَ فَكَّيهِ بِحَبلٍ؟
أتَقْدِرُ أنْ تَضَعَ رِبَاطًا فِي أنفِهِ؟
وَهَلْ تَقْدِرُ أنْ تَخْتَرِقَ فَكَّهُ بِخَطَّافٍ؟
أيَسْتَرْحِمُكَ،
أوْ يُحَاوِلُ أنْ يُرضِيَكَ لِتَعْفُوَ عَنْهُ؟
أيَقْطَعُ مَعَكَ عَهْدًا؟
أتَتَّخِذُهُ عَبْدًا لَكَ دَائِمًا؟
أتُلَاعِبُهُ كَعُصفُورٍ؟
أتَرْبِطُهُ لِتَتَفَرَّجَ عَلَيْهِ فَتَيَاتُكَ؟
هَلْ يُسَاوِمُ الصَّيَادُونَ عَلَى شِرَائِهِ؟
وَهَلْ يُقَسِّمُونَهُ بَيْنَ التُّجَّارِ؟
أتَملأُ جِلْدَهُ حِرَابًا،
وَرَأسَهُ رِمَاحًا؟

«المِسْهُ مَرَّةً، وَانْظُرْ أيَّةَ مَعْرَكَةٍ سَتُواجِهُ!
لَنْ تَمَسَّهُ ثَانِيَةً!
حَقًّا يَخِيبُ أمَلُ الإنْسَانِ فِي إخْضَاعِهِ.
إذْ يَقَعُ أرْضًا لِمُجَرَّدِ رُؤيَتِهِ.
10 مَا مِنْ شُجَاعٍ يَجْرُؤُ أنْ يُوقِظَهُ،
فَمَنْ يَقِفُ بِوَجْهِي أنَا؟
11 مَنْ وَاجَهَنِي وَرَبِحَ؟
كُلُّ شَيءٍ تَحْتَ السَّمَاءِ لِي.

12 «لَنْ أسكُتَ عَنِ الحَدِيثِ عَنْ أطرَافِهِ
أوْ قُوَّتِهِ العَظِيمَةِ أوْ شَكلِهِ الجَمِيلِ.
13 مَنْ يَقْدِرُ أنْ يَخْلَعَ عَنْهُ ثَوبَهُ الخَارِجِيَّ؟
مَنْ يَقْدِرُ أنْ يَخْتَرِقَ دِرْعَهُ المُزدَوَجَ؟
14 مَنْ يَقْدِرُ أنْ يَفْتَحَ فَكَّيهِ الجَبَّارَينِ؟
فَأسنَانُهُ دَائِرَةُ رُعْبٍ.
15 ظَهرُهُ مِثْلَ صُفُوفٍ مِنَ الدُّرُوعِ
المُغلَقَةِ بِإحكَامٍ كَمَا بِخَتْمٍ.
16 قَريبٌ أحَدُهَا مِنَ الآخَرِ،
فَلَا تَسْتَطِيعُ الرِّيحُ أنْ تَدْخُلَ بَيْنَهَا.
17 وَيَتَّصِلُ أحَدُهَا بِالآخَرِ،
فَتَتَشَابَكُ وَلَا تَنْفَصِلُ.
18 عِطَاسُهُ يُشْبِهُ وَميضَ النُّورِ،
وَالشَّرُّ فِي عَيْنَيْهِ مِثْلُ أشِعَّةِ الفَجْرِ.
19 مِنْ فَمِهِ تَخْرُجُ مَشَاعِلُ لَهَبٍ،
تَنْفَلِتُ كَالشَّرَارِ!
20 وَمِنْ أنفِهِ يَخْرُجُ دُخَّانٌ،
كَأنَّهُ بُخَارٌ مِنْ قِدْرٍ يَغْلِي فَوْقَ نَارٍ مِنْ قَصَبٍ.
21 نَفَسُهُ يُشعِلُ الجَمْرَ،
وَمِنْ فَمِهِ يَخْرُجُ لَهَبٌ.
22 فِي عُنُقِهِ قُوَّةٌ هَائِلَةٌ،
وَكُلُّ مَنْ يَرَاهُ يَرْتَعِبُ.
23 طَيَّاتُ جِلْدِهِ مُتَلَاصِقَةٌ،
لَا يُمْكِنُ فَصلُهَا.
24 قَلْبُهُ مَسْبُوكٌ كَصَخرَةٍ.
كَحَجَرِ الرَّحَى السُّفلِي فَلَا يَتَزَحزَحُ.
25 يَنْهَضُ فَيَخَافُ حَتَّى الأقوِيَاءُ،
وَيَرْتَبِكُونَ مِنَ الضَرَبَاتِ الشَّدِيدَةِ.
26 يَصِلُ إلَيْهِ السَّيْفُ وَلَا يُخْتَرِقُ جِلْدَهُ،
وَكَذَلِكَ الحَرْبَةُ وَالسَّهمُ وَالرُّمحُ.
27 الحَدِيدُ عِنْدَهُ كَالقَشِّ،
وَالنُّحَاسُ كَالخَشَبِ المَنخُورِ.
28 لَا يَهْرُبُ مِنْ سَهمٍ،
وَحِجَارَةُ المِقلَاعِ تَرْتَدُّ عَنْهُ كَالقَشِّ.
29 إنْ ضَرَبَتهُ عَصًا غَليظَةٌ، يَحْسَبُهَا قَشَّةً،
وَيَهْزَأُ بِأصْوَاتِ الرِّمَاحِ.
30 بَطنُهُ أشبَهُ بِشَظَايَا فَخَّارٍ مُكَسَّرَةٍ حَادَّةٍ،
يَتْرُكُ عَلَامَاتٍ فِي الوَحلِ كَدَرَّاسَةٍ.
31 يُقَلِّبُ البَحْرَ كَحِسَاءٍ يَغْلِي فِي قِدْرٍ،
وَيَجْعَلُ البَحْرَ يُزْبِدُ كَقِدْرٍ تُمزَجُ فِيهِ المَرَاهِمُ.
32 يَتْرُكُ أثَرًا خَلْفَهُ،
فَتَظُنُّ البَحْرَ العَمِيقَ أشْيَبَ!
33 هُوَ بِلَا نَظِيرٍ عَلَى الأرْضِ،
مَخْلُوقٌ بِلَا خَوفٍ.
34 يَحْتَقِرُ كُلَّ مُتَعَالٍ
هُوَ مَلِكٌ عَلَى كُلِّ مَخْلُوقٍ مُتَكَبِّرٍ.»

Arabic Bible: Easy-to-Read Version (ERV-AR)

Copyright © 2009, 2016 by Bible League International